بغداد – العالم
رفعت إسرائيل حالة التأهب على طول الحدود مع لبنان بعد اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري، فيما توعد "حزب الله" بالرد على العملية التي نُفّذت في معقله بالضاحية الجنوبية لبيروت، مما يذكي مخاطر امتداد الحرب في غزة إلى ما هو أبعد من القطاع الفلسطيني.
واستنفرت السلطات الإسرائيلية على طول المناطق الحدودية مع لبنان، واتخذت قراراً بإغلاق طرق "غير ضرورية"، إذ لن يُسمح للمزارعين بالاقتراب من الحقول القريبة من الحدود، كما تناقش إغلاق المدارس.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير لموقع "أكسيوس" إنّ "تل أبيب تستعد لانتقام كبير من حزب الله، الذي قد يشمل إطلاق الجماعة صواريخ بعيدة المدى باتجاه أهداف في إسرائيل".
وعممت الشرطة الإسرائيلية رسالة إلى عناصرها في مختلف مديريات، حثتهم فيها بزيادة اليقظة تحسبا لوقوع هجمات، كما تجري استعدادات خاصة في نجمة داود الحمراء في جميع أنحاء البلاد. وفق هيئة البث الإسرائيلية "كان".
وكذلك صدرت تعليمات للشرطة بتوجيه فرق الحراسة المسلّحة في المستوطنات، وتوجيه قواتها في مختلف المناطق بأن "تكون على استعداد لأي تطورات".
وقال الناطق باسم الجيش دانيال هاغاري في مؤتمر صحافي "(الجيش) في حالة تأهب (...) دفاعا وهجوما. نحن على أهبة الاستعداد لكل السيناريوهات" بدون التعليق بشكل مباشر على مقتل العاروري.
وأضاف "أهم أمر نقوله الليلة هو أننا نركز على محاربة حماس ونواصل التركيز على ذلك".
وعندما سئل في وقت سابق عن الضربة التي قتلت العاروري، قال الجيش الإسرائيلي إنه "لا يعلق على تقارير وسائل الإعلام الأجنبية".
وقال مسؤولان أمنيان لبنانيان لوكالة الصحافة الفرنسية إن العاروري قتل في ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله.
ومساء الثلاثاء، قالت وكالة الأنباء اللبنانية إن "ضربة جوية بثلاثة صواريخ من مسيًرة إسرائيلية، استهدفت مقرا لحركة حماس في ضاحية بيروت الجنوبية، وأسفرت عن 7 شهداء وإصابة 11 آخرين"، فيما نعت "حماس" في بيان العاروري والقياديَين في "كتائب القسام" سمير أفندي وعزام أقرع، و4 آخرين من كوادر الحركة.
ويعتبر العاروري (57 عاما) من مؤسسي كتائب "عزالدين القسام"، الجناح المسلح لحركة "حماس"، حيث بدأ في الفترة الممتدة بين عامي (1991 ـ 1992) بتأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية.
وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء أطلق "حزب الله" اللبناني 3 صواريخ مضادة للدبابات على الجليل الأعلى شمال إسرائيل، بحسب إعلام عبري.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية "بعد وقت قصير من عملية الاغتيال في بيروت، أطلق حزب الله صاروخا مضادا للدبابات على منطقة موشاف مرغليوت على الحدود اللبنانية".
فيما قالت صحيفة "هآرتس" العبرية "أطلق حزب الله صاروخين مضادين للدبابات على موقع في منطقة المنارة، وأبلغ الجيش الإسرائيلي أن الدبابات تهاجم مصدر النيران".
وقال "حزب الله" في بيان مقتضب نشرته قناة "المنار" التابعة له "مجاهدونا استهدفوا مجموعة من جنود العدو الاسرائيلي في محيط موقع المرج بالأسلحة المناسبة وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح"، دون مزيد من التفاصيل. وهذه الصواريخ هي الأولى التي يطلقها "حزب الله" على إسرائيل، بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري في هجوم شنته طائرة مسيرة على مبنى بالضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.
وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، قال "حزب الله"، في بيان إن عملية اغتيال العاروري بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية "هي اعتداء خطير على لبنان ولن تمر من دون رد وعقاب".
واعتبر أن "جريمة اغتيال العاروري ورفاقه في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته، وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات".
وتابع البيان "(اغتيال العاروري) تطور خطير في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة".
ورأى أن "العدو المجرم الذي عجز بعد تسعين يوما من الإجرام والقتل والدمار من إخضاع غزة وخانيونس ومخيم جباليا وسائر المدن والمخيمات والقرى الأبية، يعمد إلى سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية".
وأشار إلى أن "هذه الجريمة النكراء لن تزيد المقاومين في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وإيران والعراق إلا إيمانا بقضيتهم العادلة والتزاما وتصميما أكيدا وثابتا على مواصلة طريق المقاومة والجهاد حتى النصر والتحرير".
وفي 28 أغسطس حذر الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، من أنّ "أيّ اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانيًا أو فلسطينيًا أو سوريًا أو إيرانيًا أو غيرهم، سيكون له رد الفعل القوي، ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات".
وتأتي عملية الاغتيال في بيروت، في وقت تشهد حدود لبنان الجنوبية مواجهات وقصفاً يومياً بين "حزب الله" من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى منذ 8 أكتوبر الماضي، ما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.
ولإسرائيل تاريخ طويل في اغتيال قادة للفصائل الفلسطينية خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي عادة لا تتبنى هذه العمليات.
وتوعد مسؤولون إسرائيليون باغتيال قادة "حماس" في دول بينها لبنان وقطر، عقب هجوم الحركة ضد قواعد عسكرية ومستوطنات بغلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي؛ ردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى".