الأسدي في حوار خاص مع "العالم": زمن الانقلابات والدكتاتورية ولّى.. والثورة تكون عبر صناديق الاقتراع
20-أيلول-2022
حاوره/ الكاتب عمار البغدادي
س/ لقاؤكم مع السيدة بلاسخارت.. ماذا دار في الاجتماع وماهو دور الامم المتحدة في الازمة العراقية هل هناك توصيات اممية بهذا الاطار.. هذه الايام كثرت زيارات السيدة بلاسخارت الى الاطار والتيار الصدري؟
ـ السيدة بلاسخارت باعتبارها مبعوثة اممية وهي اهم البعثات الفاعلة في العراق منذ التغيير بعد 2003 وتجدد هذه المهمة كل عام بقرار من مجلس الامن ومهمة البعثة هي مساعدة العراق لإكمال مسيرته الديمقراطية وهذا عنوانها العام وتدخل في التفاصيل والجزئيات الاخرى لذلك حوارنا كان مع السيدة بلاسخارت في هذه اللقاء او الزيارة يتركز على كيفية معالجة الازمة الحالية ودور المبعوث الاممية في مساعدة الاطراف العراقية على عبور الازمة وتجاوز المطبات التي كثرت في هذه الازمة والتي للأسف الشديد عادة ما تكون في طور التعقيد لا بطور الحل ..نعم التقينا السيدة بلاسخارت وقد تطرقنا الى مواقف الامم المتحدة ازاء المسالة العراقية واهتمامها بالحوار الوطني المشترك ومع المضي في السياقات الدستورية والالتزام بإكمال الاستحقاقات الدستورية ومايتعلق بتشكيل الحكومة كاملة الصلاحيات وعودة المؤسسات الدستورية الى عملها وان تكون الخطوات بهذا الاتجاه تعتمد على الحوار الحاسم لنجاحها.
من جانبنا اكدنا ايضا اننا نؤمن بالحوار نحن في الاطار التنسيقي ونعمل عليه ولم نترك بابا من ابواب الحوار الا وطرقناه ولازالت ابوابنا مفتوحة ومحاولاتنا مستمرة خصوصا لإيجاد حلول واقعية للازمة التي يعيشها الواقع السياسي العراقي تجنبنا مزيدا من النتائج السلبية لما جرى في الاسابيع والايام الماضية ونعمل بكل جد ويقين ثابت على الحل على قاعدة ان لا مصلحة لاحد بفشل الحوار والانتقال الى استخدام الشارع او العنف اذ بالتأكيد سيكون الجميع خاسرا حينذاك.
وجدنا لدى المبعوث الاممي تفهما لموقف الاطار من هذه الناحية ودعم ايضا لموقف الاطار واستمرار الحوار وكذلك استعداد تام للقيام دور الوسيط او التحرك على اطراف الازمة من اجل انجاح هذه الحوارات واتفقنا ان الاسابيع القادمة هي اسابيع مهمة ومحورية لإكمال الاستحقاقات الدستورية.
س/ كيف تعلق على الجهود الجارية لحل الأزمة القائمة هل هناك بوادر حل ام ان المسالة ماضية للتعقيد واستحالة الحل ان كان هنالك حل؟.
ـ بالتأكيد يبقى الامل في إيجاد حل هو الدافع الأساسي لجميع القوى السياسية التي تتحرك من اجل إيجاد هذا الحل او الحلول.. نحن في الاطار التنسيقي كما أشرت نتحرك في كافة الاتجاهات ايدنا دعوة الحوار الوطني التي عقدت قبل الاحداث الماضية وعقدت في يوم الاثنين الماضي الجولة الثانية من الحوار حيث حضرت فيها جميع القوى الوطنية باستثناء الإخوة في التيار الصدري الذين نامل ان يحضروا ويشاركوا في جلسات هذا الحوار او في مخرجاته على اقل تقدير.
اعتقد ان الحلول السياسية كانت ممكنة وما زال اكثر من حل او مقترح او مبادرة بإمكانها ان تنجح شريطة ان تتعاون الأطراف المعنية بحل الخلافات السياسية او الاختلاف في ما يتعلق بوجهات النظر المتقاربة بتشكيل الحكومة وعودة مجلس النواب الى ممارسة اعماله وان تقتنع وتؤمن ان لاحل الا بالحوار ولا حل الا بان نذهب بالسياقات الدستورية.. الدستور هذا العقد القانوني والاجتماعي الذي تم التصويت عليه ومع ما فيه ربما من تحفظات من وجهة نظر الاخرين لكن يبقى هو السقف الذي يجب ان نكون جميعا تحته ونحتمي به حتى يحقق مبتغاه في الحفاظ على هذا النظام الديمقراطي الاتحادي الذي قدمنا لأجله مئات الآلاف من الشهداء والضحايا سواء في مقاومة الدكتاتورية وزبانيتها او سنوات الحفاظ على هذا النظام والدفاع عنه .
س/ هناك كلام نقرأه واحاديث نرصدها حول إمكانية تماسك العملية السياسية بعد الاهتزازات العنيفة التي تعرضت لها قبل عامين على خلفية الحراك التشريني.. هل لنا ان نعرف اين ستمضي مراكب العملية السياسية هل ستصمد امام الاهتزازات القادمة ؟
ـ بالتأكيد العملية السياسية ومراكبها تعرضا للأمواج عاتية ورياح شديدة واضطرابات واضحة ولكن اعتقد ان هذا هو جزء من استكمال المسيرة الديمقراطية في بلد مثل العراق عاش قرونا وليس عقودا من الدكتاتوريات والممارسات غير الديمقراطية سواء في الحكم او في الممارسات الاجتماعية.. من الطبيعي ان نمر بهذه المخاضات لكن ليس من الطبيعي ان لا نتعامل معها تعامل الحريص على الامة وعلى الشعب وعلى الوطن والتجربة واذا تعاملنا معها بهذا الحرص سنجد انها ضرورية لاستكمال المسيرة وليست امواجا لكسر اشرعة المركب واغراقها لذلك املي وتوقعي ان كل هذه المواقف وكل هذه الاحداث ستنتج بأذن الله تعالى وبوعي الامة وكوادر هذا الشعب والصبر الاستراتيجي الواعي ستنتج نظاما ديمقراطيا يرتكز على التداول السلمي للسلطة والاختلاف في وجهات النظر لا يؤدي الى التصادم او العداء وانما يؤدي الى الاختلاف في وجهات النظر البناء وكلنا يتجه باتجاه خدمة هذا الوطن .
س/ التحولات الجارية في البلاد تفرض شكلا معينا قائما على التنوع في هندسة الحكومة العراقية القادمة وابتعاد عن المحاصصة الحزبية والسياسية والقومية التي ورثناها خلال اكثر من ثمانية عشر عاما هل سيستجيب القادة السياسيون لهذا المعنى من التحول ولهذا المتغير الكبير ام نشهد ولادة حكومة خدمة وطنية كما وصفها الاطار التنسيقي بذات المواصفات التي ذكرت في الفترة السابقة وفي احاديث القادة السياسيين؟
ـ طبعا، في النظم البرلمانية ان الأحزاب السياسية هي التي تشكل الحكومات وبالتالي الأحزاب الفائزة هي التي توزع وزارات الحكومة فيما بينها وهذا جار في كل النظم وفي اعرق النظم الديمقراطية في العالم التي تعتمد النظام البرلماني وعليه الخلل ليس في اصل هذا النظام وانما في الممارسة في السلوك تحول هذا السلوك البرلماني الديمقراطي الى محاصصة بازارية نزلت فيها التقسيمات والتوزيعات والمواقع الى حد المدير العام ومعاون المدير ومدير القسم ومدير الشعبة مما افسد معظم مؤسسات الدولة وافشلها في القيام بواجبها لذلك اتوقع ان الاطار التنسيقي مع باقي القوى السياسية التي تشكل الحكومة واحدة من اهم الواجبات الملقاة على عاتقها ومن اكبر التحديات امامها ان تشكل حكومة خدمة وطنية حقيقية مختلفة عما شكلنا في السنوات السابقة من حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الشراكة الوطنية وحكومة الاقوياء لكنها لم تنتج للشعب ما كان يتمناه او يعول عليه بل نعمل على حكومة الخدمة الوطنية التي ستشكلها القوى السياسية المتحالفة في المرحلة القادمة وستنتج خدمة حقيقية لهذا الشعب وبناء حقيقي لهذا الوطن .
س/ هل تعتقد ان المكون الاجتماعي الاكبر سيبقى صامتا على مستوى الشعبي بعد أحداث الخضراء الأخيرة (الأسرة الشيعية) وبعد التلكؤ الكبير في تشكيل الحكومة هل الانقسام السياسي الحالي سيمهد الطريق برايك أمام انشقاق اجتماعي اكبر؟
ـ حقيقة واحدة من المخاطر التي نخشاها ونحذر منها ونعمل على عدم الوصول اليها ان لا يتحول الخلاف السياسي الى خلاف وانشقاق اجتماعي.. ما تركه السياسيون طيلة 18 او 19 عاما اخطاء وممارسات غير سليمة أثرت على المجتمع كثيرا، عبر غياب الخدمات والتعليم والصحة والكهرباء والماء ونأتي الان ونسبب لهم الانشقاق الاجتماعي هذه كارثة ان حصلت ستكون كبيرة لذلك الجميع يجب ان يتحمل المسؤولية وان يمنع وصول الانشقاق والاختلاف والصراع السياسي الى انشقاق اجتماعي واعتقد ان الامة الشيعية والمجتمع الشيعي لديه من الحصانة الذاتية ما يمنعه من الوقوع في شبك هذا الانقسام هذا لا يعني على الأرض لا يمكن ان يكون هناك انشقاق اجتماعي ولكنه مستعبد ولديه مصدات واهم المصدات هو المؤسسة المرجعية الدينية التي تكون جدارا حافظا يمنع وصولنا الى هذا الانشقاق من جهة وكذلك المؤسسة او المنظومة العشائرية والتي تساهم كثيرا في منع هذا الانشقاق الاجتماعي باعتبار كل البيوت العراقية متداخلة والعوائل متداخلة والعشائر متداخلة لذلك واجبنا كسياسيين ان نمنع هذا الامر وان تنزل خلافاتنا السياسية إلى ان تتحول الى خلافات اجتماعية وذلك سيكون ضررا كبيرا على الشعب وعلى الوطن وعلى هذه الأمة.
س/ هل تعتقد ان استمرار الأزمة سيعلق العمل بالدستور خصوصا كل التوقيتات الخاصة بتقديم مرشح التحالف الأكبر وتشكيل حكومة استنفذت زمنيها السياسي والدستوري هل نحن مقبلين على فراغ يمهد السبيل الى اجتياحات تستهدف الدولة والاستقرار والنزوع نحو ما يسمى بالحروب التفصيلية؟
ـ لا علاقة لاشتداد الأزمة بتجميد الدستور او إيقاف العمل بالدستور ان تجميد الدستور يعني الحديث عن الانقلاب أما انقلاب عسكري أو ثورة ونحن ما بين خيارين لا ثالث لهما اما نزوع باتجاه الدكتاتورية والدكتاتورية تعمل على تجميد الدستور وتحل الكل او الذهاب الى الخيار الديمقراطي ونحن ماضون بهذا الخيار الديمقراطي وهو خيار الصندوق مرة اقتنع به او لا اقتنع به لا اقتنع بالانتخابات ونعمل على انتخابات أخرى مبكرة بعد سنة او سنتين او 6 اشهر وهذا النمط موجود في كل شعوب العالم ولذلك لن تؤدي الصراعات والاختلافات السياسية والمنازعات السياسية ان نصل الى مرحلة الغاء الدستور او تجميد العمل بالدستور لا يوجد فقرة بالديمقراطية تتضمن تجميد الدستور وما جرى في تونس مثلما هو في الحقيقة انقلاب لكنه انقلاب الأبيض دستوريا بما انك لديك دستور ومصوت عليه ومتفق عليه شعبيا إذن يجب ان تعمل وفق هذا الدستور كأليات لتعديل فقرته اما تجمد الدستور فهو انقلاب وهذا لا يمكن.
س/ الحراك الأخير الذي انطلق في ساحة النسور وعد الأمة ووعد جماهيره أننا قادمون بعد أربعين الإمام الحسين "ع" منها تجميد الدستور؟
ـ أن يعبّر الناس عن آرائهم هذا هو اصل الديمقراطية واحيانا تبدا براي شعبي او راي فردي او جماعة تتطرف كثيرا واحيانا لا يتطرف فيطلع شخص يقول أنا أريد اسقط النظام وتغيير الدستور واحاكم كل السياسيين وابدل لون العلم هذا رأيي، ولكن هل هذا الرأي يمكن ان يتحقق قانونيا؟.. لا يمكن إلا بطريقين أما بالانقلاب العسكري أو الشعب يخرج مرة عبر صناديق الاقتراع ومرة الشعب يثور.. لا يوجد ثورة على الديمقراطية.. الثورة في النظم الديمقراطية في صندوق الاقتراع تعال الى البرلمان والبرلمان بأغلبيته يصوت على تغيير الدستور، ويغير العلم ويغير المحاكم والإدارات هذا هو القانون الديمقراطي.
س/ كلمة أخيرة لجماهير العراقية؟
ـ خطابنا لكل الجماهير العراقية لكل جماهير الشعب العراقي نعتقد ان كل العراقيين حقيقة يؤمنون بهذه الدولة الجميع يعلم حينما يعود إلى ذاته ويفكر بمصلحته وطبيعته ومصلحة أولاده وعائلته وشعبه من يحمينا جميعا هي الدولة لذلك لدينا في الحديث أمير جائر خير من لا أمير يعني الفوضى وبالتأكيد الدولة وشرعية مؤسساتها هي التي تحمينا جميعا اطار او تيار شيعة سنة او كرد ومكونات وكل أبناء الشعب التي تحمينا جميعا من الفوضى وهي التي تضمن حقوقنا قد تتأخر قليلا قد نعتقد أننا مغبونون هنا ومغبونين هناك ولكن الدولة ومؤسساتها والدستور وشرعيته والديمقراطية واستمرارها هي التي توفر لنا الحماية جميعا .