بغداد ـ العالم
كتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لمناسبة عام على توليه رئاسة الحكومة، مقالا في صحيفة "الغارديان" البريطانية، معتبرا أن أحداث غزة تعيد الى العراقيين ذكريات مؤلمة، مستعرضا في الوقت نفسه إنجازات حكومته، معتبرا أن "العراق يسير على مسار إيجابي" وهو ما كان البعض يعتقد قبل سنوات أنه غير ممكن.
وقال السوداني في مقاله المنشور امس بصفحة الرأي في الغارديان البريطانية، ان "عددا قليلا من الدول هو الذي تحمل المعاناة والصراع الذي شهده العراق على مدى ال50 سنة الماضية، والأحداث المأساوية في غزة تعيد ذكريات مؤلمة للشعب العراقي"، مضيفا انه "تم تجاوز الخطوط الحمراء، حيث يعاني المدنيون من معاناة لا يمكن تخيلها، ونتيجة لذلك هناك حاجة ملحة للمساعدات الانسانية الضرورية".
وتابع السوداني قائلا "نحن هنا في العراق، نقف متضامنين بقوة مع الشعب الفلسطيني، وقد التزم بلدنا بتقديم مساعدات كبيرة، بينما نعمل مع شركائنا الدوليين لوضع نهاية سريعة لهذه المأساة".
واضاف قائلا "لقد كررنا في قمة القاهرة للسلام، مع شركائنا الدوليين، بأن التدمير الذي تمارسه قوات الاحتلال يجب أن يتوقف، وأنه من المهم جدا ألا تتراجع المنطقة الى مرحلة عدم الاستقرار والصراع مجددا"، مشيرا الى انه "بهذه الطريقة، يأمل العراق بأن تتمكن المنطقة من التحرك قدما والتصدي للتحديات المشتركة من خلال التعاون الفعال".
واكد رئيس الوزراء العراقي في مقاله أن "الألم والمعاناة يتطلبان وقتا للتعافي، وهو ما يدركه العراق جيدا"، مضيفا ان العراق "عمل بجهد من أجل تعزيز الاستقرار، ونحن نجد أنفسنا في وضع أكثر انسجاما بكثير من أي وقت مضى خلال الأجيال الثلاثة الماضية، وهو الوضع الذي صار ممكنا بفضل الاقتصاد الديناميكي المتنامي والرغبة الحقيقية في التجديد والتنمية".
وبعدما اعتبر أن الحفاظ على هذا الزخم "يشكل أولوية قصوى لإدارتي"، قال السوداني إنه خلال العام الماضي، "مهدت حكومتي الطريق لتحقيق تطلعات الشعب العراقي ودعم احتياجاته الاساسية"، مشيرا في هذا السياق الى تمرير ميزانية تاريخية بقيمة 153 مليار دولار، تركز على تطوير بنيتنا التحتية، وخلق فرص العمل، وتعزيز النمو الاجتماعي والاقتصادي من خلال تسخير الإمكانات الكبيرة للشباب الذين يشكلون 60٪ من سكان العراق.
وتابع قائلا ان "حكومتي ركزت على خلق فرص العمل، وإعادة إعمار البنية التحتية، وجذب الاستثمار الاجنبي، وتعزيز القطاع الخاص".
وأعرب السوداني عن اعتقاده بأن "هذه هي الأسس الحيوية لضمان الرخاء المستدام للأجيال القادمة"، مضيفا ان ذلك ينطوي ايضا على معالجة القضايا المهمة التي تم إهمالها لفترة طويلة، وخصوصا في التعليم والرعاية الصحية".
ولفت السوداني إلى أنه منذ توليه منصبه "اتخذت حكومتي خطوات مهمة من أجل استعادة سمعة العراق على الساحة العالمية، و أكدنا من جديد دور العراق الحاسم في العمل على حماية الأمن السياسي والاقتصادي في المنطقة من خلال التعاون مع شركائنا الدوليين".
وفي سياق مواز، قال السوداني "نواصل حربنا ضد إرهاب تنظيم داعش، الذي هدد المنطقة منذ وقت ليس ببعيد، والذي لا يتواجد الآن سوى في جيوب صغيرة في العراق"ن مضيفا انه "بفضل قواتنا الخاصة المدربة تدريبا جيدا، اكتشفنا سلسلة من الهجمات المخطط لها من قبل داعش في أوروبا، بما في ذلك المملكة المتحدة (بريطانيا)". واكد انه "من خلال مواصلة العمل مع شركائنا الأمنيين العالميين، سنضمن إنهاء هذا التهديد محليا ودوليا".
لكن السوداني اشار الى ان الفساد "لا يزال يشكل تحديا كبيرا، والتهديد الأكبر أمام التنمية المستقبلية في العراق"، وانه "كجزء من حملتنا لمكافحة الفساد، طلبنا من الانتربول اعتقال وتسليم المسؤولين العراقيين السابقين الذين اختلسوا أكثر من 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب".
وفي حين لفت السوداني إلى ان العراق تمكن بالفعل من استعادة جزء كبير من الأموال المسروقة، وسيعمد إلى تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، قال ان "ذلك يتطلب استمرار التعاون مع شركاء مثل بريطانيا"، مشيرا الى انه التقى في وقت سابق من هذا العام بوزير الأمن البريطاني طوم توجندهات، للبحث في الجهود المشتركة للتصدي للجريمة الخطيرة والمنظمة، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والإرهاب.
واعتبر السوداني أن "شراكاتنا الدولية الجديدة تتجاوز الدفاع والأمن، وقد أصبح العراق موقعا للشركات العالمية للاستثمار والعمل، وخاصة في قطاع الطاقة"، مضيفا ان "تعزيز التعاون الإقليمي قاد الى توقيع صفقات استثمارية كبرى خلال العام الماضي، وهو العام الأول لادارتي، مما يعكس الثقة الدولية المتزايدة بالاقتصاد العراقي".
وأوضح رئيس الحكومة العراقي انه من "خلال هذه الشراكات، ومن خلال الاستثمار في إمكاناتنا غير المستغلة، سنؤكد دورنا المحوري في المنطقة، حيث نعمل كبوابة نحو آسيا وأوروبا". واضاف انه من خلال هذا الدور الجديد، "سيكون بمقدور العراق المساعدة في تحقيق الرخاء الإقليمي الأوسع، بالاستناد الى تجربتنا الخاصة في أوقات المحن والمعاناة".
وخلص السوداني في مقاله في "الغارديان" الى القول ان "العراق يسير على مسار إيجابي، وهو المسار الذي اعتقد الآخرون قبل بضع سنوات، بأنه غير ممكن، ولكن لا يزال هناك الكثير مما يتحتم القيام به، ونحن ملتزمون بضمان استمرار ذلك لجميع العراقيين".