الانتخابات وصناعة المستقبل
6-تشرين الثاني-2023

مصطفى ملا هذال
تطمح البشرية وتتطلع عادة لمستقبل أفضل، والسعي الدائم للعبور إلى حالة أكثر رُقيا وتحضرا من الماضي، وهو ما تركز عليه أحاديث العامة والنخب السياسية في الأوقات الراهنة، مع اقتراب موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات نهاية العام الحالي.
لذلك فالتركيز على القادم وكل ما يتعلق به عبر التخطيط لصناعة مستقبل مغاير، هو محور اللقاءات الانتخابية التي ستدور رحاها وتتسارع وتيرتها في الأيام المقبلة، وكأن حصول التغيير والتفكير به مرهون بهذه الفترة دون غيرها، اذ يتفرغ المرشح لمناقشة خطط استراتيجية هدفها الوصول الى حلول للقضايا والمشكلات المعاصرة.
لا تخلوا التجمعات الانتخابية من الحديث بمستقبل الشباب وخلق فرص عمل لهم في القطاعين الخاص والعام، وكالعادة فهو حديث إنشائي خالي من المحددات والضوابط التي تجعله يتحول من التنظير الى التنفيذ، وكأنهم يجترون الماضي ويحاولون الالتواء على مطالب الجماهير المعروفة. لا تتعدى المطالب التعيين بإحدى المؤسسات الحكومية، او الشمول بالرعاية الاجتماعية، ولا يخرج المستقبل عند هذه الشرائح عن هذا الحد، او الحصول على فتات رجال السلطة الذين حكموا على مستقبل الأجيال بالإعدام، وحولوهم الى قوى معطلة غير قادرة على المساهمة في عملية النهوض المستدام.
اما بالنسبة للمرشحين والسياسيين في السلطة يعطون مستقبل البلد ومؤسساته أولوية واهتمام كبير خلال حملاتهم الانتخابية، وكأن المرحلة القادمة مع قصرها الذي لا يتعدى الشهرين هي المرحلة الحاسمة، وهي من تحدد مجريات الحاضر القريب والمستقبل البعيد، فتجد الخطط معلنة في الطرقات العامة.
خطة يقوم بعضها على البناء والاعمار، وأخرى تستند على قوة القرار، وثالثة مرتكزة على احقية المدينة بالحصول على الافضل، وهكذا تشعر ان المستقبل زاهر والخير قادم لا محالة، وفي الواقع لا يمكن ان يأتي الخير وهنالك من يرى الفوز بعضوية مجالس المحافظات مكسبا آخر يضاف الى المكاسب الحزبية والشخصية.
صناعة المستقبل لا يمكن ان تتم بهذه الصورة او الطريقة التقليدية التي تمارسها الأحزاب في كل جولة انتخابية، فهي لن تأتي بجديد ولا اجندات غير مسبوقة او ابتكار حلول للمشكلات المستعصية، وبالنهاية لم تحقق المطلوب منها.
صناعة المستقبل عملية مارستها العديد من الأمم والأوطان، ولها استراتيجيات متعارف عليها، وطرائق متفق عليها، أهمها الاستفادة من تجارب الدول التي سبقت، من خلال دراسة هذه التجارب دراسة عميقة، واستخلاص المسالك الناجحة التي سارت فيها، واختيار ما يتناسب مع طبيعة المجتمع الذي يريد العبور للمستقبل.
وطالما الراغبين بخوض الانتخابات لا يملكون الخبرة الكافية، تبقى جميع مقترحاتهم سطحية غير متوغلة الى الاعماق، لا تتمكن من فك العقد المرافقة للمشهد السياسي العراقي، وفي الوقت نفسه لا يتم الاستفادة من التجارب الناجحة في الدول الأخرى وتطبيق المفيد منها. ولذلك فإن عملية الاستفادة تحتاج إلى عقول واسعة الاطلاع، عميقة التفكير، حكيمة القرار؛ لكي تستطيع الاطلاع على أفضل ما لدى العالم، وتختار منه الأنسب والأصلح لمجتمعها، ولعل القضية الكبرى في صناعة المستقبل هي قضية الإدارة في كل المجالات والقطاعات، فالتنمية إدارة، والتقدم والنجاح إدارة، وكل ما يتعلق بحياة الإنسان هو عملية إدارة في الأساس. إدارة الموارد المتاحة في البلد لا تحتاج الى مرشح فتي، تحتاج الى شخصية تحقق الغاية القصوى من الثروات الزاخرة، اذ تعد مثل هذه الشخصية سنام التنمية والنهوض وصناعة الحضارة، وهي جوهر النجاح، والباب الواسع للدخول الى المستقبل، ودون رؤية إدارية جديدة لن يستطيع أي مجتمع أن يحقق نجاحا في أي مجال. والناظر في حال الدول التي حققت تنمية حقيقية، وانتقلت من عالم الدول المتخلفة، أو غير النامية إلى عالم الدول المتقدمة أو النامية يجد أن أهم عملية تقوم بها هي التخطيط الاستراتيجي، وأهم مكونات تدريب العاملين هو التدريب على التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة التي يعملون فيها، وعلى تنفيذ الخطط الاستراتيجية في جداولها الزمنية.
ووفقا لذلك من غير الصحيح ان ترتبط صناعة المستقبل بعملية انتخابية دورية خاضعة للمزاج الشعبي والظروف الداخلية، فلا يمكن ان تكون هي المعيار الوحيد والعنصر الفعال في خلق مستقبل يحقق للأجيال القادمة طموحاتها بمرور الأيام والشهور والسنين.

البرلمان.. 130 تشريعًا متوقفًا و8 جلسات لم تُعقد ورواتب تُصرف لنواب غائبين
11-أيار-2025
بسبب خور عبدالله.. مطالبة برلمانية بمنع الكويت من حضور قمة بغداد
11-أيار-2025
العوادي: لا يوجد ربط بين المساعدات للدول العربية وحضور قمة بغداد
11-أيار-2025
السياسة في العراق.. تدوير للفشل أم تعطيل للتغيير؟
11-أيار-2025
لماذا لا تنتج الانتخابات العراقية تغييرًا حقيقيًا؟
11-أيار-2025
غدا الاثنين.. طاولة الإطار التنسيقي تبحث زيارتي طهران وانقرة وقمة بغداد
11-أيار-2025
ثمانون عامًا من الانتصار على النازية.. كييف تستعرض دورها المحوري في هزيمة الرايخ الثالث
9-أيار-2025
إشارات السلام الروسية: دبلوماسية أم فخ سياسي؟
9-أيار-2025
خلال ندوة حوارية أقامها مجلس الأمجاد الثقافي الهاشمي يقلّب صفحات الصحافة الورقية في عصر تكنولوجيا
8-أيار-2025
رئيس هيأة الإعلام والاتصالات يلتقي رئيس مجلس الوزراء لعرض استعدادات الهيأة للقمة العربية وخطوات الرخصة الوطنية والسيادة الرقمية 
4-أيار-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech