الخضراء بعد ثورة عاشوراء !
19-أيلول-2022
هادي عمار*
لن تكون المنطقة الخضراء هذه المرة بمنأى عن التجاذبات المسلحة اذا مااتجه الاطار التنسيقي لقرار عقد جلسة مجلس النواب والذهاب الى انتخاب رئيس الجمهورية !.
ولن تكون قوى الاطار أيضا بمنأى عن الممحاكات الأمنية الى جانب مقراتها وبيوت قادتها وقد تتم جملة من محاولات الاغتيال والتصفية الجسدية بحق قادة التيار والاطار بهدف خلط الأوراق وزيادة تسعير حدة التنافس والكراهية واذا بقيت الخضراء مشتعلة على ضوء هذا المتوقع لمدة أسبوع فان المجلس سيتحول الى ثكنة عسكرية والقصر الجمهوري الى جبل احد وبناية المطعم التركي في الباب الشرقي الى فلكور شرقي يحتفى به في المناسبات الوطنية لحراك تشرين !.
ومع حركة الاطار التنسيقي السريعة وتصريحات قادته إزاء الإصرار على عقد الجلسة الأولى والتواصل مع دعوات رئاسة الوزراء الخاصة بالحوار الوطني لانها نافذة تمنح التنسيقي فرص لالتقاط الانفاس وتؤكد للساحة العراقية انه جاهز لاية مبادرة لحل الازمة يستمر الصدريون بالتحشيد الإعلامي ومهاجمة الاطار التنسيقي على مواقع التواصل الاجتماعي وارسال اكثر من رسالة بمستويات مختلفة انهم سيكبحون عقد الجلسة الأولى مع زيادة في عبارة ان المكونين السني والحكومي رهنا حضور الجلسة الأولى بالتئام اطراف المكون الشيعي واتفاقهما وهذا ما لاتقوم له السماوات والأرض عند الصدريين !. لقد وضع السيد الصدر الحدود النهائية لرؤيته إزاء الحل ولم يتخط ذلك بل اعتبر التخطي مجالا للمراوغة والكلام غير المسؤول وعد ذلك خيانة عظمى لامانة الامة ومسؤولية التصدي .. لقد رهن العودة الى الحياة السياسية وممارسة دوره كتيار في مجلس النواب والدولة ومؤسساتها بحل مجلس النواب والذهاب الى انتخابات مبكرة مع بقاء حكومة السيد مصطفى الكاظمي وهو ما يتعارض كليا مع مبادئ الاطار التنسيقي وثوابته التي توافقت مع الصدر في الشرط الأول بالعودة الى صناديق الاقتراع لكنها تصر على تشكيل حكومة لسنة واحدة برئاسة محمد شياع السوداني لكن الصدر يدرك ان هذه السنة كفيلة يتذويب شرط السنة مادامت كاملة الصلاحيات من الناحية الدستورية المضي في إدارة الدولة لاربع سنوات مقبلة وهذا ما يتعارض مع ثوابت الصدر في تشكيل الحكومة.
وصل الفريقان الى حدود النهايات السائبة وتركا لكليهما حق التصرف بالطريقة التي يراها كل طرف لحل الازمة القائمة .. ومايراه التيار يتعارض مع مايراه الاطار مع يقين كل طرف انه سيمضي الى البطش بالطرف الثاني واذا سلم الصدريون عنق الفرصة القادمة بعد أربعين عاشوراء الحسين "ع" فانهم سيسلمون اعناقهم للاطار التنسيقي وفي الاطار قادة وأحزاب سياسية واطراف حزبية تحاول اقصاء الصدريين باية طريقة او الذهاب معهم الى صولة شبيهة بصولة الفرسان عام 2007!.
ما يبشر به التنسيقي لن يتحقق بالهين لوجود عقبات عدم وجود أرضية سياسية للذهاب الى الجلسة الأولى ورهن الاكراد والسنة التوافق على حضور الجلسة بوحدة الاطار والتيار على رئيس مكلف وحضور الجلسة الأولى ومايريده التيار الصدري ثم اجهاضه بعد الانتخابات البرلمانية قبل 11 شهرا بالذهاب الى التوافق ورفض تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية !.
البلد في هذه الحالة واقفة على قرن ثور كما تقول الفلسفة اليونانية ولن يتوافق الطرفان مادام وقع السيف بين الطرفين وانقطعت العصمة وسال الدم ولم يبق في القدس من منزع !.
لا اميل الى منطق المؤامرة "وسوالف" مواقع التواصل الاجتماعي بوجود "خطة سعودية" وتمويل عربي لاجهاض تشكيل حكومة اطارية وتشكيل حكومة تيارية لان مثل هذا الكلام مردود على اصحابه جملة وتفصيلا ولو كان الامر كذلك لاعتبرنا حكومتي المالكي في الــ2007 و2011 تشكلتا بتمويل خارجي ودعم دول جارة ففي الأولى كان الفائز بغالبية الأصوات رئيس القائمة العراقية اياد علاوي وتم الالتفاف على الفوز بذات الطريقة التي تم فيها الالتفاف على الأغلبية الوطنية في انتخابات 2021 وفي الثانية تم احباط اجماع القوى السياسية في أربيل الشيعة والسنة الاكراد بدعم خارجي للإطاحة بحكومة المالكي لاسباب لم تعد خافية على احد .. وحتى الفوز الذي تحقق في تحالف القانون لم يكن قادرا على تشكيل حكومة الا بالتوافق مع الأطراف الأخرى ونقولها للتاريخ .. لولا التيار الصدري لم تكن حكومتا المالكي في الــ 2007 و2011 تمضيان في إدارة البلد والفوز باجماع أصوات مجلس النواب . الصدر كان يطمح ان يكرر الاطار التنسيقي تجربة الوقوف معه كما وقف مع المالكي وان يصل الاطار الى قناعات التيار بتأسيس حكومة الأغلبية الوطنية للخروج من حكومات المحاصصة والفساد كما ورد ويرد في ادبيات التيار الصدري لكن ذلك لن يتحقق اطاريا !. كان على السيد مقتدى الصدر تطمين الفرقاء السياسيين بضرورة تشكيل حكومة الأغلبية ويبدا بشراكة الأقرب اليه في اطراف المكون واذا كان لديه برنامج إصلاحي طموح قادر على محاربة الفساد فليبدا بالمؤسسات والوزارات والهيئات المستقلة وتوفير الأرضية الوطنية لقيام تجربة في التطوير والبناء والتنمية وخطة طويلة الأمد لاستيعاب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية واحتواء ردود الفعل الشعبية بالانجاز وليس بالكلام التسويقي – الانتخابي الكاذب الذي تمارسه الكتل السياسية في كل دورة انتخابات نيابية. من هنا اعتقد ان الذهاب لعقد الجلسة الأولى مع بقاء ذات أسباب الخلاف وتراكمات جرت في الخضراء قبل ثلاثة أسابيع استفزاز واضح للتيار الصدري ناهيك عن الرسالة السياسية التي يرسلها الاطار التنسيقي للمكونين السني والكردي حيت يتجه لتشكيل حكومة دون ادراك المعطيات السنية والمشهد المروع الذي يلي الساعات الأولى لتكليف شياع السوداني برئاسة الحكومة في الشارع !.
انها الفرصة الأخيرة لتلافي ردود الفعل التشريني والصدرية في الساعات المقبلة بمبادرة سياسية شاملة يقدم فيها الفرقاء المتخاصمون تنازلات حقيقية لتخطي الاقتتال القادم على بوابات الخضراء والذهاب الى الحل الوطني الذي يرضي الشعب العراقي ويهدأ الامة ويطمئنها على مستقبلها ومصيرها قبل ان يرضي القوى السياسية التي فشلت في تشكيل حكومة واساءت لاعظم تجربة في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعجزت عن تبليط طريق للزوار فتحولت لعنة الملايين من استهداف يزيد والنظام الاموي الى استهداف هذه القوى ومن يقف خلفها !.
• كاتب عراقي يقيم في تورنتو