البيئة المدرسية والتهديدات العشائرية
19-حزيران-2023
مصطفى ملا هذال

في جلسة ودية توجهت بسؤال الى أحد المدرسين، هل انتهى زمن الضرب؟، ام لا تزالون تحملون العصا كنوع من وسائل الضبط المستخدمة في الصف، فأجاب والغصة تملا فمه، وإذا ضربت كيف أخلص نفسي من التهديد العشائري؟
إجابة المدرس اختزلت المشهد التربوي وما تمر به الطواقم التربوية العراقية، اذ يتعرض العديد من المدرسين الى مثل هذه الضغوطات اليومية من قبل أولياء الأمور، الذين يصل بهم الامر الى التهديد العشائري وتقديم الشكوى في مديريات التربية على المدرس الحريص على نجاح الطلبة.
بهذه الحالة يكون المدرس او المعلم مكتوف الايدي لا يمكن ان يساعد التلميذ او الطالب المتأخر عن اقرانه في الدراسة، لأنه يعلم بسهولة الإجراءات التي تجعل منه شخص مذنب وتعطي ولي الامر الحق المطلق في إقامة الدعوى ضده، الى جانب الملاحقة العشائرية الحتمية.
ضعف القانون حفز على تضخم هذه الظاهرة، (الملاحقة العشائرية)، ففي السابق كانت الأهالي بصورة عامة تخشى المعلم لنقطتين أساسيتين:
الأولى انهم متأكدين من جديته وخشيته على مستقبل أبنائهم وبالتالي فان الضرب يصب بمصلحة الطلبة أولا وأخيرا.
اما النقطة الثانية فهي ان المعلم مسنود باللوائح والمواد القانونية والاجتماعية التي بموجبها يؤدب ويستخدم أساليب ردعية للطلبة المخالفين وغير الملتزمين بالقاعات الدراسية من الناحية العلمية.
وبذلك يكون المعلم صاحب السلطة العليا في المدرسة ولا يوجد من يضيق عليه الخناق، الا القليل من أولياء الأمور الذين لا يرون ما يروه الآخرون وللنقطتين آنفتا الذكر، لذا نجده ينجح نجاحا باهرا ويحقق نسب علمية مرتفعة في اغلب الأحيان.
اما اليوم فقد تخلت الطواقم التربوية عن الكثير من مبادئها الخاصة بالعملية التعليمية، وينبع هذا التخلي من محاولة تجنبهم وخوفهم من المسائلة العشائرية التي كبدت المدرسين والمعلمين الكثير من الخسائر المادية والمعنوية عبر دفع الديات، (الفصول)، وهي مبالغ مادية يتقاضاها الاهل بسبب ما يرونه اعتداء على ابنائهم.
هذه الثقافة اخذت بالانتشار في السنوات الأخيرة وليس فقط في المجال التربوي بل امتدت الى غيره من القطاعات، فالطبيب أصبح يتوجس من تأدية مهامه بصورة صحيحة او مهنية كونه يعلم مسبقا ستلاحقه السنن العشائرية المرفوضة من الناحية الاجتماعية.
وهذه الحالة حتمت على الكوادر التدريسية الا تضغط على الطلبة في التدريس والتعامل معهم وكأنهم عناصر مخيفة ممكن ان تكون سببا للأذية الشخصية بلحظة من اللحظات، وقاد ذلك الى ظهور حالة من الضعف الواضح بالعملية التربوية وتدني كبير في المستويات.
انخفاض مستوى التعليم قد يكون اهون على الطواقم التربوية من التعرض الى الضرب في باحة المدرسة، وقد شاهدنا العديد من الحالات التي اقتحم فيها أولياء الأمور المدارس على الرغم من وجود الحراس الأمنيين، لكن المسألة جميعها تتعلق بالخوف من المسائلة العشائرية.
واقتصر دور الحراس على حماية المبنى والممتلكات، اما التربويون فلهم ربٌ يحميهم، وقد ذهب البعض منهم مضطرا الى استخدام السلاح العشائري أيضا للذود عنه وضمان عدم الاعتداء عليه من قبل المتهورين من أولياء الأمور، لكن تبقى هذه الطريقة في التعامل هي من الطرق الخاطئة والتي تنسف العلاقة الوطيدة بين الأهالي والمربين.
التعطيل القسري للقوانين الوضعية، فسح المجال امام استفحال الظواهر السلبية، ونحن هنا ليس بصدد نسف النظام العشائري من الوجود، اذ لا يمكن ذلك لكن لكل حالة مادة تحكمها، الخلل في مدارس من غير الصحيح ان تتدخل العشيرة، كما من غير الصحيح ان يتدخل القانون في بعض المسائل العشائرية، وإذا تم الوقوف عند هذه الحدود نعود لمدرس الجلسة الودية ونسأله هل سيعود زمن الضرب؟
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech