إذا لم تذهبوا إليهم سيأتون إليكم
9-تشرين الأول-2023
محمد الكاظم

استخفافنا بملف شحة المياه في العراق سيفاقم من المشاكل التي تواجهها البلاد وسيجعلها تعيش على كف عفريت، لأن الأزمة المائية تهدد منظوماتٍ اقتصادية متكاملة تقوم على الزراعة وتربية المواشي أو صيد السمك وغيرها. وعدم إيجاد علاج لتلك المشكلة سيتسبب بهجرة السكان الذين تعتمد حياتهم على هذه المهن، وهذا يقود إلى اختلالات ديموغرافية ويقود الى العنف القائم على الصراع على الموارد والأراضي والمياه وفرص العمل. وهذه كلها تحديات سيواجهها الأمن القومي للبلاد في يوم من الأيام، أما وصول السكان إلى مرحلة العطش فيعني التسريع في هذا تحقق هذا المآل.
لو تأملنا المحافظات الأكثر فقراً على لائحة وزارة التخطيط العراقية سنجد ان محافظات المثنى والديوانية وذي قار وميسان تقع على رأس قائمة المحافظات الأكثر فقراً، وليس مصادفة ان تكون المحافظات الأكثر فقراً هي نفسها المحافظات الأقل حصولاً على المياه، وهذا يثبت ان هناك علاقة وثيقة بين نسبة الفقر وقلة المياه، فالقوى العاملة في العراق تعتمد كثيراً على الزراعة وعند فقدان الماء ستتوقف الأنشطة الاقتصادية المتعمدة على المياه ومنها النشاط الزراعي ما يولد مخاطر اجتماعية واقتصادية وأمنية وضغطاً على الخدمات والوظائف بعد لجوء الفئات المتضررة الى الهجرة إلى المدن.
ولكي نفهم مخاطر الأمر بصورة أكثر علينا ان نعود إلى خارطة توزيع النفوذ العشائري الحالي في العراق فهذه العشائر خاضت قبل نشوء الدولة الحديثة مئات المعارك الطاحنة فيما بينها من اجل تثبيت وجودها، فاغلب العشائر هاجرت من أماكن متعددة وخاضت معارك من اجل الحصول على عناصر الحياة (الأرض) و(الماء).
الآن خذوا هذه الأرقام التي زودني بها بعض الخبراء المرموقين وضعوها في حساباتكم. فمياه الأهوار انحسرت بنسبة 92%، فيما تعرض 70% من أراضي محافظ ذي قار مثلاً للتصحر، كما ان 85% من مياه نهر الفرات الذي يمر بمدينة الناصرية هي مياه مجاري. ومعنى هذه الأرقام ان العناصر الذي كفلت استقرار السكان (الماء والأرض) تتعرض للتهديد الذي بدأت بوادره تتضح عبر ملف الهجرة.
ضعوا في حساباتكم أيضاً ان قلة المياه لا تشكل تهديدا للأفراد فحسب وإنما تمثل تهديداً لمجتمعات كاملة، خذوا على سبيل المثال تهديد أهالي قضاء الإصلاح التي يسكنها 60 ألف نسمة بأنهم سيقومون بالهجرة الجماعية بعد ان جف النهر الذي يشربون منه الماء مطلع هذا العام، وما زلت أتذكر صرخات ذلك الرجل الذي قال ان بيته لا يتوفر فيه حتى أبريق ماء لاستخدامه في المرافق الصحية.
اذا شحت المياه وتسبخت الأرض ومات الجاموس وانقرض السمك ما الذي يبقى السكان المحليين في أماكنهم؟ سيلجأ أغلبهم حتماً الى الهجرة وإنشاء مجتمعات صغيرة جديدة على هوامش المدن ما يتسبب بضغط على صعيد الخدمات والبنية التحتية وسوق العمل والأمن الاجتماعي. هذا السيناريو يدفعني الآن الى ان أطرح تساؤل أكثر إحراجاً: ماذا لو قررت مدن كاملة أو عشائر كاملة ان تهاجر؟ هل ستكون هذه الهجرات الجماعية سلمية في بلد تتوفر فيها 40 مليون قطعة سلاح؟
الطامة الكبرى تتمثل في الإهمال الكبير لمناطق الجنوب فلا تحظى تلك المناطق بزيارات رسمية للاطلاع على الأوضاع المعاشية عن كثب ولا يتم التفكير في حلول استراتيجية تعزز من قدرة السكان المحليين على التكيف ومقاومة شحة المياه. وهذا أمر يدفعني إلى إطلاق التحذير التالي: اذهبوا لتتعرفوا على مشاكل سكان الأهوار وسكان الجنوب عموماً، فأن لم تذهبوا إليهم سيأتون إليكم.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech