الزواج بأمرأة ثانية
22-أيلول-2024

علي الشرع
سوف نأخذ استراحة من الخوض في الشؤون السياسية لننتقل الى الشأن الاجتماعي، ولنا عودة لها اذا لم تخرج التحقيقات الخاصة بشبكة التنصت والابتزاز والتجسس بنتيجة تؤدي الى محاسبة وإزاحة السوداني من السلطة ومن السياسة نهائياً فهذا الرجل ينكث بوعوده ولا يخضع للقانون، ولا يظن أن تفجيرات لبنان الالكترونية وتداعياتها ستلهينا عنه.
وبالعودة الى عنوان المقال الذي ستُطرح فيه خارطة طريق ورؤية نموذجية الهدف منها الحفاظ على كيان الاسرة واستقرار المجتمع مع بروز ظاهرة اقدام الرجل المتزوج على الزواج من امرأة ثانية التي هي ليست بجديدة ولكن الجديد فيها هو اننا نعيش في عصر زادت فيه اعداد النساء المتعلمات الموظفات في المجتمع الامر الذي يرفع من احتمال طلب الزوجة الأولى الطلاق مادام لديها راتب ثابت. وموضوع الزواج من امرأة ثانية يعتبر من المسائل الحساسة بالنسبة للمرأة سواء كانت زوجة أولى ام ثانية، ويكون بنفس المستوى من الحساسية بالنسبة للرجل الحريص على مشاعر المرأة والمهتم بالاسرة، اما بالنسبة للرجل غير المبالي بالنتائج المترتبة على الزواج من امرأة ثانية فلا يشمله الحديث الاتي؛ لأنه من المفترض أن تكون المرأة مكرّمة وعزيزة ولا ينتقص من مكانتها شيء وتعامل معاملة لائقة بها وتراعى مشاعرها.
ومعلوم أن مجرد الحديث عن الزواج من امرأة ثانية ليس سهلاً على الاسرة بكاملها فضلاً عن تنفيذه. ولعل الشخص الوحيد الذي يشعر بالخطر والانزعاج من سماع حديث هذا هي الزوجة الأولى اكثر من الاولاد، فقد تنظر الى نفسها انها فشلت في احتضان الزوج ومنعه من الالتفات الى امرأة أخرى، وربما هذا هو تبرير لبعض المتزوجات او كلهن لتلطيخ وجوههن واظافرهن بالطلاء من اجل الاحتفاظ بازوجهن، والواقع الذي لا تعلمه النساء المحجبات المتبرجات أنه لا ينفع ذلك بصد الرجل عن مخططاته، وأن محاولتهن هذه فاشلة، وأن ما يمنع الرجل حقاً من تجاوز حدوده هو كونه غيور ليس الا، فالرجل الغيور والكريم يحترم المرأة ولا ينتقص منها ولا من حقوقها، ويهتم بمشاعرها، ويحرص على ان لا تنزل دموعها او تبث حسراتها امامه عن أية قضية كبيرة كانت ام صغيرة.
وبصرف النظر عن الأسباب التي تدفع الرجل الى الزواج من امرأة ثانية، فأن الاسلوب النموذجي الذي يسبق عملية اتخاذ القرار لابد أن يمر بخطوات عملية حتى تستوعب الزوجة الأولى الصدمة وتقل عليها حدة اثار الأذى النفسي، فهي العائق الوحيد امام القيام بتنفيذ مثل هكذا قرار صعب. وهذه الخطوات تشمل ما يلي:
1. ان يتم اقناع الزوجة الأولى بشكل تدريجي وبتأني وذلك بالاستعانة بالاحاديث الواردة عن النبي واهل البيت عليهم السلام من أن الشريعة لا تشترط على الرجل الحصول على موافقة الزوجة بل تشرط عليه تحقيق العدالة، بالإضافة الى (أن غيرة المرأة كفر)، والمقصود بالغيرة الممنوعة هي عدم التسليم بما قررته الشريعة الإسلامية بخصوص جواز تعدد زواج الرجل ولا يعني ذلك أن المرأة تصبح كافرة؛ لأن هذه مسائل نفسية يصعب السيطرة عليها، لكن اذعان المرأة لها يعني انها ملتزمة بكل تفاصيل الشريعة رغم مرارة القبول حتى هذه الحالة النفسية (الغيرة) التي لا تمس احد بضرر خارجي.
2. على الرجل افهام الزوجة الأولى أن الزواج من امرأة ثانية لا ينتقص من قيمة الزوجة الأولى بشيء، فمقامها ومكانتها واعتزازه بها ستبقى محفوظة قولاً وفعلاً. والايحاء لها ان قراره بالزواج من امرأة ثانية لا يعني أن لديه هوس بالنساء او أنها تنطوي على عيب. فاذا اثبت لها عملياً عدم وجود هذا الهوس والتعلق بأي امرأة تمر امامه وأنه يخالف ما يفعله الكثير من الرجال ممن لا يملكون أدنى ذرة من الغيرة مع الأسف فسوف تطمئن الزوجة الأولى من أن زواجه الثاني لن ينقص من حقوقها كزوجة بشيء، فكل ما في الامر أن جهوده الجسدية ستوزع على اثنين من النساء، وليس من المعلوم ان تلك الجهود كانت ستخصص كلها للزوجة الأولى لولا قدوم الزوجة الثانية.
3. أن عليه اقناعها ان الزواج من امرأة ثانية لن ينتقص من سعادتها شيء في حين ستزيد من مستوى سعادة الزوجة الثانية التي ترغب ان يكون لها زوج واولاد. واذا كانت الزوجة الأولى ترى أنه ليس من الواجب عليها التضحية وفقدان شخص تكونت بينهما مودة متينة لمدة طويلة، فأن ربط هذا الموضوع بمقدار الثواب الذي تحصل عليه الزوجة الاولى لو تنازلت عن نية وتصميم عن بعض حقوقها (وهو تواجد زوجها المستمر معها وحصراً لها) للمرأة الجديدة سيكون نافعاً جداً في ازالة عقدة الخوف من الخسارة من صدرها او الاحراج الاجتماعي امام الأقارب وصديقاتها من كون زوجها قد تخلى عنها او سمحت ان تصاده امرأة ثانية.
ومع إعطاء مزيد من الوقت والصبر لترويض فكر ومشاعر الزوجة الاولى واقتناعها تدريجياً ولو بنحو بسيط يمكن ان يزداد مع مرور الزمن اذا ما عضده الرجل بالترتيبات والتصرفات الايجابية التالية:
1. اسكان الزوجة الجديدة ليس ببعيد ولا قريب من دار سكن الزوجة الأولى بحيث يتمكن هذا الرجل المسكين ان يتنقل راجلاً بين المسكنين حتى تخف حسرة الزوجة الأولى لغيابه عنها وافتقاد حضوره الذي تعودت عليه فيما لو توارى عن ناظريها يوماً كاملاً ولتقليل شعور الزوجة الثانية بالوحشة كونها لم تنجب اولاداً بعد، ولضمان عدم حصول احتكاك بينهما.
2. محاولة الرجل ان يظهر للزوجتين أنه ذو شخصية ثابتة لا تتأثر او تتغير حسب الظروف لا سيما عدم تغير مشاعره نحو الزوجة الأولى الذي يتعارض بالطبع مع العدالة التي يحث عليها القرآن. والشخصية الثابتة هي الشخصية التي لا تتأثر لا بالضغوط او التودد من أي طرف بحيث يغير أسلوب تعامله مع الطرف الاخر ايجاباً وسلباً. وحتى اذا كان الرجل ذو شخصية ثابتة فعليه الحذر من تلون مشاعره بلون الزوجة الثانية من حيث لا يشعر حيث أنه من المحتمل بشكل كبير أن الزوج لم تتغير مشاعره فعلياً نحو الزوجة الاولى واتجهت نحو الزوجة الجديدة بالفعل، ولكن قد يكون الرجل قد التقط من طباع وطريقة تصرف وسلوك الزوجة الثانية من دون وعي فقام بتعديل سلوكه الأصلي المعتاد المألوف مع الزوجة الأولى، فتشعر الزوجة الأولى أن تغيراً ما قد طرأ على سلوك زوجها فتتنغص حياتها وتشعر بالندم وضياع العمر. ولهذا فأن احد اهم أسباب النجاح في هذه العلاقة المتعددة هو أن تكون شخصية الرجل ثابتة في جميع الظروف بحيث لا يتحيز لأي طرف، حينها ستتحقق العدالة مع الزوجتين. والسلوك الثابت المستند الى شخصية ثابتة هي احد معالم شخصية النبي واهل بيته عليهم السلام مع زوجاتهم المتعددات وليس اثنين فقط بحيث لم تشكو واحدة منهم عليهم السلام.
3. افهام الزوجة الثانية أن نجاح زواجه منها مشروط ببقاء ونجاح الزواج من الزوجة الأولى، من دون تقليل من حقوقها، حتى لا تطالب بأكثر من حقوقها وتعرف حدودها ولا تنغص عليه حياته لكون الزوجة الاولى تنازلت وضحت من اجل سعادتها.
ومع كل هذه التحوطات -التي من الممكن ان تحقق العدالة والراحة لجميع الاطراف -يبقى قرار الزواج من امرأة ثانية ليس سهلاً فهو من دون شك سينكسر فيه خاطر الزوجة الأولى -وإن كان ينجبر فيه خاطر المرأة التي يروم الزواج منها - مالم يكن عن اقتناع تام وتقديم بعض التنازلات رجاء الحصول على ثواب كونه المحرك الوحيد وليس غيره الذي يمكن ان يقنع الزوجة الأولى بقبول أن يقترن زوجها بأمرأة أخرى تشاركها في زوجها، ولا تنفع الهبات المادية التي قد يمنحها الرجل للزوجة الاولى في التهوين عليها وتقليل حرارة الخسارة جراء التنازل عن زوجها التي كانت تمتلكه لوحدها، مع أنه في الواقع لا توجد خسارة معتبرة مع قليل التبصر والنظر العميق من قبل المرأة بل سيحسب ربح للمجتمع ككل وسيكون افراده اكثر سعادة اذا ما انخفضت فيه اعداد النساء العازبات المتحسرات على تكوين العائلة الخاصة بهن كبقية النساء.

النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech