د.صادق السامرائي
العَلمانية مصطلح مستورد صدَّع رؤوسنا منذ عقود ولا يزال مهيمنا على التفكير في أرجاء الأمة , ويردده المفكرون والفلاسفة والمثقفون , وإتخذ تعريفات متعددة وفقا للأهواء والخلفيات , وأكثرها شيوعا فصل الدين عن الدولة.
وقد إكتسبت الأجيال حساسية عالية منه خصوصا المدّعين حرصهم على الدين , ولابد من القول , أن من المخجل أن نبقى أسرى لمصطلح لا ناقة له ولا جمل في ديارنا , فواقعنا تحقق فيه فصل المواطن عن الوطن والدولة , وتحويله إلى عدو لهما , وصار المواطن رقما بلا قيمة!!
ولا زلنا نتحدث عن العَلمانية ونتلهى بها , وما نطقنا بالعِلمانية (من العِلم) , فنستنزف طاقاتنا الفكرية والثقافية في كتابات وخطابات ومحاضرات ومناقشات عبثية لا طائل من ورائها.
وفي صحفنا المتنوعة تطالعك موضوعات عن العَلمانية وما تؤدي إليه , وهي كتابات تسعى لتعزيز العدوانية ما بين أبناء كل شيئ واحد.
فالواحد العربي أيا كان نوعه , مصيره التشظي المهلك لوجوده , وبهذا تنفجر الأوطان والمدن وكل مكان يجتمع فيه أكثر من إثنين , لأن ديدن التوجهات أن يتلهى العربي بالعربي , ويزهق العربي روح العربي , فذلك هو الفتح المبين والنصر العظيم والبطولة الماجدة.
أن كلمة “عَلمانية” تعني في جوهرها تأمين أسباب العدوانية , لأن العمل بها لا وجود له , وهي مصطلح مطروح ومتداول لتعزيز التخريب والدمار , والفهم المتعصب , ولتسويغ إنشاء الجماعات والفئات المدّعية بالدين , والساعية لتدمير الأمة بالدين.
فبإسم العَلمانية ذات الفهم المقصود لتأجيج التوجهات الدينية المُغالية , يتم تأهيل الشباب للسقوط في حبائل الجماعات المتأسلمة ذات الأهداف التدميرية الدامية.
وهذا ما يجري في الواقع العربي.
والمطلوب إسقاط هذا المصطلح وعدم تداوله وتسويقه , والقول بعبارات أخرى متوافقة مع ثقافتنا المجتمعية , فالمصطلحات المستوردة مزعزعة للوعي الجمعي , وتدفع بالشباب إلى سوء المصير , ويبدو أن إختيارها وتسويقها مبرمج ومرسوم وفقا لآليات نفسية سلوكية مدروسة بعناية ودقة معرفية واضحة.
فالمصطلحات المستوردة إنطلقت في مجتمعاتنا كالنار في الهشيم , فأحرقت كل شيئ , وجعلت الأجيال متوحلة ببعضها , ومتصارعة بعدوانية قاسية.
فهل لنا أن نستفيق من غي المصطلحات ونرى بعيون العقل والرشاد؟!!
و”إذا الشعب يوما أراد الحياة…فلا بد أن يستجيب القدر”!!