بغداد - العالم
خلصت دراسة علمية أجريت في كندا إلى أن التجارب السعيدة في سن الطفولة تقترن بتراجع معدلات الاكتئاب والتوتر وتساعد في تعزيز الصحة العقلية والشعور بالرضا في مرحلة المراهقة، وأن الأشخاص الذين مروا بتجارب سيئة في مرحلة الطفولة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والتوتر في مراحل لاحقة من العمر.
الطفولة السعيدة تدعم الصحة العقلية وتحمي من الاكتئاب والتوتر وفي إطار الدراسة، كان يتم استطلاع رأي المشاركين بشأن التجارب الإيجابية والسلبية التي تعرضوا لها حتى سن 18 عاما، ومدى شعورهم بأعراض الاكتئاب والتوتر مع تقييم درجة سلامة قواهم العقلية وإحساسهم بالرضا على الحياة بشكل عام.
وتبين من الدراسة أن المتطوعين الذين تعرضوا لأربع تجارب سلبية أو أكثر في مرحلة الطفولة هم الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب وعدم الرضا عن الحياة، كما أنهم أكثر عرضة بواقع ثلاثين ضعفا لمحاولة الانتحار مقارنة بأقرانهم الذين لم يتعرضوا لتجارب سيئة في سن الطفولة.
ووصف الباحثون، التجارب الإيجابية في مرحلة الصغر بأنها الشعور بالانتماء للمجتمع، والتمتع بحماية أولياء الأمور في المنزل، والإحساس بالدعم من الأصدقاء والمحيطين في المواقف الصعبة. أما التجارب السلبية، فتتضمن التعرض للإساءة اللفظية والبدنية والجنسية أو الإهمال العاطفي أو البدني، أو العنف المنزلي وتعاطي المواد المسببة للإدمان وغيرها.
وقال الباحث هاسينا سامجي إن الأمراض النفسية لا تأتي بشكل عشوائي بل ترتبط بعوامل اجتماعية واقتصادية، موضحا في تصريحات للموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية أنه من الضروري إحداث تغيرات منهجية (في نظم التربية) من أجل توفير مزيد من الرعاية الأسرية والمؤسسية لزيادة التجارب الإيجابية للأطفال والحد من التجارب السلبية قدر المستطاع.
وفي نوع جديد من الأبحاث لعلاج مرض الاكتئاب تمت دراسة إمكانية معالجة الاكتئاب من خلال تحفيز الخلايا التي تحمل الذكريات السعيدة المنسية للمريض لتعود المشاعر الإيجابية له وهذه الأبحاث قد تفسر نجاح أحد أنواع المعالجة النفسية ، التي تشجيع المريض على استرجاع الذكريات السعيدة أثناء جلسات المعالجة، وقد وجد أن ذلك أفضل من استخدام الأدوية المضادّة للاكتئاب في بعض الأحيان ويعرض المريض لأعراض جانبية أقل.
وقام العلماء بدراسة ذلك على الفئران من خلال تعريضهم لمواقف سعيدة ثم تعريضهم لضغوطات شديدة. وأظهرت الفئران بعد ذلك تصرفات تشبه تصرفات الإنسان المصاب بالاكتئاب من حيث الاستسلام بسهولة عند مواجهة المواقف الصعبة والفشل في الاستمتاع في الأنشطة الممتعة في العادة.
بعد ذلك وجد أن تحفيز الخلايا التي تحمل الذكريات السعيدة في الفئران مرتين يومياً لمدة 15 دقيقة لخمسة أيام متتالية قد حسّنت من تصرفات الفئران. ومما يزيد الموضوع غرابةً، فقد وجد أن تعريض الفأر المصاب بأعراض الاكتئاب لمواقف سعيدة أخرى، لم يحسّن من أعراض الاكتئاب لكنه حسّن منها تحفيز الخلايا التي تحمل الذكريات السعيدة القديمة. وقد يكون تفسير ذلك أن الاكتئاب يمنع القدرة على تذكر التجارب السعيدة.