بغداد ـ ياسر الربيعي
في 28 تشرين الأول 2022، تولى محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة العراقية، خلفا لمصطفى الكاظمي الذي غادر المنصب مخلّفا الكثير من التراكمات في مختلف القطاعات، فيما أثقل السوداني نفسه ببرنامج حكومي يتكون من 23 فقرة، لم يتحقق منها شيء بشكل ملحوظ حتى الآن.
وأبرز التحديات الراهنة تتمثل بأزمات الدولار والجفاف والفساد المستشري في دوائر الدولة، والخدمات.
وبشكل مثير للسخرية، قال رئيس الحكومة السابق الكاظمي، عقب نيل حكومة السوداني ثقة البرلمان، إنه يسلم قيادة البلاد إلى رئيس الحكومة الجديد "والبلد ليس فقط بحال أفضل، بل والعراق هو أسرع اقتصاد عربي نموا في العام 2022".
ودعا الكاظمي "القوى السياسية إلى دعم كل مسعى للحكومة الجديدة على طريق الاستقرار والنمو والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان"، محذرا من أن "الضغوط الحزبية والابتزاز السياسي لأي حكومة سوف يعيق استكمال الإصلاحات الإدارية والاقتصادية، ومواجهة تحديات المستقبل".
وأعلنت حكومة السوداني أولوياتها في العمل، ووضعت خطة لذلك، وأقرت موازنة ثلاثية للشروع بها، لكن الموازنة لم تطلق حتى الآن، لعدم وجود كتلة نقدية، ما تسبب بتلكؤ البرنامج الحكومي.
وكانت أبرز وعود حكومة السوداني: حصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد المالي والإداري، ومعالجة أزمتي الفقر والبطالة، ورفع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وإنهاء وجود الجيش والفصائل المسلحة في المدن، وإجراء إصلاحات في القطاعات الاقتصادية والمالية والخدمية.
وألزمت نفسها بإنهاء ملف التعيينات بالوكالة في المناصب الوزارية، إلى جانب وعودها بتنفيذ اتفاقية تطبيع الأوضاع في سنجار بالاتفاق مع حكومة إقليم كردستان، وتخصيص موازنة كافية لتعويض المتضررين جراء العمليات الإرهابية والعسكرية بموجب القانون النافذ، ومعالجة ملف الفراغ الأمني في المناطق الإدارية بين إقليم كردستان وباقي مناطق العراق، وملفات عديدة أخرى ما زالت تنتظر التنفيذ.
ومن أبرز النقاط التي أكدت الحكومة على تنفيذها هو تخفيض نسبة الاعتماد على الإيرادات النفطية لتمويل موازنة الدولة خلال ثلاث سنوات إلى 80%، عن طريق تنويع وتعظيم الإيرادات غير النفطية، لكن الخبير الاقتصادي جمال الهداش، يعتقد أن الحكومة "لا تستطيع تنفيذ برنامجها الاقتصادي حاليا، لأن الاقتصاد العراقي اقتصاد يتيم معتمد على النفط ولا يوجد ناتج محلي إجمالي ولا تشجيع للصناعة المحلية والزراعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهناك اعتماد على الاستيراد بشكل رئيسي لسد حاجة البلد".
وما يبدو واضحا للعيان، ان الحكومة باشرت توسعة مختلف الشوارع، لا سيما في العاصمة بغداد، ضمن خطة فك الاختناقات المرورية، التي زادت الشوارع زاحما واختناقا، الامر الذي اضطر الحكومة الى التفكير بتغيير الدوام الرسمي لوزارات ودوائر الدولة.
فيما يقول مدير مركز "الرفد" للإعلام والدراسات الإستراتيجية، عباس الجبوري، إن "الحكومة لم تمتلك الأموال، حيث إن الموازنة لم تطلق لغاية الآن بسبب عدم وجود كتلة نقدية، فضلاً عن الصراعات السياسية التي حدثت خلال الفترة الماضية، ما تسبب بتلكؤ البرنامج الحكومي المتكون من 23 فقرة".
ويشير الجبوري إلى "وجود تحديات عديدة أمام حكومة السوداني أولها ارتفاع الدولار، والجفاف ونقص المياه، ورغم تحقيق إنجازات إلا أنها غير واضحة، بسبب ما ورثته من تراكمات الحكومات السابقة".
وينبّه إلى أن "حكومة السوداني تواجه تحدياً كبيراً في ملف مكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة"، مبيناً أن "الفساد أصبح منظومة لم تقدر الحكومات السابقة على تفكيكها، لذلك تعمل الحكومة جاهدة لايقافه على الأقل في هذه المرحلة".
أما الأكاديمي والمحلل السياسي، د. عزيز جبر، فيجد أن هناك عقبات كثيرة أمام رئيس الوزراء، لا سيما في ما يتعلق بإصلاح البنى التحتية وسعر الدولار.
ويشير جبر إلى أن "إصلاح البنى التحتية الذي تضمن إقامة مشاريع في بغداد، تسبب بالكثير من الزحامات المرورية، ما يعكس عدم قدرة الحكومة على إدارة هكذا مشاريع، أو ربما تعود هذه العقبات إلى أسباب خارج عن إرادتها، نظراً للعدد الكبير من المركبات في الشوارع التي هي في الأساس ضيّقة".
أما الجانب الثاني، فيوضح جبر، أن "الدولار بات مصدر قلق للكثير من العراقيين، نتيجة ارتفاعه غير الطبيعي حتى تجاوز 160 ألف دينار قبل أيام".