إعادة مجالس المحافظات.. هل تنتعش المحاصصة الحزبية وتنشيط صفقات الفساد من جديد؟
10-كانون الأول-2022
بغداد ـ العالم
تصر معظم القوى السياسية في العراق على إعادة إنتاج مجالس المحافظات (الإدارات المحلية)، التي جرى إلغاؤها بقرار من البرلمان استجابة لأحد مطالب الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، والتي اعتبرت في حينها بوابة للفساد وهدر الأموال.
وبحسب إحصائية مالية تتداولها مواقع محلية، فإن مجالس المحافظات كانت تستهلك سنويا ما لا يقل عن 200 مليار دينار عراقي (نحو 137 مليون دولار) كمرتبات شهرية ونفقات حمايات، وإقامة، ونفقات أخرى، بينها ما يُعرف بمخصصات الخطورة والضيافة.
عضو لجنة الأقاليم في البرلمان صلاح زيني، أعلن الأربعاء الماضي، قرب مناقشة قانون انتخابات مجالس المحافظات، مؤكدا أن "القانون حساس، ومن الضروري الإسراع في إجراء انتخابات محلية بعد غياب الرقابة في المحافظات بعد حل المجالس ونقل الصلاحيات منها".
فيما يكشف زميله في اللجنة ذاتها النائب محمد الشمري عن الشروع بتعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها في شهر تشرين الأول/ المقبل من العام 2023.
ويقول الشمري لـ"العالم"، انه "يجري حاليا إعداد وتعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات داخل لجنة الأقاليم والمحافظات"، مبيناً أن "إجراء الانتخابات يحتاج إلى ثلاث نقاط أساسية وهي توفر الإرادة السياسية، وهي موجودة بالفعل لدى الجميع، ووجود قانون ينضم العملية الانتخابية وهذا يناقش حاليا داخل اللجنة لاختيار الطريقة الانتخابية وهل ستكون طريقة (سانت ليغو) او (سانت) المعدل او الذهاب إلى الدائرة الواحدة او المتعددة على مستوى المحافظة".
أما المحلل السياسي علي البيدر فيقول إن "مجالس المحافظات مؤسسات دستورية، وأن قرار حلها كان خطأ وعلى المنظومة السياسية أن تكفر عن ذلك؛ لأن الأمر لا يتعلق بمزاج سياسي أو رغبة متظاهرين ووجهة نظر شارع، كون المؤسسات هذه موجودة بالدستور، وأن إلغاءها يجب أن يكون بتعديل دستوري".
ويضيف ان "وجه الاعتراض على عمل مجالس المحافظات، فمن المؤكد أنها كانت أدوات للفساد والصفقات لتمرير أعمال مشبوهة، لكن الخلل لا يكمن في الفكرة، وإنما بأداء عمل المجالس نفسها، فالكثير من أعضائها أثروا على حساب المال العام".
ويشير الى أن "غياب مجالس المحافظات أفقد المواطن العراقي تمثيله، لأن لدينا اليوم الكثير من المناطق، وفي محافظات معينة ليس لديها تمثيل برلماني، وفي الوقت نفسه ليس لها أدوات تنفيذية في مجالس المحافظات، وعليه فمن ينصف هؤلاء؟"
ويزيد "كذلك ظهرت حالة من الديكتاتورية الناعمة، وهي تفرد المحافظ ورؤساء الدوائر بالقرارات، حيث أصبح موضوع إقالة المحافظ بحاجة إلى جهود أكثر من جهود إقالة رئيس الوزراء، وكل ذلك أنتج واقعا فوضويا في إدارة المحافظات، وغيّبت الرقابة على المؤسسات في الإدارات المحلية".
ويخلص الى أن "موضوع إعادة مجالس المحافظات هو نتيجة حتمية، مع ضرورة الإشراف على إدارتها ومتابعتها من أجل تطبيق الدستور وضمان تمثيل للمواطن في الإدارات المحلية، خصوصا أن هناك محافظات ذات تنوع مكوناتي، لذلك مجالس المحافظات أراها بمنزلة حلقة وصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين".
وتخطط الحكومة العراقية، برئاسة محمد شياع السوداني، لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، في العام المقبل 2023، وفقا لما تضمّنه المنهاج الوزاري، مؤكدة أهمية تجاوز العقبات التي تواجه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لإتمام عملها.
وقال مكتب السوداني إنه "عقد اجتماعا مشتركا مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، حضره رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جليل عدنان، خُصص لبحث المعوقات التي تواجه عمل المفوضية والاستعدادات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، كما مقرر لها في البرنامج الحكومي خلال العام المقبل".
وأوضح البيان أنه جرى خلال الاجتماع استعراض ما تتطلبه المفوضية من دعم وإسناد على المستويين التشريعي والتنفيذي، من أجل مواصلة عملها على أكمل وجه. كما جرى الاتفاق على مواصلة التنسيق بين الحكومة والبرلمان لكل ما من شأنه تذليل العقبات أمام المفوضية.