بغداد ـ العالم
قال موقع بريطاني متخصص بأخبار النفط، ان العراق يتحرك بشكل متزايد بعيدا عن نفوذ الولايات المتحدة، من خلال صفقات الطاقة مع موسكو وبكين، مشيرا الى قرار العراق مؤخرا زيادة إنتاجه النفطي، وتوريد هذه الزيادة الاضافية الى الصين، وإلى أن القمة بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تناولت قضية استئناف تصدير نفط الإقليم.
وذكر موقع "أويل برايس"، أنه في ظل التركيز الأساسي الحالي للولايات المتحدة في الشرق الاوسط على محاولة الحؤول دون توسع الحرب بين اسرائيل وحماس، فإن الصين وروسيا منشغلتان بتعزيز نفوذهما في مواقع أخرى من المنطقة، بما في ذلك مؤخرا في العراق.
واعتبر التقرير أن تعزيز النفوذ هذا لا يزال هدفا رئيسيا لبكين وموسكو من خلال توسيع وجودهما العراقي لثلاثة أسباب رئيسية، أولها أن العراق يمكن أن يصبح بسهولة أكبر منتج للنفط الخام على المستوى العالمي خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا في حال تم الحد من الفساد المستشري في قطاع النفط والغاز.
أما السبب الثاني، فهو بحسب التقرير الموقع الجغرافي للعراق في قلب الشرق الأوسط، بما يجعله حلقة وصل حيوية في إقامة شبكة من الاتصالات اللوجستية من شرق أوراسيا إلى غرب أوروبا.
وحول السبب الثالث، ذكر التقرير أن العراق يشكل مع إيران، التي يعمل تحت نفوذها الدائم، جوهر الهلال الشيعي الروحي والسياسي والعسكري والثقافي، مضيفا أنه كانت هناك موجة من النشاط خلال الأسبوعين الماضيين شملت العراق وروسيا والصين، تؤكد مدى جدية الاستمرار في كل هذه الخطط.
واوضح التقرير ان خطط زيادة إنتاج العراق من النفط ومن ثم إرسال هذا الانتاج الاضافي الى الصين، شهدت تسارعا خصوصا من خلال اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع الماضي برئاسة محمد شياع السوداني.
ونقل التقرير عن مصدر رفيع المستوى يعمل بشكل وثيق مع وزارة النفط العراقية قوله ان مجلس الوزراء العراقي وافق على زيادة صادرات النفط الخام إلى الصين بنسبة 50%، لترتفع بذلك من 100 ألف برميل يوميا الى 150 الف برميل يوميا، مضيفا انه تم الاتفاق ايضا على تعزيز الطاقة الانتاجية اليومية من اكبر حقول النفط في الرميلة، الذي يضم الشركاء BP (47.6%)، ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (46.4%)، ومؤسسة تسويق النفط الحكومية (6%)، من 1.3 مليون برميل يوميا إلى 1.4 مليون برميل يوميا مع نهاية العام الحالي.
ولفت التقرير إلى أن هذه الخطوات تمثل جزءا من خطة العراق لزيادة إنتاجه النفطي للوصول الى 8 ملايين برميل يوميا بحلول العام 2028، مضيفا أنه ما من سبب رئيسي لعدم تحقيق مثل هذه الزيادة وحتى وصولا حتى 12 مليون برميل يوميا، وهو انتاج ممكن بالنظر الى موارد العراق النفطية، لكن العقبة الوحيدة هنا تتلخص بالفساد المستشري في قطاع النفط والغاز والذي عرقل هذا التقدم طوال سنوات.
كما اشار التقرير الى انه في الاجتماع نفسه للحكومة العراقية في الأسبوع الماضي، جرى الاتفاق أيضا على ضرورة أن يقدم العراق دعمه الكامل لتطبيق كافة جوانب "الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين" والموقعة في كانون الأول/ديسمبر العام 2021، مضيفا أن هذه الاتفاقية تتشابه بحد كبير من حيث نطاقها وحجمها مع "اتفاقية التعاون الشامل بين ايران والصين لمدة 25 عاما".
وتابع التقرير أن الجزء الرئيسي من كلا الاتفاقيتين هو ان الصين لها حق الرفض الاول لجميع مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات التي ستطرح في العراق طوال مدة الصفقة، وان يتم منحها بنسبة 30٪ على الأقل من جميع مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات التي تشتريها.
وأضاف التقرير أن الجزء الرئيسي الآخر من الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين يسمح لبكين ببناء مصانع في كافة أنحاء البلد، مع ما يترتب على ذلك من إنشاء بنية تحتية مرتبطة بالمشاريع بما يخدم أيضا "مبادرة الحزام والطريق"، من خطوط سكك حديدية تحت إشراف موظفيها من الشركات الصينية المتواجدة على الأرض في العراق.
واوضح التقرير انه سيتم الانتهاء من البنية التحتية للسكك الحديدية في العراق بعد استكمال الشبكة في إيران، وهو ما بدأ بشكل جدي في أواخر العام 2020 بعقد كهرباء متعلق بخط السكة الحديد الرئيسي الذي يبلغ طوله 900 كيلومتر والذي يربط طهران بمدينة مشهد الشمالية الشرقية.
واضاف انه تم وضع خطط لإنشاء خط قطار فائق السرعة بين طهران وقم واصفهان وتوسيع هذه الشبكة المطورة حتى الشمال الغربي عبر تبريز التي تعتبر مقرا للعديد من المواقع الرئيسية المتعلقة بالنفط والغاز والبتروكيماويات، ونقطة الانطلاق لخط أنابيب الغاز تبريز-انقرة – الذي سيكون نقطة محورية لطريق الحرير الجديد الذي يبلغ طوله 2300 كيلومتر والذي يربط اورومتشي (عاصمة مقاطعة شينجيانغ الغربية الصينية) الى طهران، وسيربط كازاخستان وقيرغيزستان واوزبكستان وتركمانستان، قبل ان يصل الى اوروبا عبر تركيا.
ونقل التقرير عن مصدر عراقي قوله انه بالنظر الى حجم ونطاق البنية التحتية التي سيتم تطويرها، فإنه سيكون هناك تواجد مكثف لعناصر "الأمن" الصينيين في المشاريع الرئيسية في كافة انحاء العراق، مضيفا ان هذه العناصر سيتم دعمها ايضا من جانب أفراد الأمن المرتبطين بالشركات الايرانية المشاركة هي الاخرى في المشاريع الصينية-العراقية، وخاصة تلك التابعة لشركة "خاتم الانبياء" العملاقة التي يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني.
واعتبر التقرير أن الوجود المكثف للشركات الايرانية التي تحتفظ بعدد كبير من قوات الحرس الثوري داخل العراق، مثل "خاتم الانبياء"، سيتيح لإيران الاستمرار في خطتها طويلة الأمد لإقامة "الجسر البري" الاستراتيجي الى ساحل البحر المتوسط في سوريا.
وتابع ان موظفين آخرين من شركة "روسوبورو نيكسبورت" الروسية المملوكة للدولة والتي تحتكر جميع المنتجات والخدمات والتقنيات العسكرية مزدوجة الاستخدام، يظهرون في كافة مواقع تطوير البنية التحتية الرئيسية في العراق.
وختم التقرير بالاشارة الى وجود خطط طويلة الامد لروسيا (جنبا إلى جنب مع الصين) من اجل السيطرة على العراق الموحد، بما في ذلك اقليم كوردستان. وذكر باللقاء الذي عقد في 11 تشرين الأول/أكتوبر بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، حيث تحدثا بشكل عام عن تطوير قطاع النفط العراقي ووجود شركات النفط الروسية فيه.
لكن التقرير اعتبر أن الواقع وفق ما قاله مصدر عراقي يعمل بشكل وثيق مع وزارة النفط العراقية، يشير الى ان المناقشات شملت أيضا مستقبل صادرات النفط من اقليم كوردستان الى تركيا، والتي تلعب فيها شركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت"، دورا رئيسيا، بالنظر الى سيطرتها الفعالة على جزء كبير من نفط الإقليم منذ العام 2017.
واضاف انه بعد 3 أيام، عقد لقاء بين وزير الطاقة والنفط حيان عبد الغني، مع رئيس شركة "غازبروم" النفطية الروسية الكسندر ديوكوف، للبحث في مشاريع النفط والغاز المستقبلية في جنوب وشمال العراق.