الشمري يعمل على اجتثاث المخدرات: فحوصات مفاجئة والعقوبات تصل الى الطرد من الخدمة
22-آذار-2023
كتابة: عمار البغدادي
في كتاب صادر عن وزارة الداخلية هو الأول من نوعه في تاريخ الوزارة والأجهزة الأمنية يتحدث عن قرار ملزم يفرض بالقانون اجراء فحص تعاطي المخدرات وهو قرار ليس فيه تمييز بين ضابط ومنتسب ولا وجود فيه للتمييز في المحكمة الإدارية في حال ثبوت التعاطي على احد من المنتسبين والمراتب!
هذا القرار هو الأول من نوعه في تاريخ وزارة الداخلية على الأقل منذ العام 1921 تاريخ تشكيل اول حكومة عراقية بعد قيام ثورة العشرين المجيدة وبهذا تكون وزارة الداخلية العراقية وفي عهد خامس رؤساء الوزارة العراقية محمد شياع السوداني ووزير الداخلية عبد الأمير الشمري الوزارة العراقية الاولى التي تفردت بهذا القرار وهي رسالة الى بقية الوزارات العراقية بالمضي في قرار مماثل لقرار وزارة الداخلية باجراء الفحص الشامل والكامل للمخدرات في الشرطة وبقية وحدات الأجهزة الأمنية العراقية.
وانا اقرأ تفاصيل هذا القرار استذكرت قصة تأميم قناة السويس عام 1956 وتأميمها بقرار تاريخي شجاع من قبل جمال عبد الناصر' كان قرارا شجاعا على المستوى الوطني في ظل وجود تركة ثقيلة من التفاصيل الاستعمارية والملكية كانت تضرب بقوة في تفاصيل الحياة المصرية لكن الرجل مضى بقراره في تحمل المسؤولية التاريخية بتأميم القناة في وقت كان يمثل هذا الممر طريقا دوليا تعبر من خلاله البارجات الحربية والسفن المحملة بالتجارة الدولية فيما كان التحكم بها من قبل الحكومة المصرية الناصرية خرقا للسياسة الدولية آنذاك وتحديا واضحا لنفوذ القوى الكبرى التي كانت تتحكم في العالم مثل بريطانيا والولايات الامريكية وأظن ان عبد الناصر دفع الثمن غاليا بعد تأميم القناة عام 1956 بالحروب التفصيلية مع إسرائيل والعدوان الثلاثي على مصر لكن قرار تأميم القناة شكل في الحياة المصرية والعربية منعطفا استراتيجيا هاما لاحياء الكرامة وبناء الهوية القومية العربية آنذاك .
أنا لا اريد بالإشارة المصرية إعطاء القرار اكبر من حجمه المحلي المتعلق بفحص تعاطي المخدرات في وزارة أمنية القيت على عاتقها مهمات حماية الامن الوطني الداخلي إنما اريد القول ان قرار إخضاع مئات الالاف من المنتسبين وفي مرحلة امنية وظروف سياسية ملتبسة يُعد شجاعة كبيرة وقدرة على اتخاذ القرار الجريء وتحمل المسؤولية السياسية والأمنية والوطنية التي تفرض على الوزير المخلص النزيه تنزيه وزارته من المخدرات وتنظيف أجهزته الأمنية من المتعاطين بها والسادرين في غيها.
الوزير الشمري الذي تسنم وزارة الداخلية قبل 6 اشهر من الان يتحرك بمستوى واحد إزاء كافة القضايا المتعلقة بالشأن العام وشؤون وزارة الداخلية بشكل خاص' فهو يباغت مركز شرطة في الشعب ويفاجئ ضباطه ومنتسبيه ويحصي عدد المتغيبين عن عدد الحاضرين ويتخذ إجراءات صارمة بحق المتغيبين يفاجئ القوة الأمنية التي تحمي مستشفى حكوميا في أبو غريب ويلزمهم بقرار واضح العمل بمبدأ حماية الأطباء من العابثين والمجرمين والعمليات الإرهابية ويؤكد في ذات الوقت وهو يخاطب ضباط ومنتسبي القوة الأمنية الموجودة في مستشفى أبو غريب ان هؤلاء الأطباء أخواني تماما مثلما يستقبل لفيفا من أصحاب المحتوى الهادف ويعتبرهم أصدقاء وزارة الداخلية.. ان رجلا يتحرك بإرادة وطنية لا تقبل المساومة على مبادئ الأمن الوطني العام والعارف بتفاصيل واتجاهات العملية الأمنية لا يمكن ان يظلم أحدا وهو حين يوجه الضباط ومنتسبي وزارة الداخلية إلى مراكز فحص المخدرات إنما يريد التأكد من ان هؤلاء الأبناء هم الخميرة الصالحة لقيام الوزارة الأمنية القادرة ويبعث في ذات الوقت رسالة واضحة لمن يتعاطى هذا السم ان الوزارة لن تستوعب المتعاطين المتمردين على منظومة الأخلاق الاجتماعية التي عرف بها المجتمع العراقي وان من يحمي بلده ويحرس مدنه وشوارعه وسيطراته وحدوده عليه ان يكون على قدر المسؤولية التاريخية.
قيل لي ان المقارنة ما بين تأميم القناة وإجراء فحص المخدرات جدلية لا يمكن فهمها الا في اطار إضفاء "قدسية" على قرار الوزارة لكنني أقول من موقع المعرفة التفصيلية بالوزارة والوزير والجهود الكبير التي يبذلها في اطار العمل على تطهير هذا المرفق الأمني الحيوي الكبير بغية النهوض بالمسؤوليات الكبرى التي تنتظره انها جدلية سياسية وأمنية ووطنية واضحة واذا كان عبد الناصر أمم القناة لأغراض السيادة والحاجة الى اقتصاد حيوي فالشمري بقراره اجراء فحص المخدرات يشتغل على بناء الشخصية الأمنية الجديدة المنفتحة على الحياة بعيدا عن المخدرات مثلما هي رسالة للاخرين من قادة الاجهزة الامنية الذهاب الى قرار الداخلية بإجراء الفحص لمنتسبيها تطهيرا للاجهزة وإجهازا على هذه الآفة السرطانية التي كان لها دور في النفاذ الى امزجة بعض المنتسبين لتكون ملهاة نفسية واداة هدفها قتل الساعات الطويلة لواجبات حماية السيطرات وغاب عن ذاكرة هؤلاء المتعاطين ان من لا يستطيع الصمود امام الكبسول المدمر لن يستطيع حماية نفسه فضلا عن المكان الذي يحميه!