محمد شياع السوداني/ الغارديان
بينما يكمل عامه الأول في منصبه، يكتب رئيس الوزراء العراقي عن كيف أحيت الحرب بين إسرائيل وحماس ذكريات الماضي العنيف لبلاده وكيف تحاول إعادة البناء
عدد قليل من البلدان التي تتحمل المعاناة والصراع الذي شهده العراق على مدى الخمسين عاما الماضية. إن الأحداث المأساوية في غزة تعيد ذكريات مؤلمة للشعب العراقي. لقد تم تجاوز الخطوط الحمراء، ويعاني المدنيون من معاناة لا يمكن تصورها، ونتيجة لذلك هناك حاجة ملحة للمساعدات الإنسانية الحرجة.
نحن هنا في العراق، نقف في تضامن قوي مع الشعب الفلسطيني، وقد التزمت بلادنا بتقديم مساعدات كبيرة، بينما نعمل مع شركائنا الدوليين لوضع نهاية سريعة لهذه المأساة.
لقد كررنا في قمة القاهرة للسلام، مع شركائنا الدوليين، أن الدمار الذي تمارسه قوات الاحتلال يجب أن يتوقف. من المهم للغاية ألا تتراجع المنطقة إلى عدم الاستقرار والصراع مرة أخرى. بهذه الطريقة، يأمل العراق أن تتمكن المنطقة من المضي قدما والتصدي للتحديات المشتركة من خلال التعاون الفعال.
إن الألم والمعاناة يستغرقان وقتا للشفاء، كما يعرف العراق ذلك جيدا. لقد عملت بلادنا جاهدة من أجل ترسيخ الاستقرار، ونحن نجد أنفسنا في وضع أكثر انسجاما بكثير من أي وقت مضى خلال الأجيال الثلاثة الماضية، وهو الوضع الذي أصبح ممكنا بفضل الاقتصاد الديناميكي المتنامي والرغبة الحقيقية في التجديد والتنمية. ويمثل الحفاظ على هذا الزخم أولوية قصوى لإدارتي.
خلال العام الماضي، مهدت حكومتي الطريق لتلبية تطلعات الشعب العراقي ودعم احتياجاته الأساسية. لقد مررنا ميزانية تاريخية بقيمة 153 مليار دولار (126 مليار جنيه استرليني)، تركز على تحديث بنيتنا التحتية، وخلق فرص العمل، وتعزيز نمونا الاجتماعي والاقتصادي من خلال تسخير الإمكانات الهائلة لشبابنا، الذين يشكلون 60٪ من سكان العراق.
وقد ركزت حكومتي على خلق فرص العمل، وإعادة بناء البنية التحتية، وجذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز القطاع الخاص. وفي رأيي أن هذه هي الأسس الحيوية لضمان الرخاء المستدام للأجيال القادمة. وينطوي ذلك أيضًا على معالجة القضايا المهمة التي تم إهمالها لفترة طويلة، وخاصة في التعليم والرعاية الصحية.
منذ توليت منصب رئيس الوزراء قبل ما يزيد قليلاً عن عام، اتخذت حكومتي خطوات مهمة لاستعادة سمعة العراق على الساحة العالمية. لقد أكدنا من جديد دور العراق الحاسم في العمل على حماية الأمن السياسي والاقتصادي في المنطقة من خلال التعاون مع شركائنا الدوليين.
إننا نواصل حربنا ضد إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية، الذي هدد المنطقة منذ وقت ليس ببعيد، الذي لا يوجد الآن إلا في جيوب صغيرة في العراق. وبفضل قواتنا الخاصة المدربة تدريبا جيدا، اكتشفنا سلسلة من الهجمات المخطط لها من قبل داعش في أوروبا، بما في ذلك المملكة المتحدة. ومن خلال مواصلة العمل مع شركائنا الأمنيين العالميين، سنضمن إنهاء هذا التهديد محليًا ودوليًا.
لا يزال الفساد يشكل تحديا كبيرا، وأكبر تهديد للتنمية المستقبلية في العراق. وكجزء من حملتنا لمكافحة الفساد، طلبنا من الإنتربول اعتقال وتسليم المسؤولين العراقيين السابقين رفيعي المستوى الذين اختلسوا أكثر من 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب.
لقد استردنا بالفعل قدرًا كبيرًا من الأموال المسروقة، وسنقدم المسؤولين عنها إلى العدالة. هذا يتطلب تعاونًا مستمرًا مع شركاء مثل المملكة المتحدة. وفي وقت سابق من هذا العام، التقيت بوزير الأمن البريطاني، توم توجندهات، لمناقشة الجهود المشتركة للتصدي للجريمة الخطيرة والمنظمة، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والإرهاب.
إن شراكاتنا الدولية الجديدة تتجاوز الدفاع والأمن، وقد أصبح العراق مكانا للشركات العالمية للاستثمار والعمل، وخاصة في قطاع الطاقة.
وبشكل عام، أدى تعزيز التعاون الإقليمي إلى توقيع صفقات استثمارية كبرى خلال العام الماضي، وهو العام الأول لإدارتي، مما يدل على الثقة الدولية المتزايدة في الاقتصاد العراقي.
ومن خلال هذه الشراكات ومن خلال الاستثمار في إمكاناتنا غير المستغلة، سنؤكد دورنا المحوري في المنطقة، حيث نعمل كبوابة إلى آسيا وأوروبا. وفي هذا الدور الجديد، سيكون العراق قادراً على المساعدة في تحقيق الرخاء الإقليمي الأوسع، استناداً إلى تجربتنا الخاصة في الشدائد، لا سيما في وقت الكرب والمعاناة للكثيرين.
إن العراق يسير على مسار إيجابي، وهو المسار الذي اعتقد الآخرون أنه غير ممكن قبل بضع سنوات، ولكن لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به، ونحن ملتزمون بضمان استمرار ذلك لجميع العراقيين.
ترجمة سلام جهاد عن صحيفة الغارديان البريطانية