مجاشع التميمي
خلال الساعات القليلة الماضية شهدت الأوضاع داخل العراق وخارجه هزات قوية سيكون لها تأثير مباشر على الشأن الداخلي العراقي مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في الثامن عشر من الشهر الجاري.
أولى وأخطر هذه الهزات هو تجدد المعارك في غزة، يقابله تهديد مباشر من المقاومة الإسلامية في العراق التي أعلنت بشكل مباشر انها "لن تترك أهلها في هذه الحرب يواجهون طواغيت العالم وحدهم (حسب بيانها)، وتعلن استعدادها وجهوزيتها، لتصعيد العمليات العسكرية داخل العراق وخارجه، إذا ما أصر العدو الأميركي على استمرار آلة القتل الصهيونية، سواء في غزة الصمود، أم في جنوب لبنان الإباء".
إذا توترت الأوضاع في العراق فهي ذاهبه للتصعيد وهذا ما سيتسبب في ازمة عراقية أمريكية وستكون الحكومة العراقية في حرج كبير، خاصة وأن الجيش الإسرائيلي استأنف العمليات العسكرية بوحشية كبيرة ضد غزة.
داخلياً شهدت محافظة ديالى تدهوراً أمنياً خطيراً حيث قتل العشرات نتيجة هجوم مسلح مصحوب بانفجار عبوة ناسفة بين أبناء قبيلة بني تميم التي تسيطر على المحافظة، في صراع واضح للسيطرة والنفوذ على محافظة ديالى بين عائلة زيني التي ينتمي لها النائب عن الفتح صلاح زيني التميمي ومحافظ ديالى مثنى التميمي عضو الفتح أيضاً، ويبدو ان هذا الصراع سيكون له التأثير السلبي المباشر على الأوضاع الأمنية في المحافظة خاصة وأن الهجوم استهدف تجمعاً انتخابياً.
وفي ملف آخر لا يقل خطورة عن ديالى هو أجواء الريبة والتوجس التي تسيطر على المحافظات الغربية حيث أزمة أعفاء رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي وتأثيرها على الأوضاع داخل المكون السني الذي عجز عن التوصل إلى البديل خاصة مع تطور الخلافات السنية السنية والخلافات الشيعية على الأسماء المرشحة لخلافة الحلبوسي. لكن برأيي يبقى التحدي الأخطر هو مقاطعة السيد مقتدى الصدر الذي دعا اتباعه وكل محبيه الى عدم المشاركة في الانتخابات، وهذا ما سيتسبب في ضعف المشاركة الانتخابية، خاصة وأن حجم القاعدة الجماهيرية الصدرية داخل الساحة الشيعية هي الأكبر في المحافظات الوسطى والجنوبية فضلاً عن المقاطعة من قبل القوى المدنية واهمها تمدن وحركة رفض، فضلاً عن الغالبية من الشعب العراقي الذي لم يقتنع بالمشاركة وهذا ما حصل في انتخابات 2021.
وفي كركوك الازمة يمكن ان تكون أكثر تعقيداً بعد تشكيك من قبل بعض الشخصيات العربية والتركمانية من تزوير ومخالفات في نتائج اقتراع مجالس المحافظات بكركوك، رغم أن المفوضية العليا للانتخابات أكدت رصانة سجل الناخبين وعدم وجود أي مسوغ قانوني لتأجيل الانتخابات في المحافظة.
اعتقد أن هذه هي أبرز الأسباب السياسية التي تواجه الانتخابات، لكن هناك أسباباً أخرى هي فنية فقد أخفقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في توزيع البطاقات الانتخابية "البايومترية" حيث تشير المعلومات الى أن عشرة ملايين ناخب لم يتسلم بطاقاتهم الانتخابية وهذه مشكلة، لأن المشاركة تشترط الحصول على البطاقة "البايومترية" كشرط من شروط المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات بحسب قانون الانتخابات المُعدّل لعام 2023.
ورغم كل ذلك فأن التحدي الأكبر هو المشاركة الانتخابية من قبل المواطنين من خارج جمهور الأحزاب، خاصة مع غياب دور المرجعية في حث المواطنين الشيعية للمشاركة وحالة التذمر وعدم الرضا من قبل المواطنين تجاه الطبقة السياسية.
اعتقد إن ذهبت الأمور نحو التصعيد وهذه فرضية مرجحة، فإن المتضرر منها هو رئيس الحكومة السيد محمد شياع السوداني الذي يبذل جهوداً مضنية بغية الحفاظ على استقرار حكومته ومحاولة تجنب الحكومة أي هزات ارتدادية، نتيجة هذه الازمات المتلاحقة، لأن الكثير من مشاريعه ربما سترى النور خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يسعى لتحقيقه، لكن تحالف إدارة الدولة ومنه قوى الإطار التنسيقي قد يحرج السوداني من خلال الإصرار على الذهاب لانتخابات "لا ناقة للشعب فيها ولا جمل".