علي الشرع
لم يكن ما حدث في ليلة الأول من محرم في الصحن الحسيني من تجرأ رئيس الوقف الشيعي الموظف الحكومي على مدح الحكومة وبقية المؤسسات الرسمية للدولة بلا فائدة، بل بالعكس كان فيه فوائد متعددة. وكانت الفائدة الأهم هو أن رفض الجمهور الحسيني المتواجد في الصحن الحسيني كعيّنة ممثلة للشعب العراقي بل كل الشعب العراقي من وراء الشاشات التلفزيونية وفي مواقع التواصل الاجتماعي لخطاب رئيس الوقف الشيعي المتهم بالفساد اصلاً كشف لنا حقيقة مهمة وهي أن الشعب العراقي لا زال حياً ينبض وعيه بالمشاعر المحبة لأن يبقوا ويثبتوا على اتباع الامام الحسين عليه السلام ورفضاً ليزيد والظالمين رغم الضغوطات الخارجية المتواصلة والمركزة بل وكيد الحكومة نفسها من اجل جعله ينحرف عن مساره الصحيح ويتبع الشيطان.
ان ما فعله رئيس الوقف الشيعي كان مقصوداً، لكن من هو الذي دفعه الى ذلك، هذا هو السؤال الجوهري. الرجل كان قاصداً لاستفتاء الجمهور حول الحكومة والاطار التنسيقي وهل هو راض عنها بعد ان نشرت الحكومة جيوشها من العاملين في كل مكان في العراق من اجل تحسين الخدمات (ماعدا الكهرباء طبعاً فهذا ملف منسي)؟ ولقد جاء الرد سريعاً عالياً بالرفض، وأن كل ما فعلته الحكومة لحد الان هو استعراضي، فقد تناست ملف الكهرباء الذي حول حياة العراقيين الى جحيم وذهبت الى توفير خدمات ليست عاجلة مثل تبليط الشوارع مع انه لا تقاطع في تقديم هذه وتلك.
ونعود الى إجابة السؤال وهو من هي الجهة التي دفعت رئيس الوقف وورطته في القاء خطبة مثل هذه في مكان لا يصلح ان تمدح فيه احد من الناس الا من سار بركب الحسين عليه السلام وكان كالحسين عليه السلام في سيرته؟
الجواب هو اذا كان رئيس الحكومة السوداني هو من ارسل هذا الشخص لألقاء كلمته البائسة ولم يكن لدى الاطار التنسيقي علم بما جرى، فعلى الاطار التنسيقي ان يضغط على السوداني من اجل اقالة رئيس الوقف الشيعي فوراً، والدعوة الى انتخابات مبكرة حتى يضعوا حد لتصرفات السوداني الدكتاتورية التي وصلت الى عمق بعيد حتى وصلت الى اجبار مراكز البحث التابعة للتعليم العالي -حسب ما نما الى سمعي- الى عقد الورش والندوات لاستعراض إنجازات السوداني. واذا لم يفعل الاطار التنسيقي ذلك وكانوا على علم بما فعل رئيس الوقف الشيعي وبتأييد منهم فأن جميع الاطار التنسيقي: معمميه وافنديته هم اتباع يزيد، وعل الشعب العراقي الإطاحة بهم قبل ان يطل الطغيان برأسه علينا ولن ينجو هذه المرة احد منه.
ان ما فعله رئيس الوقف الشيعي ليست حادثة عابرة بل هي جس نبض مقصودة لابد ان يكون ازاءه موقف حاسم حتى لا يتجرأ مرة أخرى شخص اخر يريد ان يفرض علينا اتباع يزيد كونهم قاموا بواجبهم بتقديم الخدمات التي يمنّون بها على الشعب العراقي، ويريدون منه ان يمنحوا الولاية الثانية للسوداني والاطار.
وبالعودة الى الوقف الشيعي ورئيسه حيث لا يعلم احد ما هي انجازات الوقف الشيعي بل رئيسه المادح للسلاطين وشوه موقف جهة يفترض انها تتولى شؤون اوقاف مسؤولة عنها المرجعية الدينية وهم براء منه طبعاً، ومن فعله وكلمته الخبيثة؟ ماذا فعل الوقف الذي تنفق الأموال فيه وفقاً لرغبات المتنفذين فيه في حين لا توجد فيه أية ميزانية مخصصة للأبحاث وتشجيع طبع ونشر الكتب وهي احد مهام الوقف كونه جهة تبليغية. وهذه جامعة الامام الكاظم عليه السلام التي تنفق عليه اموالاً طائلة وهي لعمري حلقة زائدة حيث ان الاقسام فيها هي عبارة عن نسخ مكررة من الكليات الحكومية والأهلية ولا فائدة منها ترجى للمجتمع فضلاً عن وجود كادر تدريسي مستواه متدني يعمل فيها. والأولى ان تغلق هذه الكلية التي شوهت اسم الامام الكاظم عليه السلام حيث ان الهدف منها كان هو خلق مجتمع نظيف داخل الحرم الجامعي يطبق فيه الطلاب أسس الشريعة ولكن الامر هو بخلاف ذلك بل أسوأ حتى من الأجواء في الجامعات الحكومية. وانما ينتي الطلبة لهذه الكلية من اجل النجاح السهل وليس من اجل ان يعيشوا في أجواء إسلامية لا يعرف طعمها حتى رئيس الوقف المخادع نفسه. ولينتفع من بنايتها الفخمة كمركز أبحاث او مستشفى او ما شابه يفيد المجتمع اكثر.
لقد نغص هذا الرجل ليلة محرم على العراقيين المحبين للحسين عليه السلام فاذا
بقي هذا الرجل في منصبه ولم يتم الدعوة الى انتخابات مبكرة للإطاحة بالسوداني ومن يقف خلفه، فهذا يعني ان اتباع يزيد انتصروا علينا نحن اتباع الامام الحسين عليه السلام، وعلى الشعب ان يقول كلمته بسرعة ولا يتأخر في ذلك وليستفيدوا من التاريخ القريب حيث ان التأخير في التصدي لطاغية النظام السابق كلّفنا ثمناً باهضاً من جوع وموت ذريع وحروب. وسندفع نفس التكلفة بل اكثر اذا مرت هذه الحادثة دون عقاب لرئيس الوقف الشيعي حتى يتأدب من يتجرأ على الشعب العراقي وعقائده.