الاقتصاد اخيرا وليس اولا
10-حزيران-2023
محمد عبد الجبار الشبوط
ليس هناك جديد في قول فوكوياما ان "الاقتصاد هو الجانب المحوري في حياتنا المعاصرة" (كتاب "الثقة" ١٩٩٥ والمترجم الى اللغة العربية عام ٢٠١٥)، فقبله كان كارل ماركس من اوائل من تحدثوا عن اهمية الاقتصاد في حركة التاريخ وبناء المجتمع. ومع ان السيد محمد باقر الصدر انتقد نظريات العامل الواحد في تفسير التاريخ (اقتصادنا) الا انه لم ينف اهمية الاقتصاد في الحياة. فالاقتصاد هو محور الحياة وهو احد عاملين كانا وراء قيام المجتمعات الانسانية حسب قول السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير "الميزان". المواطن العادي معني بالدرجة الاولى بتأمين لقمة العيش له ولمن يعيلهم. تدبير لقمة العيش هو التعبير الاولي الابتدائي الفطري عن اهمية واولوية الاقتصاد.
اذا صلح الاقتصاد، صلحت الحياة ومنها العلاقات الاجتماعية والسياسة والدولة. واذا فسد الاقتصاد، فسد كل ما وراءه. النظر التحليلي لحالة الاقتصاد العراقي سوف يلاحظ انه في حالة فساد. واذا كان للفساد اسباب كثيرة، فان في رأس هذه الاسباب هو ما يسمى الاقتصاد الريعي. ابسط تعريف للاقتصاد الريعي بعد مراجعة مصادر اقتصادية مختلفة هو:"نمط اقتصادي يعتمد على الموارد الطبيعيّة دون الحاجة إلى الاهتمام بتطويرها، ومن الأمثلة على هذه الموارد: المعادن، والمياه، والنفط، والغاز، او هو الاقتصاد الذي يهتمّ بالمحافظة على النشاطات التي توفّر الإيرادات من بيع الثروة الريعيّة، ولكن لا تساعد هذه النشاطات على توفير تصوُّر واضح عن الحالة الاقتصاديّة السائدة في الدولة." ولعل اقرب ما وجدته من تعريفات الى الحالة العراقية هو "اعتماد دولة ما في اقتصادها على مصدر طبيعيّ مستخرج من الأرض، فيصبح الاقتصاد مُعتمداً على التبادل التجاريّ الذي يؤدي إلى ظهور مُجتمعٍ استهلاكيٍّ مرتبط بالاستيراد، كما لا يهتمّ هذا النوع من الاقتصاد في الزراعة أو الصناعة التحويليّة." وهذا هو بالضبط ما جرى ويجري عندنا في العراق حيث تحولت الدولة الى وسيط بين الثروة المدفونة في الارض، واعني النفط، والشركات العالمية التي تشتري النفط. اصبحت حياة العراقيين منذ عام ١٩٥٨ وبصورة تدريجية معتمدة بالكامل على ما تبيعه الدولة من نفط خام مستخرج من باطن الارض. مازلت اذكر الحالة البائسة التي عانت منها وزارة المالية في توفير رواتب موظفي الشبكة عند هبوط اسعار النفط في الاسواق العالمية. ليس لدى الدولة رصيد مالي استراتيجي، ولا مشاريع استثمارية كبرى، ولا موارد مالية اخرى. وهذا خلل كبير في ادارة موارد الدولة.
بدون ان يلامس الشيوعيون والبعثيون اصل المشكلة، ملأوا الدنيا حديثا وصخبا عن توفير الشروط المادية للتحول الى الاشتراكية. واصبحت العبارة الاخيرة هدفا وشعارا لهم، لكن هذا الشعار ما اغنى فقراء ولا اشبع جياعاً.
اليوم، وبعد تشخيص اصل المشكلة، اطرح شعارا اخر هو "توفير المستلزمات المادية والثقافية والتربوية للانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الانتاجي". وهو اقتصاد لا يقصر اعتماده على النفط، وانما يعتمد على الرأسمال البشري، المتمثل بالعمل باسلوب علمي، يعتمد على الانسان المنتج وهو يعمل في الارض او المصنع او المؤسسة. العمل الانساني المنتج هو شرط الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الانتاجي. هذا هو اول الحل الذي اقدمه للمشكلات الاقتصادية الذي يعاني منه العراق الان. واذا كان على الحكومة ان تقود عملية التحول الاقتصادي، فان بقية الاطراف معنية ايضا بعملية التحول، من المواطنين ورجال الاعمال والمؤسسات، فضلا عن المدرسة. بمعنى اننا بصدد خطوات كثيرة تسبق الاقتصاد، وهذا هو مغزى عنوان هذا المقال. فمع القول باهمية الاقتصاد، لكننا بحاجة الى اجراءات كثيرة تقود الى الاقتصاد.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech