"العالم" تكشف كواليس انسحاب «مينزيس» البريطانية من مطار بغداد
25-أيلول-2022
بغداد ـ العالم
لم يترك وزير النقل، ناصر البندر تشكيلا في وزارته دون أن يحلب ضرعه حتى يجف، لكن بعضها تبقى تدر اللبن تحت أي ظرف، وهذا ما خبرته الخطوط الجوية العراقية ومديرها الكابتن كفاح حسن جبار.
وخصت مصادر مطلعة على كواليس وزارة النقل، "العالم" بمعلومات عن قيام الوزير البندر بانتقاد الاعاشة لدى الخطوط، وزعم "انه يخجل عندما تقدم على متن الطائر الأخضر وجبة غذاء، وهو موجود أمام زملائه الوزراء الاخرين المسافرين معه"، لكنه بعد فترة أردف كلامه بأن الاعاشة ذاتها "تتفوق على الاعاشة التي تقدمها الخطوط الجوية القطرية"، علما أن الخطوط القطرية هي رقم واحد في العالم، بحسب قول المصادر.
وتقول المصادر، ان "الخطوط الجوية كانت قد وقعت في وقت سابق عقدا شراكة مع شركه مينزيس البريطانية لتقديم الخدمات الأرضية"، مضيفة أنه في حينها "كانت هناك شركة مشتركة بين الخطوط الجوية العراقية مينزيس تعرف باسم شرك ماسل، والتي تولت تقديم الخدمات الارضية عوضا من الخطوط العراقية منذ ذلك اليوم حتى قبل أيام، حيث قررت الانسحاب".
وتضيف المصادر، ان البندر يولي الخطوط الجوية "ثلاثة أرباع وقته"؛ حيث شنّ حربا ضروس ضد مديرها العام كفاح حسن، حتى استطاع اقناع رئيس الوزراء بابداله بالمدير العام البديل الذي اختاره هو بتأثير من جهات سياسية، وهو عباس عمران.
وتشير المصادر الى أن عمران "لم يسلم من مؤامرات البندر أيضا، إذ انقلب عليه وأكثر من حملاته الإعلامية التسقيطية مدفوعة الثمن بمختلف وسائل التواصل، والتي روجت سوء ادارة عمران للخطوط، وتسببه بتعطيل ٢٢ طائرة.. وما الى ذلك".
وبالفعل قام البندر على أثر تلك الحملات بسحب يد عمران، ووكل اليه ادارة مديرية التخطيط والمتابعة داخل مقر الوزارة، و"ذلك بعد أن قام بتشكيل لجنة تحقيقية ضد عمران، قررت سحب يده لمدة ٦٠ يوما، وهنا اصبح إيجاد البديل لعمران متاحا، فاصدر الامر الوزاري باستبداله بمدير عام اخر"، وفقا للمصادر.
يشار الى ان المدير العام البديل وهو كريم كاظم، الذي كان يرأس اللجنة التحقيقية التي شكلها الوزير البندر، على مدير عام الخطوط عباس عمران.
وتعزو المصادر تلك المؤامرات والدسائس والحملات الى ما اسمته "الغول" الذي يتلاعب بمصير الوزارة وتشكيلاتها، كيفما يشاء.
و"الغول" الذي تلمح اليه المصادر، كانت "العالم" قد أشرت الكثير من ملفات وصفقات الفساد التي يقف وراءها ويديرها، وسمته باسمه، ألا وهو عقيل الربيعي، الذي يقال انه يحظى بدعم من أحد أبرز قيادات التيار الصدري. و"الربيعي بدأ يلمع اسمه مع الخطوط في زمن العامري (هادي) وعبطان (عبد الحسين)، ليجد الساحة مفتوحة له على مصراعيها في زمن الوزير البندر"، هكذا تصفه المصادر.
وتتهم المصادر الربيعي بأنه "يتطفل على عمل الاخرين من شركات ومقاولين في القطاع الخاص للاستحواذ على عقودهم خصوصا بعد ان وجد الحاضنة المهمة له الا وهي الامانة العامة لمجلس الوزراء، الى جانب اقتصادية التيار الصدري.
وتستدل المصادر على اتهامها بالقول إنه "بمجرد توقيع الخطوط مع منسز لتقديم الخدمات الارضية، وقعت شركة الربيعي عقدا مع سلطة الطيران المدني لتقديم نفس الخدمات الارضية، مع ان قانون الخطوط النافذ يتيح لها فقط تقديم الخدمات الارضية في كل مطارات العراق".
وتزيد بأنه "بعد هذين العقدين المتزامنين بدأت حملة البندر ضد كفاح حسن لاخراجه من الخطوط، لانه كان قد رفض فسخ العقد مع مينزيس، والذي تم توقيعه في وقت الوزير البندر"، موضحة أنه "جيء بعمران بديلا على أمل انهاء عقد مينزيس والقضاء على شركة ماسل، لكن عمران هو الاخر لم يستجب، فانبرى كريم كاظم لإنجاز هذه المهمة المتعثرة".
وعلى أثر ذلك، تؤكد المصادر أنه "ما أن تسلم كاظم ادارة الخطوط حتى قررت ماسل الانسحاب من العمل، وبالتالي من المؤكد ستكون هناك تبعات مالية على الخطوط، جراء هذا الفعل".
وخلصت المصادر الى طرح سؤال جدلي: "ترى من يتحمل النتيجة: الوزير البندر ام الامين العام الغزي ام المدير العام كريم كاظم ام الربيعي؟".
وكانت وزارة النقل أعلنت في 21 أيلول الجاري، إن شركة (مينزيس) البريطانية للخدمات الأرضية انسحبت من عملها في مطار بغداد الدولي "بشكلٍ مفاجئ"، من دون سابق إنذار.
الوزارة أكدت أن الشركة "كادت أن تتسبب بتعطيل الرحلات الجوية"، بسبب انسحابها المفاجئ.
البيان لفت أيضاً إلى أن "مدير عام الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية كريم كاظم حسين أشرف ميدانياً على أعمال الخدمات الأرضية لطائرات الناقل الوطني التي باشرت تنفيذها ملاكات الشركة بعد أن انسحبت من واجبها داخل المطار (..)".
وذكر البيان، نقلاً عن مدير عام الخطوط الجوية العراقية، أن الشركة العامة "ستتبع كافة الإجراءات القانونية ضد الشركة المذكورة"، بعد تركها العمل الذي "كاد أن يتسبب بتعطيل الرحلات". ويُعدُّ مطار بغداد الدولي أكبر مطارات العراق، يقع على بعد 16 كلم غرب بغداد، وهو مركز العمليات الرئيسي للخطوط الجوية العراقية، حيث وصل عدد المسافرين فيه عام 2018، لأكثر من 3 ملايين مسافر، وفق إحصائية وزارة التخطيط العراقية. وتولى بناء المطار الذي بلغت تكلفته أكثر من 900 مليون دولار، بين عامي 1979 و1982، شركات فرنسية وبريطانية، وكان مصمماً للاستخدام المدني والعسكري.
لكن نشاطاته توقفت بصورة نهائية، باستثناء بعض الرحلات المحلية والخيرية لنقل الأغذية والأدوية، بعد أن فُرِض على العراق حصار اقتصادي عقب حرب الخليج الثانية.
وبعد دخول القوات الأميركية العراق عام 2003 وسيطرتها على المطار، أُطلِق عليه اسم (مطار بغداد) بعد أن كان (مطار صدام)، وتحوّل فيما بعد إلى معسكر للجيش الأميركي، قبل أن يعود للعمل وتنظيم رحلات مدنية.
ويوجد في العراق 113 مطاراً بين صغير ومتوسط وكبير الحجم، موزّعة على معظم المحافظات والمدن العراقية، بعضها عسكرية وأخرى مدنية، وبعضها الآخر ذو ممرات غير مرصوفة وأخرى صالحة فقط للطائرات المروحية، بحسب إحصائية عام 1999.