عامر بدر حسون
هذا اليوم هو افضل يوم في تاريخ البشرية!
هو الافضل رغم الصورة المخادعة في ذهنك للعصور الذهبية في تاريخك وتاريخ غيرك.
وهذا اليوم هو الافضل في تاريخ البشر رغم انني اكتب امام التلفزيون الذي يعرض افلام الجرائم الإسرائيلية في غزة.
كان البشر، طيلة تاريخهم، ينقادون، مثل العبيد، لغرائزهم وجشعهم وللوحش الذي في اعماقهم.
كل انتصاراتهم في معاركهم هي سلسلة من التدمير والقتل الشنيع.
وكان البشر طيلة وجودهم يعانون من الجوع والوحشة وعدم الاحساس بالأمان لان خطرا ما يتهددهم في كل لحظة.
ولم تنعم عين البشر باغماضة هنية مثل اغماضة عينك اليوم!
اروع حضارات البشر وانجازاتها، كانت تبدأ وتنتهي بقتل الرجال وسبي النساء والاطفال واستعبادهم بعد سلسلة من الحروب القاسية.
تاريخ العبودية، وتاريخ البشرية، هو اصلا تاريخ الحروب والسبي من قبل بشر لبشر اخرين..
ولم يكن ثمة ما يوقف الحروب عند حد معين الا تعب المنتصر من القتل وملله من القيام به.
وكل بناء عظيم في تاريخ البشرية، بدءا من بناء الاهرامات وانتهاء بشق اي نهر او حفر لقناة مائية او بناء لسد هو نتاج اعمال قام بها عبيد. عبيد يعتبرون انهم من المحظوظين لانهم نجوا من القتل في الحروب.
وكانت الامراض تعصف بالبشر فتقتل منهم بالملايين وليس بين ايديهم سوى الاعشاب وعراف القرية بأدعيته وطقوسه.
اما اليوم فتتسابق افضل العقول لاكتشاف دواء لمرض او وباء فيقدم بثمن او مجانا. وكانت غضبة الارض ببراكينها وزلازلها وفيضاناتها واعاصيرها تعصف بالأمم والشعوب فتحيلهم اثرا بعد عين.
اما اليوم فتتسابق الدول والافراد لمد يد العون حتى لأعدائهم في مواجهة تلك الكوارث.
وكنت تسمع الاساطير عن زي وطعام الملوك والاباطرة وحفلاتهم وما يتمتعون به من فنون.
اما اليوم فان بإمكانك ان تطبخ وتأكل افضل من اكل الملوك بكبسة واحدة على النيت فتعلمك كيف تعد ذلك الطعام.
وبكبسة زر على النيت صرت قادرا على استدعاء بيتهوفن وموزارت وشتراوس ومئات غيرهم وفي اي وقت او مكان يناسبك فيعزفوا لك ما تطلب انت منهم كما كان يفعل الملوك والامراء.
وصرت بكبسة زر تقف امام اعمال مايكل انجلو وفان كوخ ورامبرانت ومئات غيرهم بل وتبدي رايك في اعمالهم.
لم يعد ثمة كتاب او وثيقة سرية الا وهي بمتناول يدك بكبسة زر على النيت.
وبكبسة زر صرت تستطيع شراء اي شيء من اي سوق في العالم فيصلك لباب بيتك.
وصرت تستطيع الطيران او الابحار الى اي مكان في العالم بعد ان كان السفر تجربة تشبه الموت في مشقتها ومخاطرها.
وهذه السطور دعوة للنكديين الذين يعتقدون انهم يعيشون اسوا ايامهم، في حين انهم يعيشون في العصر الذهبي الحقيقي للبشرية.
وزيادة في التنكيد عليهم اقول:
بكره احلى واحلى!