التعديل الوزاري المرتقب.. ضغوط سياسية أم رغبة بتحسين الأداء؟
26-نيسان-2023
مجاشع التميمي
أعتقد أن موضوع التعديلات الوزارية في حكومة السيد محمد شياع السوداني لا جدوى منها، لأن هناك ثلاثة مستويات لأي وزارة يجب أن نفرق بينها، وهي: هل الوزارة تمثل سياسة وزير أم سياسة وزارة؟ والفارق بينهما كبير؟ أم إنها تمثل رؤية ضمن منظومة لمنهاج وزاري يحدد لها من قبل رئاسة الوزراء؟.
في العراق أحيانا تجد منهاجا وزاريا متكاملا فيه بلاغة لغوية لكن في التطبيق يتعذر.
تشكيلة الحكومات العراقية المعتادة منذ الحكومة العراقية المؤقتة أو حكومة أياد علاوي 2004 هي نتاج التوافقية والتوازنات، وأكيد حتى قيادات الإطار الآن ومنهم الشيخ قيس الخزعلي وهو الشخصية الأبرز داخل الاطار يحبذ تعديل المادة 76 من الدستور وتحويلها من الكتلة الأكثر عدداً داخل قبة البرلمان إلى الكتل الفائزة بالانتخابات وهو نفس مشروع السيد مقتدى الصدر قبل انتخابات 2021، وهذا ما طالب به الأكاديميون والمراقبون منذ عام 2005، لأن الكتلة الأكثر لا تتيح للمكلف باعتباره ليس الفائز في الانتخابات أن يقدم منهاجا وزاريا حسب رؤيته الشخصية، وهذا هو الخلل الأساسي في الحكومات العراقية.
إذن التعديلات الوزارية المزمع اجراؤها نتيجة ضغوط داخلية أو خارجية سوف لن تجدي نفعاً لاسباب عدة أهمها:
1. كيف تتم محاسب الوزراء ولم تقر الموازنة حتى هذه الساعة ويتم الصرف استناداً للمادة -13- من قانون الإدارة المالية الإتّحاديّة رقم (6) لسنة 2019، لذلك فمن الصعوبه بمكان محاسبة الوزير.
2. لغاية الآن لم تحدد المدة المخصصة للمحاسبة فقد أعُلن عن المحاسبة للكابينة الوزارية بعد ثلاثة اشهر ثم اصبحت ستة، رغم أن البلد يعيش حتى هذه الساعة استقراراً لكن ليس هذا الاستقرار المنشود، لذا يجب ان تكون هناك مدة محددة بشكل رسمي ويكون الوزراء كافة على علم بها.
3. وهي النقطة الأهم برأيي في موضوع عدم الجدوى من التعديل هو أن الوزراء جاءت بهم كتل وليس اختيار رئيس الوزراء، بمعنى أن التكليف لم يكن خيار السيد السوداني الشخصي، والقوى السياسية لم تمنح رئيس الوزراء كامل الحرية بالاختيار وجاءت الترشيحات بحسب التوازنات؛ وهذا هو مربط الفرس، بمعنى إذا اقتضت الحالة ورغب السيد السوداني في اجراء تعديل وزاري فأنه لابد من اجراء مباحثات مطولة مع الكتلة التي جاءت بهؤلاء الوزراء.
4. المحادثات الثنائية هذه لا تكفي، لأن أي وزير عندما يرغب بتغييره فأنه يجب أن تتم استحصال موافقة مجلس النواب، ورغم أن الكتلة التي تسيطر على مجلس النواب الآن هي كتلة الإطار، فالسؤال إذا تحقق هذا الشرط الوزاري، لكن ما المغزى من التعديل الوزاري؟ ويجب أن لا ينحصر في إطار الشائعات وهذا خلل في أداء الحكومة.
5. بافتراض لو نجح التعديل الوزاري وتغير بعض الوزراء فأنا اعتقد أنه سوف لن يتغير شيء لأن المنظومة الحاكمة التي تسيطر أي عمل الوزارات هي لا تتيح للوزير أن ينفرد بقراراته وإذا انفرد في قراراته فهو محكوم بمنظومة. فسياسة الوزارة أو الوزير تتحكم بها منظومة، وهنا أتحدث عن الوزارة في الجانب الفني وفي الجانب السياسي والإداري .
6. أغلب المراقبين لم يعرفوا لغاية الآن كيف يتم تقييم الوزير، ومن الذي يقيمه؟ وهل يترك الموضوع لأعضاء مجلس النواب؟ وأين دور مجلس النواب في الاستجواب والرقابة؟ لانه لغاية الآن لم يتم استجواب او استضافة أي وزير من قبل مجلس النواب، وفي السياق الطبيعي فحينما يشعر رئيس الوزراء ان هناك خطراً من الاستجواب، أو تحقيقاً على بعض الوزراء يوعز بعملية التعديل، لكن أن يبادر رئيس الوزراء بالتعديل بدون أي استجواب أو تحقيق فهذا يثير الدهشة كون رئيس الوزراء هو من كلف هذا الوزير.
7. أخيراً أعتقد أن تقييم الوزير (بصورة عامة) بعد ستة أشهر لا يجدي نفعاً في تقييم عمل وزير، لأن برنامج الحكومة معد لأربع سنوات، ولربما الوزير لديه خطط تستمر لأربع سنوات على مستوى التخطيط وعمله سيظهر بعد سنة ونصف مثلا فلماذا هذا التكليف والتسقيط السياسي؟ باعتبار أن عزل الوزير أو استبداله أشبه بأنتحار سياسي إلا إذا كان الوزير هو من قدم استقالته.