مازن صاحب
اغلب القوى الشعبية البازغة بعناوين التغيير المنشود نحو دولة المواطنة الفاعلة ما زالت تدور في فرضيات استيعاب هذا الواقع بما يمكنها من مخاطبة الاغلبية الصامتة وتحشيدها امام صناديق الاقتراع لإنجاز التغيير من خلال هذه الصناديق.. بشكل تدريجي.. وتلك تحتاج إلى قدرات منهجية في بلورة إمكانية تحشيد الاغلبية الصامتة...
تكثر هذه الأيام التحليلات عن نتاج مجتمعي واقتصادي وسياسي للتغيير المنشود من حالة (أحزاب المكونات ونظام مفاسد المحاصصة) الى تلك الحلول الفضلى لتعديل مسارات العملية السياسية ووضعها على درب الإصلاح الشامل من خلال إعادة تعيين بوصلة العمل السياسي نحو (بناء دولة المواطنة الفاعلة).
ما بين كلا الحالتين.. يتوقف الإبداع والابتكار الأكاديمي عند حافات التحليل الكمي من دون الخروج إلى فضاء التحليل النوعي لمجريات هذا التحول المفترض.. في بيئة معادية تمتلك كل وسائل النفوذ والقوة للبطش باي محاولة فعلية للخروج من نظام مفاسد المحاصصة إلى نظام المواطنة الفاعلة.
اول اسباب ذلك أن الاغلبية الغالبة من القوى العاملة والمهيمنة على مقاليد السلطة التنظيمية الفعلية امنيا واقتصاديا وحتى بصمت او موافقة من المرجعيات المجتمعية والدينية تتعامل مع هذا النظام السياسي بمن يحضر امام صندوق الاقتراع وليس ثمة نسبة قبول بمشروعية نتائج الانتخابات حتى مع تزايد عزوف الاغلبية الصامتة عن المشاركة فيها.
هكذا امتلكت السلطة الشرعية وفق قانون الانتخابات.. والمال السياسي.. المنافذ الاقتصادية.. وايضا أكرر بموافقة صامتة من المرجعيات الدينية بعنوان ان هذا الحاصل في مفاسد المحاصصة افضل من الذهاب إلى الفوضى لاسيما وان المعارضة الشعبية للاغلبية الصامتة ليس بأكثر من (حزب القفنة) لأولئك الذين يقلبون قنوات التلفاز رافضين بصمت جرائم مفاسد المحاصصة فحسب!!
في المقابل.. اغلب القوى الشعبية البازغة بعناوين التغيير المنشود نحو دولة المواطنة الفاعلة ما زالت تدور في فرضيات استيعاب هذا الواقع بما يمكنها من مخاطبة الاغلبية الصامتة وتحشيدها امام صناديق الاقتراع لإنجاز التغيير من خلال هذه الصناديق.. بشكل تدريجي.. وتلك تحتاج إلى قدرات منهجية في بلورة إمكانية تحشيد الاغلبية الصامتة نحو ما اصفه ب(ثورة صناديق الاقتراع).. لان هذه العملية تتوقف اولا عند الباب الدوار لمفاسد المحاصصة وعدم ظهور مواقف متغيرة من قبل المرجعيات المجتمعية والدينية.. للخروج من ثنائية قبول اثام مفاسد المحاصصة افضل من حالة الفوضى!!
الأمر الثاني.. ان أغلبية نماذج الخطاب السياسي للقوى العراقية بعناوين المعارضة البناءة او تحالف المستقلين او التيار الديمقراطي العراقي.. ما زالت تتوقف عند ادبيات سياسية بلاغية تغادر الأسلوب الشعبي للتحشيد والمناصرة النوعية من خلال الوقوف في ساحة القضاء للمطالبة الشفافية وكفاءة تقيمم الاداء.. والتظاهرات والاعتصامات بموجب القانون الدستوري للعراق.
ولذلك لن تكون مصدر خطر على مجتمع مفاسد المحاصصة كما لن تلب الحد الأدنى الموضوعي لتحريك الاغلبية الصامتة.. وهذا يتطلب منهجية شعبية مختلفة من اي قوى سياسية تحاول تحشيد الاغلبية الصامتة امام صناديق الاقتراع بهدف تغيير العملية السياسية افعالا قبل الأقوال.
الأمر الثالث.. يعتمد مجتمع مفاسد المحاصصة على توظيف المصالح الإقليمية والدولية.. والتي جاؤوا بهم على دبابات الاحتلال الأمريكي او النفوذ الإقليمي إيراني وتركي وخليجي.. حتى بات ثمة عدم استحياء من التعامل المباشر في نماذج واضحة مثل العلاقات المباشرة مع السفارة الامريكية وغيرها.. او جلوس قيادات المكون السني امام أردوغان خلال زيارته لبغداد. او جلوس قيادات العملية السياسية في مجلس فاتحة الرئيس الإيراني الراحل.. وما صدر عن اجتماع تشاوري لقوى محور المقاومة الإسلامية.. كلا الامرين يوضح حجم التأثير على واقع نظام مفاسد المحاصصة وعدم قبول العبث باعداداته الإقليمية والدولية.
في كتاباته عن إعادة تكوين الدولة... هناك مصفوفة معايير وضعها الدكتور فرانسيس فوكوياما.. تمثل ثلاثية.. الشفافية.. الكفاءة.. تقييم الاداء.. أجد فيها المنطلق الابرز اولا لتقييم أداء نظام مفاسد المحاصصة طيلة عقدين ونيف.. وتوظيف كلما صدر من تقييمات دولية كمدخلات لهذا التقييم الوطني العراقي.. ومن مخرجاته يمكن تحديد منطلقات اي تحرك سياسي شعبي متجدد نحو فرضيات فرص العمل على قواعد التغيير المنشود... باعتماد معياري الشفافية والكفاءة.
من خلال برامج عمل تشاركية مع جمهور الاغلبية الصامتة في مختلف القطاعات المجتمعية.. فالنقاش العام المباشر ومن على مواقع التواصل الاجتماعي... يمكن أن ينتج قناعات متجددة.. تجعل القضاء يستمع إلى دعاوي عدم الالتزام بنصوص دستورية للحقوق والواجبات.. يؤكد حقوق تحشد الاغلبية الصامتة امام صندوق الاقتراع في انتخابات شفافة ونزيهة من خلال مراقبة القانون العام والشعبي.. بما يجبر كهنة معابد مفاسد المحاصصة على فهم ان القرار الدولي والاقليمي بالتغيير من داخل العملية السياسية مقبل بقوة.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!