مشتاق الربيعي
بالحقيقة لا توجد ديمقراطية بالعراق على الإطلاق، ولقد انتهت ملامح الديمقراطية بالعراق منذ نهاية انتخابات عام 2010 عندما التفت معظم القوى السياسية بذلك الوقت على القائمة العراقية التي يتزعمها السيد رئيس الوزراء الأسبق الدكتور اياد علاوي وقامت بالضغط على المحكمة الاتحادية واطلقت تفسيرها غير الموفق بأن الكتلة الأكبر تشكل بعد أنتهاء الانتخابات وسط مباركة إقليمية.
هذا الأمر مخالف ما نص اليه الدستور لان الدستور العراقي لا ينص لمثل هكذا شيء مطلقاً، ومنذ ذلك الوقت بدأت حكاية انهيار الثقة بين الدولة وابنائها الموطنين، وبعد ذلك اندلعت موجات احتجاجية بالعراق بسبب الانعدام شبه التام بالخدمات وعدم توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل، والتوتر السياسي سيد الموقف بالمشهد السياسي العراقي، حتى وصل الحال إلى انعدام الثقة بين كافة الأحزاب السياسية المشاركة بالعملية السياسية، لان معظم هذه القوى يصب اهتمامها على الاستحواذ على مركز القرار السياسي بالعراق ومن اجل مصالحهم الشخصية والسياسية والتي طغت على مصلحة البلاد العليا حتى وصل بنا الحال في الانتخابات النيابية الأخيرة إلى مرور اكثر من عام على تشكيل الحكومة بعد انسحاب التيار الصدري من المجلس النيابي الموقر وقرر عدم مشاركته بالحكومة برغم العزوف شبه التام بالانتخابات من قبل المواطنين حيث وصلت نسبة المشاركة فيها تقدر بنسبة 20% وهذا دليل واضح وقطعي عن عدم قناعة الشعب العراقي بالطبقة السياسية الحاكمة على الإطلاق وهذه أيضا كانت مخالفة دستورية وبرغم ذلك شهدت مباركة دولية.
منذ اندلاع انتفاضة تشرين المجيدة والتي قدم الشعب العراقي من خلالها لوحة وطنية رائعة ضد الظلم والفساد والإستبداد وقدموا الغالي والنفيس من اجل حياة حرة كريمة وتوفير عيش كريم بكافة المواطنين وكانت انتفاضة الاحبة من تشرين بصورة حضارية خرجوا من رحم الظلم والمعاناة ورفعوا شعارات وطنية عراقية ويحملون الورود والأعلام على صدورهم فقط، لكن من المؤسف خرج اليهم ما يعرف بالطرف الثالث وبطش بهم حيث مارس بحقهم سياسة القتل والترهيب والوعيد وخلفت جراء ذلك آلاف الشهداء والجرحى، والبعض من مسؤولي العراق انزل بحقهم تهماً ما انزل بها من سلطان من أبناء السفارات والجوكرية، وبالحقيقة هؤلاء الفرسان هم أبناء العراق الأصلاء وكانت انتفاضتهم بصورة سلمية وحضارية وقد كفلها الدستور ومنذ ذلك الوقت انتقلنا بعد ذلك إلى الحكومات التوافقية من حكومة السيد عادل عبد المهدي والى حكومة السيد الكاظمي ثم إلى حكومة السيد السوداني.
إن كانت الحكومات تشكل بصورة توافقية وبهذا الشكل وبعيدة كل البعد عن الحسابات الانتخابية ما قيمة الانتخابات النيابية بعد الان؟ بالحقيقة هذه السياسة التي تسير بها الدولة غير مجدية وينبغي العمل على تصحيح مسار العملية السياسية وترسيخ الديمقراطية عن طريق إقامة تغيير شامل بقانون الانتخابات وسط مشاركة كافة القوى السياسية المشاركة وغير المشاركة بالعملية السياسية وفق الدستور وتغيير بعض الفقرات بالدستور وسط انتخابات من اجل إيجاد ديمقراطية حقيقية وإعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب، مع الغاء الحلقات الزائدة بمفاصل الدولة منها المجالس المحلية التي تكلف ميزانية الدولة أموالاً طائلة مع الغاء كافة الامتيازات التي يتحلون بها وتخفيض المستحقات المالية للأعضاء المجلس النيابي والوزاري وأصحاب الدرجات الخاصة وكذلك الرئاسات الثلاث وجعلها متواضعة من اجل المجيء بأشخاص تعمل حباً وإيماناً بالعراق، لان منذ عقدين من الزمن على الإطاحة بالنظام البائد والى يومنا هذا نرى فقط عملية تبادل بالأدوار بين كافة مسؤولي الدولة، وعند نهاية كل دورة نيابية يشهد العراق ولادة أحزاب سياسية جديدة، ولا يوجد بلد من كافة بلدان العالم يوجد فيه هكذا عدد من الأحزاب السياسية.
هذا الأمر له تداعيات سلبية وكبيرة وخطيرة على العراق والمنطقة أيضا لذلك ينبغي تطبيق قانون الأحزاب مع تطبيق قانون من اين لك هذا مع كافة المسؤولين دون استثناء لان معظم مسؤولي العراق عندما كانوا بالمعارضة كانت حالتهم المالية متواضعة والان هم في حالة ثراء فاحش وليس فقط من أثرياء العراق بل من أثرياء العالم، وان استمر الحال على ما هو عليه الان ليس من البعيد ان تندلع بالعراق انتفاضة شعبية كبيرة وجديدة وهي انتفاضة المظالم، لان كافة المعطيات بالشارع العراقي تشير إلى ذلك، لذلك اتقوا الله مع العراقيين.