السليمانية ـ وينثروب رودجرز
(الجزء الثاني)
في الجزء الأول من الرحلة من السليمانية إلى منتجع دوكان على ضفاف البحيرة، يتمتع السائقون بسلاسة على طريق سريع حديث. إنه القسم الأسهل إلى حد بعيد، ما يترك الكثير من الفرص للاستمتاع بالمناظر الطبيعية. يخرج الرعاة قطعانهم ليأكلوا على الحافة. في الربيع، مجموعات من أشجار اللوز هي بتلات وردية وبيضاء. من الأعلى، يتجه الجزء الأكبر من جبل بيراماغرون نحو حصن سوسة، وهو حصن بناه الاتحاد السوفييتي عام 1977 للجيش العراقي، الذي أصبح الآن بمثابة سجن لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. يواجه المسافرون أول نقطة من نقاط التفتيش الخمس على هذا الطريق بعد بلدة تاسلوجا. ويعمل في كل مركز قوات الأسايش، جهاز الأمن الداخلي في إقليم كردستان. وترتبط وحدات الأسايش إما بالحزب الديمقراطي الكردستاني أو الاتحاد الوطني الكردستاني، حسب المنطقة. ومع تعليق بنادق الكلاشينكوف على أكتافهم، يقومون بفحص بطاقات الهوية، ويستجوبون السائقين عن وجهاتهم، ويفتشون المركبات أحيانًا.
قال براوي "نقاط التفتيش تبطئنا". "نظرًا لأنه يجب إيقاف الشاحنات والمركبات لفحصها، فإن ذلك يتسبب بطابور طويل جدًا من السيارات في حركة مرور محبطة." ظاهرياً، توجد نقاط التفتيش لضمان الأمن في بلد لا يمكن اعتبار ذلك أمراً مسلماً به، لكن دورها السياسي لا يمكن تجنبه. فهي ليست رمزية فقط للحزب الذي يسيطر على منطقة معينة ولكنها أيضًا وسيلة عملية لفرض المصالح الحزبية.
في عام 2015، أوقف الحزب الديمقراطي الكردستاني رئيس برلمان كردستان آنذاك عند إحدى نقاط التفتيش التابعة له لمنعه من السفر إلى أربيل ورئاسة جلسة لمناقشة القرار المثير للجدل الذي اتخذه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني بتمديد فترة ولايته. كرئيس لإقليم كوردستان. بقي بارزاني في السلطة لمدة عامين آخرين.
بعد دوكان، يضيق الطريق إلى مسارين فقط ويلتوي طريقه عبر الأراضي الزراعية المتموجة التي تحيط بها التلال الجبلية المسطحة على كلا الجانبين. يتوقف العديد من السائقين عند كاني واتمان، الذي يمثل نقطة منتصف الطريق النفسية إلى أربيل. وتشتهر بمجموعة المطاعم التي تقدم الطعام الكردي. بعد تناول وجبة كبيرة، يتدفق الشاي بحرية ليعطي دفعة تشتد الحاجة إليها لإكمال بقية الرحلة.
من المهم أن تبقى في حالة تأهب. حوادث السيارات شائعة. وفقاً للمديرية العامة لشرطة المرور في حكومة إقليم كردستان، قُتل ما لا يقل عن 445 شخصاً وأصيب 7250 آخرون على طرق المنطقة العام الماضي. في حين أن عادة عدم ارتداء أحزمة الأمان تساهم بالتأكيد في عدد القتلى، فإن السيارات والشاحنات التي تسير وجهاً لوجه بسرعة عالية على الطرق ذات المسارين تعتبر عاملاً رئيسياً في الوفيات الناجمة عن حوادث التصادم. وقال آراز عبد الله، الذي يعمل في مطعم كردستان آزاد "الطريق السريع الحديث سيكون أكثر أماناً". "سوف يجلب المزيد من الناس. وهذا طريق استراتيجي للسياح وجسر مع بقية العراق. كما تؤدي الجودة الرديئة للطريق إلى إرهاق السائقين ومركباتهم. في سماقولي نقطة اختناق سيئة السمعة تحدث عندما يتعين على الطريق عبور قمة سد صغير. ولسنوات عديدة، كان يغمره الفيضان أثناء هطول أمطار الشتاء. أهملت الحكومة المشكلة، وفي نهاية المطاف، قام أحد السياسيين المعارضين المعروفين بحركاته الشعبوية بتعيين طاقم هندسي ورفع ارتفاع الطريق عدة أمتار.
مع ذلك، استمرت المشاكل في المنطقة. تركت الحفر التي ابتلعت السيارات بسبب حركة مرور الشاحنات المستمرة لتتفاقم. في ربيع هذا العام، احتج السكان المحبطون، وأغلقوا الطريق لساعات. وسارع الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يسيطر على المنطقة، للرد، ويخضع الطريق حاليًا لإصلاحات كبيرة. لكن في هذه الأثناء، يتحول هذا الطريق الحيوي إلى سطح من الحصى. وربما يكون الحزب حريصا على تهدئة السكان قبل الانتخابات الصعبة المتوقعة العام المقبل، لكن معظم الناس سئموا من سوء الإدارة.
وقال آزاد كمال، وهو جالس وسط سحابة من الغبار أثارتها حركة المرور التي تمر بمقهى على جانب الطريق في سمقولي "إنها أكثر من مجرد انتخابات". "حتى أثناء الحرب الأهلية، في عهد النظام البعثي، ومنذ ذلك الحين، لم تتم خدمة هذه المدينة مطلقًا. كل شيء يقع دائماً على عاتق الناس".
بعد وقت قصير من سمقولي، يمر المسافرون إلى أراضي الحزب الديمقراطي الكردستاني. مناظر المزارع والجبل هي نفسها، ولكن هناك تغييرات طفيفة. لم تعد الأيقونات السياسية على اللوحات الإعلانية على جانب الطريق تصور مام جلال، الزعيم السابق للاتحاد الوطني الكردستاني الذي توفي في عام 2017، بل تظهر البارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني المسن. أما بقية الطريق إلى أربيل، فلا يزال طريقا ضيقا ووعرا مع حركة مرور كثيفة ونقاط تفتيش دورية. بعد في امتداد مروع بشكل خاص على جانبي قرية بختشاي بتشوك، حيث يتعرج الطريق عبر سلسلة من التلال، تظهر عاصمة إقليم كردستان أخيرًا في السهل أدناه، مخفية جزئيًا تحت غطاء دائم من الغبار والتلوث. تمامًا كما هو الحال في طريق الخروج من السليمانية، يصبح الطريق هنا طريقًا سريعًا مناسبًا وتذكيرًا بما هو ممكن.
هناك طرق أخرى يستخدمها السائقون للتنقل بين السليمانية وأربيل، لكن لكل منها مشاكله الخاصة. وتبقى السياسة هي العامل الرئيسي.
تربط الطرق السريعة المقسمة كركوك بكلتا المدينتين، وتشكل جانبين لمثلث قائم الزاوية حيث يمتد طريق السمقولي على الوتر. بين عامي 2014 و2017، سيطرت القوات الكردية سيطرة كاملة على كركوك واختار معظم السائقين المرور عبر المدينة بسبب الطرق الأفضل. تغير هذا عندما استولت قوات الأمن العراقية وقوات الحشد الشعبي على المنطقة من البشمركة في 16 أكتوبر 2017، في أعقاب استفتاء استقلال إقليم كردستان. ومنذ ذلك الحين، يعتقد بعض المسافرين الأكراد أن السفر عبر طريق كركوك ينطوي على مخاطر إضافية، نظرا لوجود ميليشيات الحشد الشعبي. وربما عززت الاشتباكات القاتلة التي وقعت في الثاني من سبتمبر/أيلول بين السكان العرقيين المختلفين في المدينة هذا التصور.
يجب أن يحمل الأجانب تأشيرة صادرة عن الحكومة الفيدرالية العراقية للسفر من إقليم كردستان إلى كركوك - ختم جواز السفر من حكومة إقليم كردستان غير كافٍ - مما يجعلها بديلاً غير مناسب للسياح الدوليين ورجال الأعمال الذين يسافرون بين السليمانية وأربيل. هناك طريق آخر يمر عبر مدينة كويا، لكن هذا الطريق أيضًا ليس طريقًا سريعًا مقسمًا، ولسنوات كان مليئًا بحركة مرور الشاحنات التي مزقت السقف الأسود. وأجبرت الاحتجاجات والشكاوى من السكان المحليين السلطات أخيرًا على منع المركبات الثقيلة من المرور عبر المدينة. ومع عدم وجود تجاوز، تحول سائقو الشاحنات إلى طريق السمقولي وتسببوا في نفس المشاكل هناك. وقال وزير البناء والإسكان في حكومة إقليم كردستان، دانا عبد الكريم حماس صالح، الذي يتولى مكتبه مسؤولية بناء الطرق داخل المحافظات، إن حكومة إقليم كردستان لديها خطة لبناء طريق سريع مقسم بين أربيل والسليمانية عبر كويا ونفق أسفل جبل هيبات سلطان. وقدر أن هذا سيكلف حوالي 370 مليون دولار لإكماله. وقال حماساليه: “لكن الأزمة الاقتصادية خلقت صعوبات أمام استمرار التنفيذ”.
منذ عام 2014، عندما قطعت الحكومة الفيدرالية العراقية لأول مرة تحويلات الميزانية إلى حكومة إقليم كردستان ردا على قرار أربيل بدء صادرات النفط المستقلة، عانى إقليم كردستان من تدهور اقتصادي طويل الأمد. وتتخلف حكومة إقليم كردستان بانتظام عن دفع رواتب الموظفين في الوزارات الحكومية، كما أن الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه سيئة للغاية.
من المؤكد أن الضغوط المالية قد حدت من المشاريع التي يمكن لحكومة إقليم كردستان أن تنفذها، ولكن مع ذلك يتم إنشاء طرق سريعة حديثة ومقسمة. وأشار الوزير إلى أن حكومة إقليم كردستان قامت ببناء 56 ميلاً من الطرق السريعة المقسمة منذ يوليو 2019، عندما تولت الحكومة الحالية مهامها.
ونفى حماس صالح أن يكون هناك أي سبب سياسي وراء إعطاء الأولوية على ما يبدو للطرق داخل المناطق الحزبية، وليس تلك التي تعبر بينها. وأضاف عبر تطبيق المراسلة أن الوزارة “تبذل قصارى جهدها لتقديم الخدمات لجميع أنحاء إقليم كوردستان”.
ومع ذلك، فمن الواضح على الطريق من الذي يلومه الناس على فشل حكومة إقليم كردستان في بناء طريق سريع حديث بين أكبر مدينتين لها. ومهما كان الدور السلبي الذي تلعبه بغداد في الشؤون المالية لإقليم كردستان، فقد أتيحت للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني فرصة كبيرة للعمل معًا وتقديم الخدمات للسكان، لكنهما فشلا باستمرار في القيام بذلك.
وقال هيريش حسن، وهو جالس في مقهى سمكولي: "إذا لم تعمل الأطراف معًا، فلن يكون هناك طريق أبدًا". "نحن نشعر بخيبة أمل. … لم يتم فعل أي شيء.
وفي كاني وطمان وافق سعيد على الاستقالة. وقال: "أنت تعرف كيف هي الحكومة الكردية"، قبل أن يعود إلى حافلته، ويضيء المصابيح الأمامية ويعود إلى الليل.
وينثروب رودجرز/ من مواليد ولاية فيرجينيا وصحفي مقيم في السليمانية بإقليم كردستان العراق، يعمل على القضايا السياسية والاقتصادية وحقوق الإنسان.
ترجمة/ سلام جهاد عن مجلة نيو لينز