الاتحاد الأوربي يدخل على خط الخلافات الكردية البارتي ينتظر تنازلات من اليكتي
18-كانون الثاني-2023
بغداد ـ العالم
كشف الحزب الديمقراطي الكردستاني، أمس الأربعاء، آخر تطورات التفاوض مع الاتحاد الوطني، وفيما أكد أن تدخل الاتحاد الأوروبي سيعمل على حل الخلافات بين الكرد، أشار الى انه ليس من مصلحة اليكتي رفض مطالب حكومة كردستان.
وتنذر الخلافات والتوترات التي تم اجترارها منذ عشرات السنين، بالقضاء على كل الانجازات المحققة والتضحيات السخية التي بذلت من أجل قيام الإقليم، وتحقيق الاستقرار الذي حرمت منه مكوناته طويلا، سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ما لم تخرج القيادات "المسؤولة" عن سياسة المناكفة الحزبية.
يقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد، إن "زيارة مبعوث الرئيس الأميركي بريت ماكغورك الى كردستان ولقائه برئيس الإقليم مسرور بارزاني ورئيس الاتحاد وبحث بعض النقاط الهامة ومنها خلافات المكون الكردي كان له دور إيجابي".
وأضاف، أن "تدخل الاتحاد الأوروبي والدول الكبيرة لحسم الخلافات السياسية بين الكتل الكردية يؤدي الى الإسراع بحل هذه الخلافات"، مبينا أن حزبه "الى الان ينتظر رد الاتحاد لزيارة الوفد السياسي للسليمانية والوصول الى حلول". وأوضح القيادي في حزب بارزاني، أن "الملفات المهمة التي سيتم نقاشها بين الطرفين تتمثل بواردات السليمانية وإرجاعها لخزينة حكومة الإقليم، بالإضافة الى إخضاع الهيئات العسكرية والأمنية الموجودة بالسليمانية لقوانين حكومة الإقليم والإسراع بإجراء الانتخابات". وبين أن "رفض الاتحاد الوطني التفاوض حول هذه الملفات ليس من مصلحتهم".
وفي وقت سابق، وصل مبعوث الرئيس الأميركي بريت ماكغورك الى اقليم كردستان وبحث مع رئيس الاقليم ملف الخلافات مع الاتحاد الوطني.
وتستمر الخلافات بين الاحزاب الكردية داخل اقليم كردستان بشأن ملفات عديدة ابرزها قانون الانتخابات بالاضافة الى وأرادت محافظة السليمانية وهو مادفع بعض الدول الاوروبية للتدخل لحل هذه الخلافات.
ويوم الثلاثاء كان مسعود بارزاني يؤكد خلال لقائه الوفد الامريكي أنه يجب إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في الإقليم خلال هذه العام، وأنه لن يتم قبول أي عذر لتأجيلها، معربا عن أمله في أن يستمر الاجتماع والتنسيق بين الأحزاب السياسية من أجل التغلب على التحديات ودعم حكومة الإقليم. من جهته، كان رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني كسر المياه الراكدة في أيار/ مايو الماضي عندما قام بخطوة انفتاح لافتة بزيارته الى مدينة السليمانية حيث اجرى محادثات مع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وغيره من القيادات السياسية والحزبية، حيث اكد على "اهمية الحوار بين الاطراف السياسية والانسجام والعمل المشترك ووحدة الصف بين الاطراف الكردستانية"، موضحا ان "وحدة الصوت" سيكون لها "تأثير ايجابي على الأوضاع العامة في الاقليم وتقوي مكانة كوردستان في بغداد".
لكن الموازين تتوقف عند سلسلة من الأحداث التي تلت ذلك، من بينها، اغتيال القيادي الاستخباراتي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر هاوكار الجاف، والتوتر الذي رافق تصميم الاتحاد الوطني الكردستاني على التمسك بمرشحه لمنصب رئيس جمهورية العراق، ثم تلويحات من قيادات سياسية في الاتحاد الوطني الكردستاني بـ"انفصال" السليمانية وحلجبة وكرميان ورابرين عن الإقليم، ومقاطعة وزراء الاتحاد جلسات الحكومة في اربيل، وشكوى رئاسة حكومة الاقليم من ان الحزب الرئيسي في السليمانية لا يسلم ايرادات منافذ حدودية للحكومة، بينما ينتقد الاتحاد الوطني حكومة مسرور بارزاني بانها لا تتبع الإنصاف في توزيع الرواتب والعائدات بين مختلف مناطق الإقليم، متهما الحكومة بفرض "حصار مخطط له" على السليمانية.
لكن الازمة أبعد من ذلك، حيث ان الخلاف بين الحزبين، يعود الى ستينيات القرن الماضي عندما انفصل ابراهيم احمد، والد زوجة الرئيس الراحل جلال طالباني، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة الملا مصطفى بارزاني أثناء انتفاضة الشعب الكردي للحصول على حقوقه من الحكم الجمهوري في ما سمي فيما بعد بـ"ثورة ايلول". وتلفت الى انه بعد المؤامرة الدولية على الكرد باتفاقية السادس من اذار/ مارس العام 1975، والتوقف المؤقت للكفاح المسلح، قام طالباني بتأسيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في العام نفسه ونشأت منذ البداية علاقة يسودها التنافس والتوتر والصراع، ولم يتردد الطرفان في الاحتكام إلى السلاح في عدد من المناسبات (كما جرى مثلا في الاعوام 1978، و1994 ثم معارك العام 1995 التي استمرت حتى 1998)، وتقاسما مناطق النفوذ في كوردستان العراق. ويتخوف المراقبون من أن عدم وضع حد للخلافات بين الطرفين حاليا، فانه حتى الحلول ستكون مؤقتة وفي بعض الاحيان ستكون نوعا من انواع الادارة للصراعات، ولن يسير العمل الحزبي والسياسي والبيشمركة والعمل العسكري كما يفترض به ان يكون، ما يعني ان المستقبل الموحد لاقليم كردستان، غير مؤكد في ظل وجود صراعات وغياب سلطة موحدة وسيادة القانون والاستراتيجية الوطنية.
ويشير المراقبون إلى أن الخلافات القائمة تتعلق بقضايا أساسية، بما فيها الخلاف بين الأحزاب المشاركة في الحكومة حول كيفية إدارة الحكومة، ما يشير الى أنه لم يعد هناك معنى للسلطة والمعارضة والحياة الحزبية والسياسية ولا حتى لوجود البيشمركة.
ويضيف المراقبون انه من الطبيعي أن يجتمع الطرفان، لكن السؤال هو عما اذا كانت الاجتماعات تمثل أهمية كبيرة وبالامكان المراهنة عليها كثيرا، معربة عن اعتقادها ان ذلك مستبعد لانهم لن يتطرقوا الى جذور المشاكل التي يدور حولها الصراع منذ عشرات السنين وانقسام اقليم كوردستان والفساد وغياب الدستور وغياب الحكم المؤسسي، وهم بالتالي يتعاملون مع النتائج الناجمة عن الأحداث.
وكما يبدو، فإنه ما من حل لا يبدأ عبر تطبيع العلاقات بين الحزبين، اذ يتحتم عليهما بدء حوار وطني الذي يجب ان يقود الى تسوية وسط تاريخية، تضع الاقليم في مرحلة جديدة وطوى فيها الصراع، وتبدأ مرحلة انتقالية في كوردستان ويتم تعزيز المؤسسات، ثم يكون هناك التنافس الطبيعي والديمقراطي في إطار كل ما تم الاتفاق عليه. الكاتب والصحفي سربست برزو، يقول ان محور الإشكال بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني عدم وجود جهة تمثل الجميع في الاتحاد الوطني، ما جعل من عملية التواصل تكون بمستوى غير مطلوب، حيث ان الاتحاد الوطني لا يمتلك خطابا موحدا ولا يمتلك قيادات تمتلك الحنكة الكافية بسبب تعدد الأجنحة داخله. وأوضح برزو "نحن نجد في كل فترة واخرى ظهور قيادة وشخصية جديدة تتخذ القرارات، فالديمقراطي لا يعرف مع من يتحدث، فهل هو يتحدث مع رئيس الحزب ام مع الاجنحة والتيارات داخل الحزب، مشيرا الى ان الديمقراطي لا يمتلك خصومة مع اي حزب او طرف لكن البعض يتعامل مع الديمقراطي على اساس الخصومة والكل يعرف ان الاتحاد الوطني يقع تحت وصاية دولة جارة وياخذ كل مواقفها من تلك الدولة دون ان يسميها . كما انتقد برزو موقف الاحزاب الاسلامية الكردية والذي وصفهم بانهم يصبون الزيت على النار وهم من يساهم في افتعال الازمات ولا يمتلكون مواقف فعالة ومؤثر.
ولا يستبعد برزو ان تؤثر الخلافات بين الحزبين على العلاقة بين المركز والإقليم اضافة الى تأثر الموقف الكوردي في بغداد وكذلك سيكون للخلافات وقع كبير على المناطق المتنازع عليها لان تلك المناطق بحاجة الى موقف كوردي موحد، اولا، لان المواطنين ينتظرون في تلك المناطق وخصوصا من الحزبين الرئيسيين الدخول بقائمة موحدة في الانتخابات المقبلة حتى يتجه الكورد بموقف موحد لحل مشكلات المناطق المتنازع عليها.
ويدعو الباحث والكاتب الكردي عدالت عبدالله، الى تبني شعار عقلاني من خلال الحوار الذي لا بديل له، كما دعا رئيس الحكومة مسرور بارزاني الى تقديم أي مبادرة تعيد لم شمل طاقمه الوزاري وتوحيد موقفهم تجاه الملفات الخلافية لأن أي تشنج داخل الكابينة ينعكس سلباً على السوق والإعلام وأحوال المواطن. وبالاضافة الى ذلك، دعا الى الأحزاب السياسية الأخرى، لاسيما من هم لهم مكانة سياسية ومقاعد برلمانية في إقليم كوردستان أن يلعبو دوراً إيجابياً في إحتواء التوتر حيث أن الحزبين الرئيسيين، بحاجة إلى "وساطة وطنية". وفي الوقت نفسه، اعتبر أنه كان يتحتم على الحزب الديمقراطي أن يراعي الأوضاع الداخلية لشريكه السياسي في الحكومة وعدم التدخل مباشرة أو ضمنياً في أي خلافات داخلية للإتحاد الوطني لأن ليس هناك أي حزب يخلو من الخلافات والصراعات فما بالك بحزب على غرار الإتحاد الوطني.
كما اعتبر أنه كان من المفترض ان يبادر ويساهم الديمقراطي الكردستاني في عدم تفاقم الخلافات داخل صفوف شريكه السياسي والإداري لأن ذلك سينعكس سلباً على استقرار الكابينة الوزارية أيضاً.
الى ذلك، يقول المراقب المستقل فاخر عز الدين ان الخلافات حول النفط والغاز في مناطق اقليم كوردستان أدت إلى المزيد من الخلافات المالية الكبيرة، فوفقًا لتفاهم مسبق، يتم تقسيم ميزانية ودخل إقليم كوردستان بين مناطق نفوذ الحزبين على أساس مبدئي (57% لمنطقة الحزب الديمقراطي الكردستاني (المنطقة الصفراء) و43% لمنطقة الاتحاد الوطني الكردستاني (المنطقة الخضراء)، ولكنهما تبنيا منذ ذلك الحين وجهات نظر متباينة بشكل متزايد حول كيفية تخصيص دخل المنطقة. وأوضح عز الدين انه من منظور بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، يجب على حكومة الإقليم دفع رواتب المحافظات وتحديد ميزانياتها بناءً على دخل كل منهما، ومقابل هذه الرؤيا، يقترح طالباني والاتحاد الوطني الكردستاني أن تجمع حكومة إقليم كوردستان كل المداخيل من إقليم كوردستان ومن ثم توزعها على جميع المناطق بحسب الحاجة.
ويضيف عز الدين "يزعم قادة الاتحاد الوطني الكردستاني أن دخل محافظة السليمانية، بين عائدات النفط والضرائب ودخل معبرين حدوديين دوليين، لا يزال غير كافٍ لتغطية الاحتياجات الأساسية لميزانية المحافظة ورواتبها، فقد تسبب نقص الأموال بأزمة أجور في مناطق السليمانية مثل حلبجة وگرميان ورابرين، ما أدى إلى تأخر توزيع الرواتب".
كما يؤكد عزالدين انه في منطقة الاتحاد الوطني الكردستاني، يبدو إنتاج الغاز الطبيعي واعدا، اذ بلغ معدل إنتاج حقلي نفط خور مور وجمجمال في نهاية العام 2021 مثلًا 452 مليون متر مكعب يوميا، وفقا لمشروع جديد بين شركة "دانة غاز" والمؤسسة الأمريكية للتنمية المالية المعروفة باسم (KM250)، مضيفا ان التقديرات تشير الى أن غالبية الغاز الطبيعي في إقليم كردستان قد يكون تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني، وهذا ما يدفع شركات مثل دانة غاز باتجاه توسيع العمليات".
ويشير الى انه فيما يتعلق بحقل خور مور، تتوقع "دانة غاز" وصول الإنتاج إلى 700 مليون متر مكعب يومياً بحلول نيسان/إبريل 2023، وبعد ذلك، يهدف مشروع (KM500) قيد التنفيذ، إلى إنتاج مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا.