"العالم" تغطي جلسة المحكمة الاتحادية بشأن دعوى الدليمي ضد الحلبوسي
19-تموز-2023
بغداد ـ تغريد العزاوي
لا يزال الصراع مستمرا، لكنه يجري تحت نار هادئة بين رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وبين النائب المستبعد ليث الدليمي، حيث بدأ الخلاف بينهما منذ الخامس عشر من شهر كانون الثاني للعام الجاري ٢٠٢٣، حيث أقدم الحلبوسي على استبعاد النائب المستقل ليث مصطفى حمود الدليمي، وفصله من عضوية مجلس النواب وإنهاء خدماته، بتأريخ ٢٠٢٣/١/١٥ م، ما استفز الأخير بعد قرار مصادرة منصبه النيابي بعد فوزه بواقع ثمانية عشر ألف صوت على دائرة شمال بغداد، المتمثلة بمناطق التاجي والطارمية للدورة البرلمانية الخامسة الحالية، الأمر الذي جعله يقدم على رفع دعوى قضائية على رئيس مجلس النواب محمد ريكان الحلبوسي، في المحكمة الإتحادية العليا المختصة بقضايا فصل النزاعات الدستورية العراقية، متهما إياه بالتزوير والتلاعب بموضوع استبعاده من البرلمان .
من جهته، قدم النائب ليث الدليمي مجموعة من الأدلة والوثائق الدامغة، التي أشعلت الجدل بين الأوساط السياسية والشعبية، خلال جلساته المنعقدة في المحكمة الإتحادية العليا، ليبرهن للمحكمة قضية التلاعب والتزوير الحاصلة بأمر استبعاده عن قبة البرلمان، وعن كيفية قيام رئيس مجلس النواب بتحريف بعض الوثائق عن طريق مكتبه الخاص. كما ظهر الدليمي في عدة لقاءات تلفزيونية محلية، شرح فيها ملابسات قضيته كاملة وأوضح تفاصيلها الدقيقة، ما أثار حفيظة الرأي العام. وعن هذه القضية ارتأت صحيفة (العالم) أن تحضر الجلسة (السابعة) الخاصة بدعوى النائب ليث الدليمي، على رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته، المقامة في المحكمة الإتحادية العليا ببغداد، وتنفرد بإجراء تغطية صحفية حولها، بعد حصولها على قرار موافقة السيد رئيس المحكمة الإتحادية العليا بحضور جلسة المرافعة.
وعقدت المحكمة الإتحادية العليا الإثنين الموافق ٢٠٢٣/٧/١٧ م جلستها السابعة المنعقدة الخاصة بدعوى المدعي ليث مصطفى حمود الدليمي، على المدعى عليه رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته، والتي بدأت في تمام الساعة التاسعة وخمسة وخمسين دقيقة صباحا. وبحضور كل من السيد رئيس المحكمة الإتحادية العليا جاسم محمد عبود العميري، وعضوية عدد (تسعة) من السادة القضاة الآخرين .
وجرت الجلسة حضورية علنية، بحضور الأطراف المعنية بالدعوى، كل من المدعي النائب ليث مصطفى حمود الدليمي، ووكيله المحامي أحمد سعيد المالكي، وبحضور كل من الممثل القانوني للمدعى عليه رئيس مجلس النواب، وكيله الإستشاري القانوني سامان محسن، ووكيله الثاني صباح جمعة الباوي، بالإضافة إلى وجود عدد من الأشخاص الحاضرين.
وناقشت الجلسة الأدلة المقدمة، حول قرار إعادة تصويب الأمر النيابي المرقم ( ١ / ٩ / ٥ ) في تأريخ ٢٠٢٣/١/١٥ م، الخاص بقبول استقالة النائب ليث الدليمي، حيث قدم وكيل المدعي، المحامي أحمد سعيد المالكي لائحة توضيحية إلى رئاسة المحكمة الإتحادية بشأن ذلك، فاستوضحت المحكمة من وكيل المدعى عليه، عن كتاب الإستقالة الصادر من مكتبي النائب الأول والثاني لرئيس مجلس النواب العراقي، للدورة البرلمانية السابقة ( الرابعة )، فأجاب وكيل المدعى عليه بأن كتاب الإستقالة صادر عن مكتب النائب الأول والثاني لرئيس مجلس النواب، وقد رأت المحكمة عدم ورود إجابة النائب الأول لرئيس مجلس النواب في الدورة البرلمانية السابقة، السيد حاكم الزاملي حول كتاب المحكمة الصادر في ( ٩ / اتحادية ) في سنة ٢٠٢٣ / ١٢٧١ في تأريخ ٦/١٤ ، على ضوء استفسارات المحكمة. كما رأت ورود كتاب الأمانة العامة لمجلس النواب العراقي للدائرة القانونية المرقم ( ١ / ١٣ / ٧٦٤٨ ) في تأريخ ٢٠٢٣/٧/١٦ م . والمتضمن لائحة جوابية عن استفسارات المحكمة الإتحادية.
واستفسرت المحكمة من وكيل المدعى عليه رئيس مجلس النواب، عن أسباب تأخير صدور أمر الاستقالة الخاصة بالمدعي النائب ليث مصطفى حمود، فأجاب: إن اللائحة المقدمة من قبلنا تضمنت بأن تأريخ طلب الإستقالة للمومأ عليه، وهو تأريخ وصول الطلب إلى رئيس مجلس النواب ولذلك فقد تأخر تأريخ صدور الإستقالة، حيث إن أمر صدور الإستقالة هو في تأريخ ٢٠٢٢/٧/١٥م، إلا أن صدور الأمر النيابي بقبول الإستقالة قد تأخر إلى ٢٠٢٣/١/١٧م. وفيما يخص المدعي النائب ليث الدليمي فإنه كان مستمرا في الدوام بمجلس النواب، ولا علم لي بذلك عن كيفية استمراره في الدوام والعمل، طيلة هذه الفترة بين تأريخ الاستقالتين.
واستوحت المحكمة من وكيل المدعى عليه لرئيس مجلس النواب، عن السند القانوني المتضمن بتغيير التأريخ المثبت على الإستقالة، المقدم من قبل المدعي النائب الدليمي، والذي تم تصويب أمر استقالته بتأريخ ٢٠٢٣/٥/٧م، فأجاب وكيل المدعى عليه: إن المدعي قد قدم استقالة بدون ذكر تأريخ، وأن تأريخ التبويب قد حصل من قبل رئيس مجلس النواب. وأضاف وكيل المدعى عليه: سأعود إلى موكلي (رئيس مجلس النواب) للإجابة، بعد أن كلفت المحكمة وكيل المدعى عليه في أمر بيان تأريخ تقديم طلب الاستقالة من قبل المدعي، لا سيما وأنها قدمت بدون تأريخ.
وأوضح المدعى الدليمي للمحكمة، إن كتاب استقالتي الأولى، كان يصادف في شهر التاسع (تشرين الأول) للعام ٢٠٢١م. أي قبل الانتخابات للدورة البرلمانية الخامسة، عندما كنت مرشحا للإنتخابات عن حزب تقدم للحلبوسي، وقد تمت الإستقالة نظرا للتهديدات التي تلقيتها من قبل رئيس مجلس النواب، ومنها تهديدي بأمر (الاجتثاث) كحال النائب السابق حيدر الملا، وأؤكد أن الإستقالة كانت قبل الإنتخابات وصادف تأريخها بعطلة رسمية، أما الإستقالة الثانية فقد قدمتها في نهاية الدورة البرلمانية السابقة (الرابعة)، بسبب الظروف الطارئة التي تعرضت لها حينذاك، وخشية من أن تستخدم الإستقالة في الدورة البرلمانية الحالية (الخامسة)، فقد أعلنت عدولي عنها وطلبت إلغائها عبر تقديم طلب إلى رئيس مجلس النواب، ونائبيه الأول والثاني في الدورة السابقة.
وخاطب المدعي الدليمي، المحكمة الاتحادية بأن الشهود قد امتنعوا عن الحضور للمحكمة للإدلاء بشهادتهم، بسبب التهديدات التي حصلت لهم من قبل رئيس مجلس النواب، لكونه يمتلك القوة والسيطرة والنفوذ، ولفت حتى أن الموظفين في مجلس النواب هم أسرى بيد السيد الحلبوسي، وخاضعين لرغباته.
كما طالب المحكمة بإحقاق الحق وتحقيق العدالة، وإعادة الحقوق لناخبيه في مناطق شمال بغداد، لكونه يعتبر ممثلهم الأعلى أصواتا في مجلس النواب العراقي، وطلب الدليمي أيضا من رئاسة المحكمة الإتحادية، التأكيد على حضور شهادة النائب السابق حاكم الزاملي، وشهادة النائب الحالي في مجلس النواب أحمد عبد الله الجبوري (أبو مازن)، وشهادة النائب عادل خميس المحلاوي، في جلسة المرافعة المقبلة لغرض الشهادة وإثبات أن كتاب قرار الإستقالة، صادر من رئيس مجلس النواب وليس من الدليمي نفسه.
الى ذلك بين وكيل المدعي النائب ليث الدليمي، المحامي أحمد سعيد المالكي في تصريح خاص لصحيفة "العالم" قائلا: في الحقيقة إن جلسة الإثنين، كانت جلسة مهمة ومنتجة جدا، حيث أن المحكمة وبناء على طلبنا، قررت مفاتحة مكتب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، لسؤالهم عن علمهم بكتاب قبول الإستقالة المرقم ( ٣٠٢ ) في تأريخ ٢٠٢٢/٥/٧ م . وهذا يعزز ثقتنا القوية بالقضاء العراقي والمحكمة الإتحادية العليا، وإن فرصة كسب القرار لصالحنا تعد كبيرة جدا، لكون إدعاءاتنا ودفوعنا مبنية على حقائق ومستندات، وليست مجرد أقاويل، أو تفنيد إدعاءات قط.
وبين المالكي، إن أسباب تأجيل جلسات المرافعة في كل مرة، لم يأت اعتباطا، بل عادة يبنى على أسباب موضوعية في أغلب الأحيان، فالإجابات المطلوبة لا تصل إلى المحكمة في وقت المرافعة، أو تؤجل للاستمهال من قبل وكيل المدعى عليه، وهو حق قانوني له لا يمكن التجاوز عليه، ولكن في نهاية الأمر لا يحق إلا الحق بقوة الله والقضاء العادل، لا سيما وأن كل ما عوضناه ودفعنا به، من دفوع وإدعاءات لا تقبل الشك أبدا، ونحن لدينا العزيمة والإصرار على إحقاق الحق، وإرجاعه بقوة القانون والقضاء.
وصرح النائب ليث مصطفى الدليمي، لصحيفة ( العالم ) قائلا: لقد تضررت كثيرا وأنا أدفع الثمن في كل تأجيل لجلسات المرافعة، والتي أقدم فيها الكثير، غير أنني أتعرض للخطر وعدم وجود الأمان لعائلتي وأولادي وأهلي، وأنا اتلقى التهديدات والضغوطات المستمرة، إضافة إلى عروض الترغيب والمساومة، ولكني سأواصل طريقي وأكمل المشوار مهما كلفني الأمر ذلك، فقد أتخذت طريق الحق والصدق والوضوح دربا، ولا اجامل في الحق رغم الظلم الكبير الذي تعرضت له في حياتي.
وشدد الدليمي، أنا غير طامح للمنصب بقدر ما يهمني استعادة حقوق الناس التي انتخبتني في مناطق شمال بغداد، كممثلا عنهم في مجلس النواب العراقي، من أجل إيصال أصواتهم والمطالبة بحقوقهم، والوقوف مع المظلومين والمستضعفين منهم، وكذلك تقديم الخدمات والمشاريع الخدمية لهم، لا سيما بعد توقف الكثير من المشاريع عن العمل، في مناطق التاجي والطارمية، عند خروجنا من مزاولة عملنا النيابي في مجلس النواب . وأشار لدينا تفاؤل كبير بإحقاق الحق وتحقيق العدالة، وقد وجدنا تفهم وحرص كبير من المحكمة الإتحادية والسادة القضاة في قضيتنا، ونحن نستبشر خيرا.