عباس الصباغ
لطالما عانى العراق من اقحامه بسياسة المحاور والتكتلات البعيدة عن مصالح وطموحات شعبه بسبب السياسات غير المتزنة التي زجته بها الحكومات المتعاقبة والتي دفع ثمنها باهظا سواء في الانضمام الى محاور لاتمتّ الى الواقع العراقي بصلة او بالانزواء القسري عن المحيط الاقليمي بالمقاطعة المزاجية، فضلا عن التسبّب بسياسة التدخل السافر في الشؤون الداخلية لتلك الدول ما اثّر سلبا على سمعة العراق الخارجية ولم يكن للشعب العراقي ناقة او جمل في جميع تلك السياسات العبثية خاصة تلك الفترة المضطربة ابان الديكتاتورية الفاشستية والتي اطاح بها التغيير النيساني (2003).
وبخصوص الانضمام الى بريكس فقد عبّر رئيس مجلس الوزراء السوداني عن رغبة الحكومة العراقية في الانضمام الى هذه المنظمة في حال وجّهت الدعوة اليه في هذا الانضمام الذي بات من الضرورات الملحّة، لاسيما وان العراق مقبل على مشروع استراتيجي وحيوي مهم هو مشروع (طريق التنمية) الذي يتوقع منه ان يتجاوز العراق محنة الاقتصاد الريعي ويسهم في تنويع مصادر الدخل القومي فيكون الانضمام الى منظمة بريكس مكمّلا لهذا الاتجاه.
خاصة وان العراق مستوفٍ لشروط الانضمام من جميع النواحي البشرية والثرواتية واللوجستية والجيوسياسية، والتي من أهمها:
1. ان يكون اقتصادا رئيسيا في المنطقة.2. ان تتوفر فيه امكانات النمو الاقتصادي في المستقبل.3. ان يكون لديه نظام سياسي مستقلّ ومستقرّ وان تكون دولة ذات سيادة كاملة.4 ان تكون ذات موقع استراتيجي يسمح له ان يكون مرتكزا في التجارة العالمية.5.
ان لاتكون دولة معادية لإحدى دول المجموعة الرئيسية وان تربطها بها علاقات وثيقة، اضافة الى الاهداف الاقتصادية العليا التي من الممكن ان يشترك بها مع اعضاء هذه المنظمة كالرغبة في التحرر من سطوة (سوفت) وهيمنة الدولار على اقتصاداتها مع ضرورة التعامل النقدي بالعملة الوطنية لها، وبهذا فقد عدت بريكس BRICS منظمة منافسة لجماعة الدول السبع الغربية بقيادة الولايات المتحدة وفي عالم يجب ان تتعدد القطبية فيه ولايقتصر على قطب واحد فقط او قطبين متضادين كالمعسكرين الشرقي والغربي.
الكثير من الدول ابدت رغبتها في الانضمام الى بريكس منها السعودية وإيران والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة والجزائر ومصر والبحرين وإندونيسيا وغيرها، فقد تقدمت أكثر من 20 دولة بطلبات للانضمام إلى الكتلة نأمل ان يكون العراق من ضمنها والذي ابدى رغبته العارمة في الانضمام اليها كونه يمتلك قدرات اقتصادية ولوجستية وجيوسياسية حيوية، على رأسها الكثير من الموارد الطبيعية من احتياطات كبرى للنفط وللغاز الطبيعي والغاز المصاحب، إضافة للموارد المعدنية القيمة الاخرى من فوسفات وكبريت وغيرها مازال الكثير منها بعيدا عن الاستثمار الفعلي.
بريكس هي مجموعة دول تصاعدت أهميتها الاقتصادية -المالية وهي تغطي مايقارب30% - 40% من السكان على امتداد مساحة شاسعة من الكرة الارضية تصل إلى أكثر من 40% ومن المتوقع ان تلتقي المنظمة مع مصالح العراق بمشتركات جغرافية ـ اقتصادية ـ تنمويّة ـ سياسيّة وجيوسياسية، حيث سيكون الانضمام دليلاً على انفتاح العراق المتزن على كافة الدول والمنظمات والمحاور فالعراق يمتلك كل المقومات الاساسية للانضمام، وسيلاقي كل الدعم والترحيب من قبل الدول الاعضاء خاصة الصين وروسيا العملاقين الناهضين، ناهيك عن حجم الدعم الاقتصادي والتنموي الذي سيحظى به العراق عند نيله لعضوية المنظمة.
كما ان بريكس تحاول الآن إقناع الدول النفطية الكبرى ومنها العراق بالتأكيد بالدخول إليها بدلا عن نظام سوفت المستخدم حاليا والذي يسيطر عليه الدولار الأمريكي الذي قارب موسم التحرر منه ولايتحقق الاّ بالانضمام الى بريكس او اية جهة لاتعتمد الدولار في التعامل النقدي والمصرفي والانضمام الى بريكس هو مكسب كبير للعراق ولجميع اعضاء هذه المنظمة وللتنمية في العالم.