الحكيم وبن سلمان .. شراكة الأقوياء
20-آب-2022
عمار البغدادي
ليس لدى السيد الحكيم اجندة سرية او برنامج حزبي خاص وحين يجلس الى الحاكم العربي خصوصا الاقليمي القريب لشواطئنا اليابسة يتحدث عن شيء مشترك وملف محوري وموضوع مهم ويجتهد في الاليات التعبيرية لايصال الفكرة والاقناع بالطرح مبتعدا عن الخاص الحزبي والاسري والعائلي والقيادي والاطاري الذي يتقاطع فيه الخلافي بالجدلي بالانانيات الشخصية ومقتربا من العام الوطني .
لهذا السبب كان الحكيم الشخصية الاكثر انجذابا في العالم العربي والاكثر حضورا في صالونات الرؤساء العرب من قاهرة المعز وحسني مبارك وعبد الفتاح السيسي الى تونس وثورة الربيع العربي الى شمال افريقيا والخليج وسوريا ولبنان .. وربما اصبح لدى المؤسسات الرئاسية العربية فهم خاص لفكرة الدولة وجدليات الازمة ومانعانيه محليا عبر النافذة السياسية والذهنية للسيد الحكيم.
ازعم ان ليس هنالك قيادي او وزير او زعيم حزب لديه ثقافة الحكيم السياسية ورؤيته الفكرية واعتداله الشخصي وهو ما انعكس على حضوره الاجتماعي وتنظيماته الحزبية وخطابه الذي يميل الى فكرة الدولة الرصينة والفريق المنسجم والشرعية الوطنية والوسطية والاعتدال اكثر من ميله الى الدولة الثورية او الدولة القائمة على حاكمية المكونات الحزبية وسلاح المجموعات المتنفذة ولهذا ربح الحكيم النافذة العربية التي كانت ولم تزل حتى زيارة السيد الى الرياض موصودة امام الدولة العراقية بسبب الظروف الملتبسة المحيطة بالملف العراقي ولو حيل بين الحكيم وادارة الدولة وتوفر الشروط الموضوعية لقيام الحكم الرشيد لكان الرجل انتهى من حسم العديد من الملفات العالقة في العلاقة مع العرب والعديد من الاشكاليات الدامية في العلاقة بين الاطار والتيار ولربما ذهبنا الى الدولة الحديثة ومواصفاتها الليبرالية المعروفة من خلال رؤية الرجل وفهمه وقدرته على التقاط الاشياء.
ولعل هذا الجاذب هو الذي اغرى السعودية وبن سلمان دعوة السيد الى زيارة الرياض واستقباله البروتوكولي والبرنامج الذي اعد له والاحاديث الودية التي اكدت على عمق العلاقات الاخوية بين البلدين وسبل تطويرها ودعمها وتنميتها.
مااريد ان اقوله في هذه المقالة السريعة مايلي .
- ان السيد الحكيم ذهب الى السعودية وفي رؤيته حديث خاص وجهد يفترض ان يبذل من اجل قيام علاقات عراقية – سعودية مستقرة ينهض فيها الطرفان بالمسؤوليات التاريخية تجاه شعبيهما وبلديهما سيما وان الحكيم الحاضر في القصر الملكي العاكف على تسوية الملفات العراقية والعربية – السعودية العالقة لم يذهب الى الرياض الا بمشروع توطيد العلاقات مع المملكة وازالة كافة العوائق والاسلاك الشائكة التي وضعتها ظروف عراقية وسعودية واقليمية سابقة فأثرت على البيئة المشتركة وباعدت بين البلدين حتى بدت الحدود الواحدة حدودا متباعدة في المعنى متقاطعة في المحتوى والاشارة والمضمون كالحدود المكسيكية الامريكية او الكويتية العراقية بعد الثاني من آب 1990.
- ان السيد الحكيم بذل ويبذل جهودا كبيرة في اطار تنظيف المجال العربي من نزعات التطرف والعدوان ويسعى الى توطيد وتجسير العلاقة بين شيعة البلدان التي يقيمون فيها والانظمة السياسية الحارسة والضامنة والراعية لحقوق الاقليات الاجتماعية – الدينية وامكانية حسم ملف الحقوق المدنية بالتسويات الوطنية الشاملة.
ويجد السيد الحكيم في دفاعه عن حقوق الاقليات الدينية والاجتماعية في المجتمعات العربية ذات الكثافة الشيعية واجبا شرعيا واخلاقيا تمليه الضرورات الشرعية وتتطلبه طبيعة المجتمعات العربية الحالية التي بدأت تعاني ضغط العيش والحاجة الى الحياة الحرة الكريمة والمشكلات الاقتصادية الهائلة التي تقع فوق طاقة الفرد والمواطن العراقي والعربي على حد سواء .
لذلك كان لزاما عليه وهو ابن اسرة عرفت بالتصدي للعدوان والشر والاستئصال القادم من عمق التاريخ الخاص بالمرجعية الدينية قبل 100 عام استرداد الحقوق وايجاد صفقة سياسية بشهادة شهودها تقضي باقامة علاقات عربية دائمة ومنتجة وتدمير كافة اوجه النشاطات الارهابية في البلاد.
كانت الزيارة فاتحة عهد سياسي جديد بين تيار الحكمة والمملكة العربية السورية والعراق والرياض ومنطلق لتعزيز الرهان على الرجل بوصفه الزعيم والرئيس الفعلي لتيار الحكمة الوطني الذي يجسد امال وطموحات ومشروع السيد محمد باقر الحكيم القاضي بتعميم لغة الحوار المشترك وتجسير العلاقة مع المحيط الخليجي .
ان الزيارة فاتحة زيارات قادمة سيعم ريعها على العراق والسعودية وتحقيق المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والدينية والسياسية التي تضع العراق في قلب الرياض وتضع الرياض في قلب بغداد .
هذا مايريده الحكيم وهو يزور الرياض ويلتقي كبار الشخصيات السياسية في البلاد وولي العهد السعودي الذي يقارب السيد في العمر البشري ويماثله في الطموحات والامال اذ يطمح سماحته رؤية العراق نموذجا متقدما بفعل اقتصاده الريعي الواسع وطاقات المملكة في استثمار معطيات هذا الاقتصاد في خدمة المصالح المشتركة للبلدين .
ان السيد الحكيم لم يزر السعودية الا بناءا على دعوة رسمية سبقتها دعوات تم تأجيلها لاسباب موضوعية من قبل السيد .. وفي المعلومات الخاصة ان الحديث السياسي كان في الشأن العراقي وامكانية الرياض تحمل مسؤولياتها الاخوية في فض الاشتباك وتهيئة ماينعكس توازنا على الاوضاع العراقية وامكانيات حلها سياسيا بوجود الاطراف الضامنة.
مااكده السيد الحكيم في الرياض هو عين مايؤكده في احاديثه السياسية العراقية وهو ضرورة ان يكون الحل عراقيا مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية العراقية .
ان القضية العراقية شأن وطني خاص وان الموضوع العربي عامل مساعد ايجابي على طريق تحقيق الوحدة السياسية التي لابد منها ان الاطراف العربية المحاضرة سيكون لها دور مأمول في حل المشكلات والتأُثير فيها من اجل قيام الحكومة الوطنية المأمولة بعيدا عن مخاطر التجريف وتخويف البنادق.