الاستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم
11-حزيران-2023
محمد عبد الجبار الشبوط
أخيرا، حصلت على نسخة من "الاستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم في العراق ٢٠٢٢-٢٠٣١" وهي تقع في١٤٧ صفحة مطبوعة بشكل انيق وتبويب جميل.
وتشكل هذه المسألة احد محاور اهتماماتي بعراق ما بعد عام ٢٠٠٣. وكتبت الكثير من المقالات في هذا الشأن، ولعل اول مقال كتبته كان في عام ٢٠٠٤ ودعوت فيه الى اعتماد استراتيجية تربوية على مدى ١٢ عاما. والسر في هذا الرقم انه يغطي كل سنوات دورة دراسية كاملة في العراق، اي المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية، بحيث تغطي الاستراتيجية هذه المراحل سنة سنة حتى نهايتها في الصف السادس ثانوي. وتشمل هذه الاستراتيجية المقترحة إعادة النظر بكل المناهج والمقررات الدراسية بحيث تتوافق مع الهدف المركزي لها والذي اقترحت انه إرساء الأسس التربوية والتعليمية للدولة الحضارية الحديثة. وبعد ذلك كتبت المئات من المقالات بخصوص فكرة د ح ح وموقع النظام التربوي في عملية إقامتها في العراق، وهي عملية كررت عشرات المرات على انها عملية طويلة تستغرق وقتا طويلا على ان تكون "المدرسة" هي نقطة الانطلاق في هذه العملية. وكتبت كثيرا عن النظام التربوي الحضاري الحديث على امل ان تاخذ الحكومات المتعاقبة بالفكرة وتضع استراتيجية تربوية على هذا الأساس. وكنت متفائلًا بدرجة ما من ان الاستراتيجية الجديدة سوف تاخذ هذه المقترحات خاصة واني عرضتها في وقت مبكر على رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وكتبت له في ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٢ ما يلي:
"اعرب لك في هذه المناسبة عن استعدادي للتعاون معك بدون راتب او منصب رسمي".
لكني بعد الاطلاع على الاستراتيجية الجديدة اصبت بنوع من خيبة الامل، ليس فقط لانه لم يتم الاخذ بافكاري ومقترحاتي بهذه الخصوص وانما بسبب ملاحظات جوهرية على الاستراتيجية نفسها. وسوف اذكر في هذا المقال ثلاث ملاحظات فقط.
الملاحظة الاولى/ المدى الزمني للاستراتيجية:
تغطي الاستراتيجية ١٠ سنوات فقط. وهذا تحديد اعتباطي عفوي لا علاقة له بالدورة الدراسية في العراق، وكان ينبغي ان يكون المدى الزمني للاستراتيجية ١٢ سنة هي نفسها سنوات الدورة الدراسية الكاملة في العراق كما قلت. ويجري تنفيذ الاستراتيجية سنة سنة اعتبارا من الصف الاول ابتدائي وانتهاء بالصف السادس ثانوية وبشكل تراكمي على ان تتطلق العملية الاستراتيجية من ١٢ نقطة شروع. وكما قلت يجري اعادة النظر بكل المناهج والمقررات بناء على هذا بما يحقق التنفيذ التراكمي للهدف المركزي للاستراتيجية.
الملاحظة الثانية: الهدف المركزي للاستراتيجية. ذكرت الاستراتيجية التربوية ان هدفها المركزي هو:"ارساء اسس دولة تنموية فاعلة ذات مسؤولية مجتمعية".(ص٤٨).
الجميل في هذا ان الاستراتيجية ربطت بين التربية والتعليم من جهة، وبين ارساء اسس الدولة من جهة ثانية. وهذا امر ركزت عليه في كتاباتي السابقة. وهو صحيح في ذاته حيث تأخذ به كل الدولة الطامحة في السير في الطريق الحضاري الحديث.
لكن الاستراتيجية لم تصب كبد الهدف في النص على هدفها المركزي. ذلك ان التوصيفات التي اطلقتها على الدولة وهي:"تنموية فاعلة ذات مسؤولية مجتمعية" ليست كافية لصياغة رؤية شاملة تنطلق منها العملية التربوية لمدة ١٢ عاما.لا يمكن ترجمة هذا الهدف على شكل مناهج ومقررات دراسية تواكب الطالب على مدى ١٢ عاما.
يتبع..