العراق يعيش«السيناريو الأسوأ» بين أزمتي الطاقة والسياسة
19-أيلول-2022
بغداد ـ العالم
كشف تقرير صحفي بريطاني، أمس الاثنين، عن وقوع العراق في "السيناريو الأسوأ" في ظل أزمة المناخ العالمية والجمود السياسي الحالي، وفيما كشف مسؤولون عن دخول 80 مليار دولار كعائدات للبلاد دون الاستفادة منها فعلياً، أكد خبراء اقتصاد أن "العراق يخسر على جبهات عديدة".
وقالت وكالة "رويترز" في تقرير لها، إن "تفاقم ازمة المناخ في العراق، واستمرار الجمود السياسي يؤثر سلبا على قدرة الحكومة على التعامل مع التحديات المناخية والبيئية".
وبحسب تقديرات محللين سياسيين، فإن "الجمود السياسي المتواصل ترك العراق بلا حكومة عاملة وبوجود أمل ضئيل في اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع التحديات المناخية، برغم تدفق عشرات المليارات من الدولارات من عوائد النفط على خزائن البلد".
ونقل التقرير عن استاذة علم الاجتماع العراقي في جامعة سام هيوستن الامريكية زينب شكر قولها إن "الازمة السياسية تضيف طبقة من التعقيد على ازمة المناخ"، مضيفة ان "السيناريو الأسوأ هو الذي يحدث حاليا".
واشار التقرير الى ان "العراق غارق في مأزق مستنقع سياسي جعله بلا حكومة عاملة منذ عام تقريباً ، وهو الأسوأ منذ العام 2003"، مضيفاً أن "البرلمان فشل في الاتفاق على رئيس جديد او رئيس جديد للحكومة منذ انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حين تحول الصراع على السلطة الى اشتباكات دامية في الشوارع".
وفي هذه الأثناء، فان العراقيين "يواجهون صراعاً شاقاً مع تأثيرات ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، علماً بأن درجات الحرارة في بغداد ازدادت بمقدار 1.7 درجة مئوية بين عامي 1960 و 2021 بحسب دراسات منظمة "بيركلي إيرث" الأمريكية المتخصصة بعلوم البيانات البيئية.
وفي حين أن العراق هو خامس اكثر دولة معرضة لتأثيرات التغير المناخي في العالم، ذكّر التقرير أن "شح الموارد المائية يتزايد في ظل تراجع الإمدادات بينما تؤدي السدود التي شيدتها تركيا وايران، الى وصول كميات أقل من المياه باتجاه مجاري الأنهار الى العراق".
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن "20 ألف شخص نزحوا في العراق مع نهاية العام 2021 بسبب شح المياه وانتقلوا من مناطق الريف إلى المدن الحضرية".
وبعدما لفت التقرير الى ان "العراق يحقق ايرادات مالية كبيرة تصل الى أكثر من 80 مليار دولار خلال ثمانية شهور بسبب تأثيرات ارتفاع الأسعار عالميا في ظل الحرب الاوكرانية"، نقل عن المحلل في موقع "ميدل ايست ايكونوميك سيرفاي" المتخصص بأخبار الطاقة يسار المالكي قوله ان "بعض هذه الإيرادات يمكن تسخيرها من أجل القيام بمبادرات حول المناخ".
وأوضح التقرير أنه "برغم هذه المكاسب المالية التي لم تكن متوقعة، فإن صناع السياسة ليس بامكانهم الوصول الى الجزء الأكبر من هذه الاموال الى ان يتم تمرير الموازنة الجديدة، ويتحتم على الهيئات الحكومية حاليا الاعتماد على آليات تمويل الطوارئ، وهو ما يعني ان الحكومة ليس بإمكانها التفاوض حول المياه مع الحكومات المجاورة مثل تركيا".
ونقل التقرير عن المالكي ومحللين سياسيين اخرين ان "عدم وجود حكومة وإنفاق عام مستقر، يحول دون تحقيق استراتيجية طويلة الأمد هدفها التعامل مع الازمة المناخية وغيرها من القضايا الاخرى"، فيما عبر خبراء عن اعتقادهم بأنه "حتى في حال تشكيل حكومة جديدة، فإنه قد تقع فريسة للمؤامرات السياسية التي يقودها الفساد والمحسوبية".
واعتبر مسؤول اقتصادي عراقي طلب عدم الكشف عن هويته أنه عوضا عن معالجة مشكلات المناخ، فان السياسيين في العراق سيكونون اكثر اهتماما ب"تقاسم الكعكة".
وبحسب المالكي، فان "العراق يخسر على جبهات عديدة".
الى ذلك، لفت التقرير إلى أن الشلل السياسي يشكل تهديدا لمشروعات البنى التحتية الكبرى التي بمقدورها دعم إمدادات المياه وإطلاق مشاريع الطاقة الخضراء".
وعلى سبيل المثال، أشار التقرير إلى أن "العراق وقع في أيلول/سبتمبر العام 2021، صفقة مع شركة (توتال) العملاقة من أجل تطوير البنية التحتية بما في ذلك في مجالات الطاقة الشمسية، قيمتها 27 مليار دولار، واشتملت أيضا على تمويل مشاريع في البصرة حيث يقع الجزء الأكبر من نفط العراق".
وبحسب المالكي فإن "ازدياد الملوحة وانشاء السدود والجفاف دمرت موارد المياه في المنطقة، وهو ما تسبب في زيادة التنافس على موارد المياه بين صناعة النفط والمزارعين والمواطنين".
واشتملت الصفقة مع "توتال" على "الاستثمار في مشروع لاستخدام مياه البحر بدلا من المياه العذبة لضخها في حقول النفط من أجل استخراج النفط الخام، بالاضافة الى اقامة محطة للطاقة الشمسية"، فيما نقلت "رويترز" عن مصادر في وقت سابق من العام الحالي، أن "الصفقة متعثرة ومهددة بالإلغاء الآن".
واوضح التقرير ان "اللمسات الاخيرة تتطلب موافقة الوزارات الحكومية المختلفة عليها وتوقيعها من جانب وزيري النفط والمالية الجديدين، وهما من ضمن المناصب التي لم يتم شغلها حتى الان بسبب التوتر السياسية".
وبحسب المسؤول العراقي السابق، فان "الوضع السياسي المتأزم قد يؤدي الى تآكل الثروة النفطية التي تم جمعها، حيث تراجعت قيمتها بسبب التضخم، مشيرا الى انه ذلك قد يعني خسارة المليارات".
وقال المسؤول السابق: "نحن كسيارة عالقة في الوحل، إطاراتنا تدور، لكننا لا نصل إلى أي مكان".