عبد الستار رمضان
كثيرة هي المطالبات والتعهدات التي وصلت الى حد الاتفاقات ووثائق الشرف التي وقعتها ونشرتها الكتل والاحزاب والشخصيات السياسية في الاصلاح والتغيير وتحسين منظومة الحكم بما يخدم الوطن والمواطن على حد سواء.
لكن حقائق الارض وواقع العراق يبين حجم الهدم والخراب الذي حل بالعراق بعد عام 2003 بسبب الطبقة السياسية التي تولت الحكم والتي وان تغيرت اسماء وحجم تمثيلها في مجلس النواب، لكنها ظلت تردد نفس الكلام وذات الحلول والمعالجات التي ظلت قاصرة وعاجزة عن التغيير والاصلاح المنشود في العراق.
ومع ان النظام السياسي في العراق قد تجاوز عمره عشرون عاما ومن المفروض انه قد وصل الى حد البلوغ والنضج الذي كان يمكن له ان يحقق الكثير من الخير والاستقرار والاصلاح والتغيير، بفضل المليارات من الوارادت والمساعدات التي كانت تهطل كالامطار على العراق من كل حدب وصوب.
لكنه حتى اليوم ونحن في الاشهر الاخيرة من عام 2023 مازال لم يستطع التقدم بخطوات حقيقية نحو المساءلة والعقاب وسيادة القانون الذي ظل سيفا مسلطا على بعض او قسم من العراقيين يتم تنفيذه بكل تمام وكمال عليهم لاسباب ودوافع سياسية وطائفية ومناطقية وعشائرية ومزاجية، في حين يبقى المتهمون او الاصح المجرمون الكبار يصولون ويجولون بمصير ومقدرات البلد بأسماء ومسميات تتغير حسب الظروف والمصالح الشخصية والحزبية والولاء والقرب من بعض دول الجوار.
فما هو التغيير الذي حصل بالعراق؟ وما هو التغيير المطلوب؟ لصالح الشعب ام لصالح مجموعة او طبقة جاءت وتسلطت وسادت بالقوة والسلاح والبطش والمال، وماذا يقصد بالاصلاح الشامل؟ ومن هم الفاسدون؟ وما هي آليات الاصلاح؟ وكيفية تحقيق الحد الادنى من العدالة للقضاء على الفقر والبطالة واسترداد الاموال المهربة بالداخل والخارج؟، وكيف يمكن حل قضايا آلاف المحكومين والموقوفين والمفقودين والمغيبين والضائعين في بلد كان له الاسبقية الاولى على البشرية في اختراع الكتابة وسن القوانين وتحقيق العدالة؟
ان عجلة الاصلاح والتغيير في العراق لا تتحرك لانه لا توجد جدّية او استمرارية في الاصلاحات، وعدم كفاءة مجلس النواب في اداء واجباته في الرقابة والتشريع، وتحوله الى أداة وحلبة لتصفية الحسابات، بل انه قد اصبح احدى حلقات الفساد، لان طريق الوصول اليه لا يتم على اساس الكفاءة والمهنية، بل على اسس ومؤهلات اخرى هي الطائفية والعشائرية والحزبية والولاءات الى كل شيء غير هموم وحقوق الوطن والمواطن.
العراق يحتاج الى تطبيق كامل لاحكام الدستور وانجاز التعديلات المطلوبة منذ عدة سنوات، واصلاحات اقتصادية حقيقية تحرك عجلة الاقتصاد وتوفر العمل والانتاج بدلأ من التبجح واعلانات توسيع شبكة الحماية الاجتماعية ورواتب الرعاية التي حولت الملايين الى عاطلين ومعوقين ومتسولين وهو اساءة قبل ان يكون لصالح العراقيين.
كما ان تغيير نظام الانتخابات وتقليص عدد اعضاء مجلس النواب وتقليل وحجب كل الامتيازات والرواتب الخيالية التي يتقاضوها سوف يجعل عضو مجلس النواب موظفا عاما او مكلفا بخدمة عامة حقا وحقيقة وليس كما هو الآن مشروع للتربح والاثراء، وذات الامر ينطبق على مجالس المحافظات التي تم الغاؤها واعيدت لمصلحة الاحزاب والكتل وليس لمصلحة الشعب الذي يحتاج اليوم الى احترام حقوقه التي اقرها الدستور بالتعليم والصحة والخدمات والامن وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وضرورة البناء السياسي على اساس المواطنة وليس على اساس المحاصصة وتشكيل الحكومة والادارات والمؤسسات الحكومية من شخصيات وطنية مخلصة تمتلك الاختصاص والكفاءة والقدرة على الادارة والقرار في مواجهة الفاسدين والمفسدين وتطبيق القانون والدستور على الجميع.