أميركيون يحذرون من استهداف السعودية لتغطية الفشل الغربي
22-تشرين الأول-2022
العالم - وكالات
بينما يقود الديمقراطيون حملة عنيفة ضد الرياض، ويتهمونها بالوقوف مع روسيا ضد الولايات المتحدة على خلفية قرار "أوبك+"، مطالبين بـ "قطع المساعدات العسكرية" أو تحويلها لدعم أوكرانيا، يرد نشطاء سعوديون في مواقع التواصل الاجتماعي بأن بلادهم لم تكن يوماً رهينة للمساعدات، بل تدفع ثمن الأسلحة الأميركية التي تحصل عليها، لتعود للأميركيين كوظائف وفرص اقتصادية.
لكن نقاش تصحيح المفاهيم هذا لم يكن أميركياً - سعودياً فحسب، بل دار أيضاً بين أميركيين ومواطنيهم، ففي وقت سابق، رفض جيسون غرينبلات، مبعوث دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط سابقاً، خطاب بعض أعضاء الكونغرس الذي ينظر للسعودية وحليفتها الإمارات وكأنهما "دولتان تابعتان"، لا تملكان مصالح وطنية واستراتيجية خاصة.
واتخذ مواطناه ديفيد رونديل رئيس البعثة الأميركية في السعودية سابقاً، ومايكل فويلز المستشار السياسي السابق للقيادة المركزية الأميركية، موقفاً مماثلاً، إذ شددا في مقالة نشرها موقع "نيوزويك" يوم الجمعة 21 أكتوبر (تشرين الأول) على المحافظة على العلاقة مع الرياض، مشيرين إلى أن الهجوم على السعودية ينم عن عدم فهم لمواقفها السياسية والاقتصادية، والظروف التي أدت إليها.
وعلق رونديل وفويلز على محاولة القادة الغربيين البحث عن طرف لتحمل اللوم ومسؤولية ارتفاع أسعار الطاقة، مشيرين إلى أن هؤلاء القادة غاضبون من أن السعودية لم تلقِ لهم طوق نجاة، متغاضين عن "حقيقة أن الحرب في أوكرانيا، والإنفاق الحكومي الهائل أثناء الجائحة، وتراجع إنتاج النفط الأميركي، أثرت في أسعار الوقود مثل أوبك". وأضافا "لقد نسوا أن بيعنا الأسلحة للسعوديين وتبادل المعلومات الاستخبارية معهم ليس مجانياً، بل لأن من مصلحتنا القيام بذلك".
وحذر المسؤولان السابقان من استهداف السعودية، ورجحا بأن يؤدي "السعي إلى معاقبة دولة مستقلة مالياً وواثقة من نفسها إلى نتائج عكسية"، مشيرين إلى أنه على عكس عديد من الدول النامية، فإن "السعودية ليست دولة متلقية للمساعدات الخارجية الغربية، بل غالباً ما يقدم السعوديون الدعم المالي لأجندة السياسة الخارجية الغربية"، من خلال دعم عدد من الدول العربية. يستحضر الكاتبان الدعم السعودي للأفغان ضد السوفيات كدلالة على قوة العلاقة بين السعودية وأميركا وحلفائها الغربيين في ذلك الوقت، ويذكران أنه عندما طلب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق زبغنيو بريجنسكي من السعودية في فبراير (شباط) 1980، الوقوف ضد غزو الاتحاد السوفياتي، وافق العاهل السعودي آنذاك الملك خالد بن عبد العزيز سريعاً على طلبه وأيد الموقف الأميركي.
لكن بين دعم السعودية للأفغان، ورفضها طلبات المسؤولين الأميركيين والأوروبيين للمساعدة في الحد من ارتفاع أسعار النفط، بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، عقود طويلة، تغيرت خلالها، بحسب المسؤولين السابقين، ملامح العلاقة بين السعودية والغرب لأسباب عدة، منها "انتهاء الحرب الباردة"، وتغير نهج موسكو "التي لم تعد تروج للإلحاد أو الإطاحة بالملكيات العربية".
ويستشهد الكاتبان بتصريح لسفير السعودية لدى واشنطن سابقاً الأمير بندر بن سلطان، يشير إلى أن تدخل الرياض لدعم الأفغان لم يكن بناءً على حجج محوري الشرق والغرب، أو الخطاب الأميركي المناهض للشيوعية، بل على أسس دينية، ولذلك، "حركت السعودية العالم الإسلامي وأوضحت لهم بأن الاتحاد الشيوعي يدعم الإلحاد ولا يؤمن بوجود الله".
ويلفت المسؤولان الأميركيان السابقان إلى أخذ الرياض مصالحها بعين الاعتبار، قائلين إن العاهل السعودي "لا يدير محطة وقود عالمية أو مؤسسة خيرية دولية، وإنما "يسعى لمصالح وطنه والمحافظة على عائداتها من النفط"، ولذلك دفع تذبذب أسعار النفط الرياض إلى العمل على تعزيز استقرار الأسعار، واتخاذ قرارات كخفض الإنتاج.
وترجع المقالة فتور العلاقات بين السعودية والغرب إلى تشكيك الرياض في موثوقية الغرب كشريك أمني، إذ أصبحت التهديدات الغربية بقطع مبيعات الأسلحة روتينية، وأجبر تردد الولايات المتحدة في تزويد السعودية بتكنولوجيا الطائرات المسيرة، إلى الحصول عليها من إيطاليا والصين.
وأضافت المقالة مواقف أخرى تطعن في موثوقية الغرب لدى السعودية منها دعم الاتفاق النووي الذي من شأنه ملء خزائن النظام الإيراني، وانسحاب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق الذي مهد لصعود تنظيم "داعش"، إضافة إلى "الانسحاب الغربي المتسرع من أفغانستان".
ولم تتأثر العلاقات السعودية مع الغرب بتباين السياسات فقط، بل أسهم التصعيد الإعلامي من وقت لآخر في توسيع هوة الخلافات، إذ يقول المسؤولان الأميركيان السابقان إنه على رغم أن السعوديين يدركون بأن تصريحات السياسيين الغربيين خلال حملاتهم الانتخابية قد لا تعكس نواياهم الحقيقية، إلا أن الإشارات بأن السعودية "دولة منبوذة كانت مؤذية".