الانتخابات وشراكة الأقوياء
17-تموز-2023
محمد حسن الساعدي
الانتخابات ظاهرة حضارية ديمقراطية متطورة من اجل تجذير حكم الشعب والتداول السلمي للسلطة ديمقراطيا، وعبر صناديق الاقتراع والاختيار الديمقراطي من قبل الشعب للمرشح الافضل والأنزه والأكثر حرصاً على مصالح شعبه وكفاءة لتمثيل الشعب في التنافس على خدمة المواطن دون ضغط او ترهيب او اغراء او اي محاولة لإفراغ الانتخابات من مضمونها وأهدافها.
والانتخابات معيار حقيقي لممارسة الديمقراطية وترسيخ مفاهيمها الوطنية والإنسانية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب إذا ما توفرت فيها النزاهة والشفافية وحرية وسرية الاختيار وهو حق دستوري وطني، شرعي وأخلاقي يمارسهُ الشعب بكافة مكوناته واختيار من يمثلهُ من المرشحين المتنافسين في مجالس المحافظات المشكل من مختلف الاحزاب والكتل والقوى السياسة والتي حظيت بثقة المواطن.
وبالتالي على المرشح المنتخب العمل وبجد وتفاني على مطاليب الشعب وتحقيق طموحاتهم وأمانيهم في العيش بحرية وكرامة في دولة مؤسساتية تقوم على الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والثقافية والعلمية والقادرة على مواجهة تحديات العصر وتوفير الامن والاستقرار والحياة الحرة الكريمة وبناء مستقبل سعيد وزاهر للشعب والحفاظ على وحدة الوطن والدفاع عن حدوده.
وقد رأينا كيف زحف الشعب العراقي وباندفاع قوي من خلال شاشات التلفزة المحلية الى صناديق الاقتراع لاختيار الممثل الأكفأ والاخلص لخدمة الشعب والوطن من المرشحين وكل حسب قناعاته الوطنية.
اليوم هناك اشادة بإرادة هذا الشعب العظيم وتحديه قوى القتل والارهاب والجريمة المنظمة التي رفعت شعار العداء للعراق وعموم الشعب العراقي.
إن ما يحدث في العراق اليوم والمتعلق بالانتخابات بنتائجها وصراع القوى والأحزاب المتنافسة منها والمؤثرة يدلُّ على ان العراق لم يزل بعيدا عن فهم وإدراك معنى الديمقراطية فكرا وممارسة.
وبكل تأكيد وللأسف الشديد فإن هذه القوى والأحزاب والتي خاضت العملية الانتخابية تتشدق بالديمقراطية ولكنها لم تكن فعلا ديمقراطية لأنها لم تقف الى جانب الشعب العراقي في محنته ومعاناته في تقديم الخدمة للمواطن العراقي ولم تحترم خياراته التي عكستها صناديق الاقتراعات.
ومن هذا المنطلق أقول لكل القوى والأحزاب السياسية العراقية، صغيرها وكبيرها بضرورة التعقل والإيمان بمنطق الربح والخسارة بين الفرقاء المتنافسين، وانه لابد من غالب و مغلوب في أي عملية انتخابية ديمقراطية وليكن الانتصار للشعب والوطن وهو الاهم وعليكم احترام خيارات الشعب العراقي وقراراته والتي سطّرها عبر صناديق الاقتراع ودفع ثمنها غاليا بدمائه الطاهرة الزكية يوم الانتخابات.
ولهذا عليكم الابتعاد عن وهم قناعاتكم الشخصية من ان كل احزابكم وائتلافاتكم المشاركة محبوبة ومقبولة من الشعب وان الشعب العراقي كله قد صوت لصالحكم جميعا وانكم اكتسحتم كل شوارع ومدن العراق وحزتم على ثقة الشارع العراقي وعموم العراق من شماله الى جنوبه، وبالتالي سؤالي إن كنتم كلكم فائزون فمن الخاسرين فهل هناك منافسة بالعالم وبشتى مناحي الحياة السياسية والاجتماعية بلا خسائر وعلى صعيد شعب قوامة الملايين.
أيها الساسة العراقيون كونوا ديمقراطيين وعقلانيين وحكماء وتقبلوا النتائج الانتخابية بشفافية وبروح رياضية كأسلوب حضاري متمدن وقولوا للفائز الف مبروك وبكل رحابة صدر وبلا اتهامات ضيّقة غير متحضرة وبدون أدلة مادية تؤكد ظاهرة تزوير خطيرة قد تقلب موازين القوى الانتخابية لصالح هذه الكتلة او ذاك الائتلاف.
اثبتوا للشعب العراقي وكل شعوب العالم بانكم واحة للديمقراطية في العراق الجديد وإنكم فعلا ديمقراطيون وتؤمنون بالعملية الانتخابية ولا تنسوا ان هناك صولات وجولات قادمة في مسيرة عراقنا الديمقراطي الجديد، ولتجربوا حظوظكم مرة أخرى واني على يقين ان القوائم الكبيرة لن تبقى كبيرة والاحزاب الصغيرة سوف تكبر وهذا يتأتى من خلال أعمالكم وجهودكم في المستقبل والتي تصب في خدمة الناخب العراقي وخدمة الوطن وعموم الشعب العراقي، وبالتأكيد فان الشعب العراقي سوف يلفظ من لا يستحق صوته الانتخابي ولم يقبلهُ في المرة القادمة.
وكذلك لا يبخل عليكم الشعب العراقي بصوته إن كنتم صادقين واوفياء ومخلصين لعهودكم ومواثيقكم الانتخابية وتوجهاتكم الوطنية الديمقراطية، وليكن همنا الاكبر جميعا مصلحة العراق وخدمة شعبه العظيم ولننبذ الطائفية وسياسة التوافق اللاديمقراطية والتي تسلب حقوق الاخرين، وابتعدوا عن الصراع من اجل التمسك بالسلطة والمناصب السيادية والخاصة ونهب المال العام على حساب الشعب وحقوقه الوطنية العادلة.