السوداني يحصّن منصبه بـ30 مستشارا لضمان مصالح القوى الداعمة
2-آذار-2023
بغداد ـ العالم
يضع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في محيطه اكثر من 30 مستشارا يعملون بشكل مباشر معه في مكتب رئاسة الحكومة، يتولون مهمة الحفاظ على مصالح قادة الأحزاب.
وتعني هذه الترتيبات العامة ان اللاعبين السياسيين الرئيسيين كافة داخل التحالف، لهم "عيون مخلصة وآذان قريبة" من رئيس الحكومة، وفي حين انه سيساعد في حماية قاعدة دعمه السياسي، الا انه ايضا يقلص من المساحة المتاحة امامه من اجل ممارسة سياسات ابداعية وتطويرية.
وخلال عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، كان يعين مستشاريه بطريقة "أكثر محاباة" وقاموا بعد ذلك بتحويل مكتب رئاسة الحكومة الى مصدر للنفوذ "وخصوصا المستشار السياسي مشرق عباس".
وهنا عد الايام الـ100 الاولى من حكومة السوداني، بأنها نموذجا للاسترضاء، الا ان العراق بحاجة الى سياسات اقتصادية جوهرية واصلاحات السياسية، بما في ذلك تطوير الكفاءة الادارية والقطاع الخاص، مضيفا ان مثل هذه التغييرات لن تتحقق طالما ان البلد غارق في عائدات النفط التي تستخدم لاسترضاء سماسرة السلطة ومواطني العراق.
ويطرح معهد أبحاث "كليجنديل" الهولندي، عدة اقتراحات من أجل معالجة التحديات الاقتصادية والمعيشية التي يواجهها العراقيون، بما في ذلك تشكيل "كونسورتيوم" (تحالف) عراقي - أجنبي من الخبراء لتقديم النصح لرئاسة الحكومة.
وأوضح المعهد الذي يتخذ من لاهاي مقرا له، في تقرير صحافي، ان "وظيفة رئيس الوزراء العراقي تمثل عملية توازن معقدة على الجبهتين المحلية والدولية".
وفي هذا السياق، أشار الى بعض هذه التحديات المتمثلة بإدارة "التنافس بين النخب"، ثم بين النخب التي لها مصالح خاصة وبين المواطنين الذين "خسروا بدرجة كبيرة ثقتهم بقادتهم السياسيين"، وذلك بالإضافة الى إشكالية السياسة الخارجية المتمثلة في التوازن بين الاعتماد السياسي والاقتصادي على كل من الولايات المتحدة وإيران.
وحذر التقرير من انه برغم ان المستقبل القريب للعراق مؤمن بسبب الثروة النفطية، الا ان على المدى الطويل سيعاني من الضعف الاقتصادي، وهو ما قد تكون له عواقب سياسية.
وتابع قائلا انه في حالة عدم وجود مسارات مهمة للاصلاح الاقتصادي تجتذب النخب السياسية والاطراف الخارجية مثل الاتحاد الأوروبي، فانه يتحتم على الدول الاعضاء في الاتحاد العمل على تشجيع الاطراف العراقية المختلفة من اجل بلورة مجموعة من السيناريوهات المتعلقة بالمستقبل "اي الحكومة والاحزاب والنخب الحاكم والمجتمع المدني والهيئات الدينية".
ورأى انه تحقيق ذلك ممكن من خلال تشكيل "كونسورتيوم" من مراكز البحث العراقية والاجنبية، يكون له ارتباط واضح بمكتب رئاسة الحكومة من اجل تقديم الارشاد والنصح.
وأوضح ان هذه السيناريوهات يجب ان تحدد بشكل واضح تداعيات تغير المناخ، والامن المحدود، والصدمات الناتجة عن أسعار النفط على الاستقرار السياسي والامني والمالي العراقي.
وأضاف ان الهدف الرئيسي لمثل هذه العملية هو مساعدة الاطراف المعنية، وخصوصا النخب السياسية على تطوير فهم مفصل ومبني على الحقائق، لما يمكن ان يحدث في البلد، وما هي طبيعة العمل وفق كل سيناريو مطروح.
وأشار إلى ان السوداني "خصص مناصب حكومية لأنصاره"، وترك بشكل مؤقت معظم معاقل التيار الصدري في الدولة مكانها كما هي "برغم من استبعاد الصدريين من الحكومة"، كما قدم "الخبز والألعاب" للمواطنين من خلال وعود الوظائف والضمانات الاجتماعية لهم.
وبالإضافة الى ذلك، قال التقرير ان السوداني سعى من اجل طمأنة الأطراف الأجنبية المتعارضة، وذلك من خلال انتهاج سياسة خارجية متوازنة إلى حد ما حتى الآن.
ولفت التقرير الى ان مقاربة السوداني هذه جرى تعزيزها من خلال الائتلاف الواسع للنخب السياسية التي أوصلته الى الحكم، ومن خلال العائدات القياسية للنفط والتي تساعد على تحريك عجلة "سياسات المحسوبية".
وأشار التقرير الى تأخر الإصلاحات الهيكلية في السياسة والإدارة والاقتصاد، مضيفا ان هذه الإصلاحات لن تتحقق في المدى القريب، لأن القادة السياسيين ليسوا بحاجة اليها.
وتابع قائلا ان الخلاف النخبوي ونقص الاستثمار العام وغياب الإصلاح، يعني ان العراق يتجه على بشكل مرجح، الى المرور بـ"أوقات عصيبة في غضون عامين".