العيد الوطني: تحوَّل من إقليم بريطاني الى دولة مستقلة
4-تشرين الأول-2022
بغداد ـ العالم
احتفل العراقيون يوم امس بعيدهم الوطني التسعين في ذكرى إعلان استقلال بلدهم عن الانتداب البريطاني عام 1932دولة مستقلة ذات سيادة.
ويصادف اليوم الثالث من تشرين الاول مع تحول العراق من إقليم خاضع للانتداب البريطاني إلى دولة ذات سيادة حين أصدرت عصبة الأمم المتحدة في ذلك التاريخ من عام 1932 بياناً يتضمن الاعتراف بدولة العراق وإنهاء الانتداب عليها اثر توقيعها على ميثاق العصبة كأحد المؤسسين لها آنذاك.
وقالت وزارة الثقافة، أن "العيد الوطني للعراق فرصة للتآخي والتسامح والمحبة وتغليب المصلحة الوطنية، وبناء الوطن على أسس سليمة ونبذ الخلافات".
وبهذه المناسبة عرضت وزارة الخارجية يوم أمس وثائق نادرة من أرشيف عصبة الأمم المتحدة في جنيف تعود للعام 1932 بشأن هذا اليوم التأريخيّ اطلعت عليها "العالم".
فقد وافقت الجمعيّة العامّة لعصبة الأمم يوم 3 تشرين الأول أكتوبر عام 1932 على قبول العراق عضواً في عصبة الأمم بناءً على طلب الانضمام المُقدم من المملكة العراقيَّة آنذاك بتوقيع رئيس الوزراء الأسبق نوري السعيد بتاريخ 12 تموز عام 1932 ليصبح العراق أول دولة عربيَّة تنضم إلى هذه المُنظمة الدوليَّة آنذاك.
وتشير وثائق الجمعيّة العامّة لعصبة الأمم إلى أنَّ قبول انضمام العراق إليها جاء بعد أن اكتسب مُقومات الدولة والتي تتمثل بالاعتراف الدوليّ ووجود حكومة مُستقلة قادرة على أنَّ تسيّر أمور الدولة وإدارتها بصورة مُنتظمة وحفظ وحدتها واستقلالها وحفظ الأمن في كل انحائها وللدولة مصادر ماليّة كافيّة لسد نفقاتها الحكوميّة ولديها قوانيّن وتنظيم قضائيّ وحدود ثابتة وتعهد العراق باحترام التزاماته الدوليَّة.
واشارت الوزارة الى أنَّ العراق كان أول دولة انضمت إلى عصبة الأمم بمُوجب المادة (22) من عهد عصبة الأمم الخاصة بالولاية والانتداب بعد أن أصبح مؤهلاً للخروج من حالة الانتداب البريطانيّ الذي فرض عليه بعد إنهيار الدولة العثمانيّة عام 1918.
ويأتي تحديد هذا العيد الذي عطلت فيه البلاد رسميا يوم امس بعد ان اقرت الحكومة العراقية في اجتماع برئاسة الكاظمي في مطلع كانون الاول عام 2020 مشروعا قدمته وزارة الثقافة باختيار تاريخ انضمام العراق إلى عصبة الأمم المتحدة المصادف الثالث من تشرين الاول عام 1932 يوماً وطنياً.
وكان أول اختيار لهذا اليوم في شباط عام 2008 ولكن لم يمرر البرلمان قانونا بذلك.
ولم يكن العراق يحتفل بعيده الوطني في هذا التاريخ قبل ذلك بعد ان اعتبر التاسع من نيسان عيداً وطنياً للبلاد بعد إقراره رسمياً آنذاك من قبل مجلس الحكم الذي نصبه الاحتلال الاميركي اثر غزو البلاد في ذلك اليوم عام 2003.
فقد واجه ذلك التاريخ جدلا وخلافا استمر 18 عاما منذ سقوط نظام صدام، حيث اكدت الأوساط العامة عدم صلاحية هذا اليوم ليكون عيدا وطنيا باعتباره يوم احتلال العراق وليس استقلاله.
وقد ظل نظام حزب البعث الذي استولى على السلطة بانقلاب عسكري في 17 تموز 1968وعلى مدار 33 عاما يعتمد هذا اليوم عيدا وطنيا للبلاد.
وقد سافر رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري السعيد إلى جنيف بسويسرا حيث مقر العصبة للتمهيد لدخول العصبة وحل بعض الإشكالات المتعلقة بالتعامل التجاري وضمان حقوق الأقليات العرقية والدينية اذ اكد هناك أن القوانين العراقية تحتوي من النصوص ما يضمن تلك الحقوق رافضا مقترحا بتحديد أماكن معينة للأقليات الدينية.
وعندما زالت جميع العقبات أمام دخول العراق العصبة ابرق نوري السعيد إلى بغداد مبشرا بصدور قرار مجلسها قبول العراق عضوا مستقلا وتم الاحتفال برفع العلم العراقي فوق سارية مقر العصبة بجنيف مع أعلام الدول الأخرى في 3 تشرين الأول عام 1932.
وقد عين نوري السعيد نفسه ممثلا للعراق في عصبة الأمم حيث اعتبر أول مندوب عربي يدخلها كما قال موقع "الباشا نوري السعيد".
وبعد صدور قرار انضمام العراق الى العصبة قال الملك فيصل الأول أول ملوك العراق في العصر الحديث "أن العراق أصبح حرا طليقا، لا سيد عليه غير إرادته .. نحن احرار مستقلون.. إنني وبلادي مستقلون لا شريك لنا في مصالحنا ولا رقيب علينا بعد دخولنا عصبة الأمم إلا الله". وبذلك أصبح العراق أول بلد عربي يتحرر من الانتداب ويدخل عصبة الامم.
يشار الى ان العراق شهد منذ استقلاله عام 1932 احداثا تاريخية مهمة غيرت مجرى تاريخه كانت اولى مراحلها الانقلاب العسكري في عام 1958 الذي اطاح بالنظام الملكي واسس على انقاضه النظام الجمهوري الذي مر منذ ذلك التاريخ بصراعات وحروب دموية قادت به الى الاحتلال الاميركي للبلاد عام 2003 والذي حول البلاد الى طوائف وقوميات ما زال زعماؤها السياسيون يتصارعون على السلطة والنفوذ.