إيكونوميست: أسلحة الصين قد تنعش حرب روسيا الفاشلة
5-آذار-2023
بغداد ـ العالم
طوال عقود، ضخت روسيا أسلحة إلى الصين، وحسب مجلة "إيكونوميست"، أرسلت روسيا إلى بكين أسلحة بقيمة ملياري دولار سنوياً كمعدل عام بين 2001 و2010 مع التوقيع على اتفاق ثمين بقيمة 7 مليارات دولار سنة 2015.
انقلب الوضع الآن. فقدت روسيا أكثر من 9400 قطعة من المعدات من بينها أكثر من 1500 دبابة خلال غزوها الفاشل لأوكرانيا. إنها تفتقر بشكل يائس للذخيرة. تقول أمريكا إن معلوماتها الاستخبارية تقترح أن الصين تدرس إمكانية تزويد روسيا بالأسلحة. قد يغير ذلك مجرى الحرب ويثير أيضاً أزمة أعمق في علاقة الصين مع أمريكا وأوروبا.
دير شبيغل ثم واشنطن بوست
كررت روسيا طلبها من الصين إرسال أسلحة منذ الأشهر الأولى للحرب. واعترضت الصين مراراً على ذلك مرسلة فقط مساعدات غير فتاكة مثل الخوذ ومواد ذات استخدام مزدوج كقطع طيران. لم يكشف المسؤولون الأمريكيون تفاصيل بشأن ما يعتقدون أن الصين تدرسه. لكن في 23 فبراير(شباط)، زعمت مجلة دير شبيغل الألمانية أن القوات الروسية المسلحة كانت تتفاوض مع الشركة الصينية شيان بينغو لتكنولوجيا الطيران الذكي من أجل شراء 100 طائرة هجومية بلا طيار. استخدمت روسيا مسيرات كهذه على الجبهات وكجزء من غارات منتظمة على شبكة الكهرباء الأوكرانية.
بعد يوم على تقرير دير شبيغل، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الصين كانت تفكر في إرسال قذائف، وهي الأسلحة الأكثر فتكاً في الحرب. تستخدم روسيا وأوكرانيا قذائف سوفييتية عيار 122 و152 مليمتراً في مدفعيتهما وقد جابتا العالم بحثاً عن مخزونات قديمة. لكن روسيا تفتقر للأصدقاء كي تطلب منهم ذلك. لقد جففت مستودعات بيلاروسيا، وزودتها كوريا الشمالية ببعض القذائف لكنها قلقة من استنفاد أسلحتها الخاصة. ولدى إيران القليل لتقدمه.
قذائف بكين.. قد تقلب الموازين
للصين قذائف ملائمة. لا يعرف سوى القليل عن حجم ونوعية مخزوناتها حسب المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية لوني هنلي. لكنها بالتأكيد ستكون كافية لدرء أزمة روسيا الوشيكة. سيمثل ذلك فارقاً كبيراً في نزاع يشكل فيه الاستنزاف عاملاً حاسماً وحيث كانت الوتيرة النسبية لإطلاق القذائف حاسمة في بعض الأحيان. لقد كافحت الصناعات الدفاعية على كلا الجانبين لزيادة الإنتاج. لدى الصين الثقل لقلب الموازين.
وهي رابع أكبر مصدر للأسلحة حول العالم. وتظهر ثماني من شركاتها في التصنيف الأخير لأكبر 100 شركة أسلحة حول العالم والذي أصدره معهد ستوكهولم لأبحاث السلام. احتلت سبع من هذه الشركات المراتب العشرين الأولى، وحلت في المركز الثاني بعد أمريكا. وفي السنوات الأخيرة، نمت مبيعات أكبر الشركات الصينية بشكل ملحوظ.
فرص الصين
أضافت إيكونوميست أن الحرب قد تقدم للصين فرصة إعادة ضبط علاقتها الدفاعية مع روسيا وإعادة التوازن إليها. طوال سنوات، استوردت التكنولوجيا العسكرية الروسية وأجرت هندسة عكسية على الكثير منها لتصنيع معدات منسوخة عنها. بين 2017 و2021، أتت نسبة 81% من وارداتها الدفاعية من روسيا بما فيها محركات أحدث المقاتلات الشبحية الصينية. حسب مايكل راسكا من كلية أس راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، للصين الآن فرصة أن تصبح "شريكاً مساوياً نسبياً للصناعة الدفاعية الروسية".
عوضاً عن إرسال معدات أولية، بإمكان الصين مساعدة روسيا على الالتفاف حول العقوبات الغربية عبر إرسال مكونات عالية التقنية للمسيرات وصواريخ كروز وأسلحة دقيقة التوجيه. يعتقد راسكا أن الصين قد تطلب بالمقابل تكنولوجيا محرك آر.دي-180 الصاروخي المستخدم لإطلاق المركبات إلى الفضاء وبشكل محتمل الصواريخ البالستية. قد تكون تكنولوجيا الغواصات ومحركات المقاتلات مغرية أيضاً. لكن القيادة الصينية حائرة.
عوضاً عن إرسال معدات أولية، بإمكان الصين مساعدة روسيا على الالتفاف حول العقوبات الغربية عبر إرسال مكونات عالية التقنية للمسيرات وصواريخ كروز وأسلحة دقيقة التوجيه. يعتقد راسكا أن الصين قد تطلب بالمقابل تكنولوجيا محرك آر.دي-180 الصاروخي المستخدم لإطلاق المركبات إلى الفضاء وبشكل محتمل الصواريخ البالستية. قد تكون تكنولوجيا الغواصات ومحركات المقاتلات مغرية أيضاً. لكن القيادة الصينية حائرة.
ما سبب الحيرة.. والغضب؟
لا تريد بكين رؤية روسيا مهينة على الميدان، بالحد الأدنى ليس على يد قاذفات الصواريخ الأمريكية والدبابات الأوروبية. قبل أسابيع قليلة على الغزو، احتفلت روسيا والصين بصداقتهما "غير المحدودة". وقد يحب البعض في بكين أيضاً فكرة تحويل الطاقات الأمريكية إلى أوروبا بعيداً من منطقة المحيطين الهندي والهادئ. لكن ثمة أسباب لضبط النفس. الصين غاضبة من الكرملين لأن النقاشات بشأن مبيعات الأسلحة التقطتها أمريكا ونشرتها وفق مسؤول أوروبي مطلع.
أرادت الصين أن يبقى أي دعم سرياً. هي تعلم أن دعم حملة روسيا سيفجر ادعاءها بكونها وسيطاً محايداً. وتجاهل حلفاء أوكرانيا مبادرة سلام صينية أحادية نشرتها في 24 فبراير(شباط). كذلك، سيزيد الدعم من تسميم العلاقة مع أمريكا ويثير رد فعل غاضباً في أوروبا. لقد حذر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزب بوريل والسفيرة الأمريكية إلى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد من أن إرسال أسلحة فتاكة إلى روسيا سينتهك "خطاً أحمر".
الصبر الصيني.. على المحك
حالياً، تلزم الصين الحذر. قال بوريل إن كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ بي أخبره خلال اجتماع في 18 فبراير أن الصين "لن تقدم أسلحة إلى روسيا". بالطبع، تابعت المجلة، ادعى وانغ أيضاً أن الصين لم ترسل أسلحة إلى دول في حالة حرب، وهو أمر تفعله بشكل روتيني. لكن في 24 فبراير، أعرب جو بايدن عن ثقته بأن وانغ كان على الأقل صريحاً في ما خص الجزء الأول. قال بايدن إنه لا يتوقع مبادرة كبيرة من جانب الصين على مستوى تسليم أسلحة إلى روسيا. لكن إذا بدا موقف روسيا الميداني يائساً في الربيع أو الصيف، حين تأمل أوكرانيا إطلاق هجوم، سيتعرض الصبر الصيني لضغط مكثف.