التجارة الخارجية العراقية تطلق العنان لليوان الصيني في مطاردة الدولار.. هل ينجح؟
27-شباط-2023
بغداد ـ العالم
تعاملات جديدة في تجارة العراق الخارجية من خلال استخدام عملة اليوان الصيني للمساعدة في تقوية ديناره ولتخفيف الضغط على الدولار بعد ان شهد الاخير طفرات كبيرة امام الدينار العراقي في السوق الموازي مما سبب مشاكل اقتصادية كبيرة وانعش السوق السوداء.
وكشف البنك المركزي أن خطوة الدفع باليوان الصيني تأتي ضمن الحزمة الثانية من المعاملات، التي تتضمن تنظيم التجارية الخارجية من بكين، من خلال تقديم تسهيلات للتحويلات المالية للولايات المتحدة وأوروبا، بالآلية نفسها لاحقا.
عدد من المختصين في السياسة المالية والاقتصادية اتفقوا على ان استخدام عملة اليوان الصيني تأتي لتخفيف الضغط عن الدولار ولتقليل من الفترة الزمنية للتحويلات النقدية لأغراض التجارة.
ويقول المستشار المالي لرئيس الوزراء ونائب محافظ البنك السابق مظهر محمد صالح، ان "خطوة الدفع بعملة اليوان تأتي لتكون الآليات التي هي بالدولار اخف"، مستدركا ان "ذلك لا يعني انه لا تخضع لقواعد الامتثال حيث ان كل المعاملات الخارجية وتمويل التجارة الخارجية سواء بالدولار او اليوان او اليورو تخضع اليوم لمنصة الامتثال والتي يجب ان تكون الاوراق صحيحة والمستفيد الاخير موجود والبضاعة تدخل العراق".
واضاف ان "هذا الإجراء لن يمتد تطبيقه إلى تجارة العراق النفطية، موضحا "هذا الإجراء يغطي فقط واردات القطاع الخاص".
واشار الى ان "تجارة العراق مع الصين كبيرة وحتى لا تتعرقل تم اعتماد اليوان الصيني كعملة وسيطة لتمويل التجارة الخارجية للقطاع الخاص فقط ولكن ذلك لا يمنع من وجود تدقيق وامتثال ومعرفة المستفيد الاخير".
فيما يقول الخبير الاقتصادي والنفطي حمزة الجواهري، ان "استخدام هذه العملة أو تلك في التبادلات التجارية والتعاملات النقدية والمالية لا يخضع لقرارات فوقية، بل للوقائع التي تتحكم بالنظام النقدي العالمي" .
واضاف ان "دولا عديدة اعلنت سابقا التخلي عن الدولار واعتماد عملات أخرى مثل الروبل واليوان ولكن هذه القرارات كانت في أغلب الأحوال عقيمة وهي محاولة لذر الرماد في العيون وتحقيق انتصارات وهمية، فالأمر يتعلق بالثقة بهذه العملات ومدى استقلالية المصارف المركزية المصدرة لها".
واشار الى ان "اعتماد اليوان بالنسبة للتجارة الخارجية لأي بلد يعني تضييق فرص التبادل التجاري إلى حد بعيد لأن ثقة المتعاملين به على المستوى العالمي محدودة، بينما لا يزال الدولار يتربع عرش التعاملات النقدية ".
واكد ان "معظم التجارة الخارجية للعراق تجري مع الصين، فإذا نجح العراق إلى تحويلها باليوان الصيني فإن ذلك يعتبر تحرر من هيمنة الدولار على التجارة العالمية و سيكون في صالح العراق".
من جهته، اكد الخبير الاقتصادي واستاذ علم الاقتصاد في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني ان "استخدام عملة اليوان بالتجارة الخارجية مع الصين ستخضع لنفس الشروط السابقة ولا تكون خارجة عن المنصة الالكترونية وهي النقطة التي كان يتصورها البعض بانه ستكون غير خاضعة للمنصة"، مبينا انه "بكل الاحوال ستدفع بالدولار حتى تحصل على العملة الاخرى".
واضاف ان "قسما من التجار طالبوا الحكومة باستيراد البضاعة من الصين بعملتهم المحلية لتسهيل عملية الاستيراد بشكل اسرع وهو ما وافق عليه البنك المركزي العراقي"، لافتا انه "بإمكان التاجر من فتح حساب بالبنك المركزي الصيني او البنك التنموي الاسيوي او حتى عن طريق جي بي مورغان الامريكي الذي سيقوم بتمويل التجارة العراقية عن طريق الصين من خلال الدفع بالدولار وتحويله الى اليوان الصيني".
واوضح المشهداني ان هذه "العملية قد تشعر التجار بأكثر اطمئنانا وتحررا وبسرعة التحويل بعد ان كانت تتم هذه التحويلات لأكثر من 20 يوما وهي مدة طويلة بالنسبة اليهم في حين ان الاعتماد على البنك الصيني كوكيل او البنك التنمية الاسيوي سيقصر المدة لوجود رصيد مالي في هذه البنوك".
وشهد العراق نقصاً في الدولار بعد تعرضه لضغوط من الولايات المتحدة تهدف إلى الحد من تدفق الأموال إلى الدول المجاورة والتي تم فرض عقوبات مالية عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية، وقد فرض بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في تشرين الثاني الماضي ضوابط أشد صرامة على المعاملات الدولارية للبنوك التجارية العراقية، نتيجة لذلك، تباطأت الموافقة على التحويلات ودفعت بالتجار في نهاية المطاف إلى شراء الدولار من مكاتب الصرافة، مما رفع اسعار الدولار ازاء الدينار العراقي الى مستويات عالية ادى الى ارتفاع اسعار المواد الاساسية والغذائية في الاسواق المحلية.