بغداد ـ العالم
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحفي، جوناثان غوير، استعرض فيه كتابين أحدهما لممثلة إسرائيلية، والآخر لباحث أمريكي فلسطيني، قائلا "إن الكتابان يحاولان الإجابة على السؤال الذي طرحه في بداية مقاله: الحرب بين إسرائيل وحماس لم تبدأ في 7 أكتوبر؛ لكن متى بدأت؟".
ويحتل كتاب المؤرخ الفلسطيني الأمريكي، رشيد الخالدي، الذي يحمل عنوان: "حرب المائة عام على فلسطين: تاريخ الاستعمار الاستيطاني والمقاومة، 1917-2017" المرتبة الثالثة حاليا في قائمة أفضل الكتب مبيعا، وفق صحيفة "نيويورك تايمز"؛ ويعتمد الكتاب على البحث العلمي وتجربة المؤلف في شرح تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم ومثابرتهم في مواجهة الاستعمار.
وفي المرتبة الخامسة في القائمة التي تشمل الكتب غير الروائية، يأتي كتاب "إسرائيل: دليل بسيط لأكثر دولة يساء فهمها على وجه الأرض" من تأليف الممثلة والمبعوثة الإسرائيلية السابقة، نوا تيشبي، وهو عبارة عن ملخص مبهج للأساطير الوطنية الإسرائيلية.
وتوضح صحيفة "الغارديان"، في مقالها، انه "يمكنك الحكم عليهما من خلال غلافيهما: كتاب الخالدي يحمل على الغلاف الخلفي شهادات من صحيفة "فايننشيال تايمز"، و"ذا نيشن"، وأكاديميين للشرق الأوسط، في حين يصطف بيل ماهر، وآرون سوركين، وريتشي توريس، وبن شابيرو، خلف كتاب تيشبي"، مردفا "على الرغم من أن عمر الكتابين بضع سنوات، إلا أن الأميركيين يتجهون إليهما لفهم كيف ولماذا يمكن لحماس أن تشن هجمات على إسرائيل أسفرت عن مقتل 1200 شخص واختطاف 242، وفقا لقوات الدفاع في ذلك البلد، وكيف يمكن لإسرائيل الرد بهجوم على غزة".
وتُظهِر الشعبية الحالية لهذين الكتابين، أن الأميركيين يريدون التعرف إلى تاريخ هذه اللحظة، ولكن حتى في القيام بذلك، فإنهم يختارون جانبا ما. ومع ذلك، فإن قراءتهما معا توضحان أن الحرب كانت في طور التكوين منذ قرن من الزمان.
على الرغم من أن الكتابين نُشرا قبل عامين في مثل هذا الشهر، إلا أن كلا المؤلفين قطعا مراحل في جميع أنحاء البلاد. حيث تحدث الخالدي، جنبا إلى جنب مع تا- نيهيسي كوتس، في مهرجان فلسطين الأدبي، المزدحم في كنيسة ريفرسايد في هارلم، ونشرت تيشبي مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، حول إسرائيل، بين برامجها التلفزيونية.
وفي الوقت الذي يحرص فيه كلا المؤلفين، على استخدام تاريخهما لتشكيل كيفية رؤية العالم لهذا الصراع؛ يجلب الكاتبان تاريخا شخصيا وعائليا ليُظهرا للقراء مدى ارتباط الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل عميق بالصراع الذي تعتبره كلتا المجموعتين وجوديا. أكثر ما يختلف فيه المؤلفان هو مدى استعدادهم للتعامل مع وجهة نظر الطرف الآخر ورواياته.
وأفادت الصحيفة نفسها، أن الخالدي، ينحدر من عائلة من العلماء في القدس، تقع شقة أجدادهم على بعد خطوات من قبة الصخرة، وهي واحدة من أكثر العقارات المتنازع عليها في الأراضي المقدسة. كان عمه الأكبر يتواصل مع تيودور هرتزل، مؤسس الصهيونية الحديثة. يتتبع تاريخ الخالدي تاريخ النضال الفلسطيني، ويروي أنه عمل جنبا إلى جنب مع منظمة التحرير الفلسطينية خلال الحرب الأهلية اللبنانية في السبعينيات وأوائل الثمانينيات.
وتابعت: "ثم فر مع عائلته الصغيرة عندما أصبحت بيروت غير صالحة للعيش تحت القصف الإسرائيلي. والدور الاستشاري الذي لعبه في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ولقاءاته مع شخصيات فلسطينية بارزة، من غسان كنفاني إلى إدوارد سعيد إلى ياسر عرفات".
كذلك: "طوال الوقت، ينخرط الخالدي في نقد ذاتي دقيق، ويجري مقابلات مع دبلوماسيين سابقين لفهم كيف تفوقت إسرائيل على منظمة التحرير الفلسطينية في التسعينيات، خلال عملية سلام أوسلو التي أعقبت مدريد، وكيف أصبح عرفات، والحرس القديم، منفصلين عن الجيل الجديد من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ويستخدم إطار الاستعمار الاستيطاني لشرح نجاح الحركة الصهيونية في الاستيلاء على الأرض وإفراغها من سكانها". ويقرأ المصادر والوثائق الأولية التي تنقل سياسات التهجير والتطهير العرقي والفصل العنصري، من أجل أن يوضح كيف منعت إسرائيل قيام فلسطين المستقلة خلال ست فترات تاريخية تشكل حربا دامت قرنا ضد الفلسطينيين.
ويمكن للحشد المؤيد لإسرائيل أن يستفيد من هذا التاريخ لفهم جذور حرب اليوم. وبدلا من ذلك، من المحتمل أنهم يقرأون ما تسميه تيشبي نفسها "كتابا تاريخيا". وهي منتجة وممثلة إسرائيلية نجحت في هوليوود، وعملت كمبعوثة إسرائيلية خاصة لمكافحة معاداة السامية ونزع الشرعية. تكون كتاباتها أقوى عندما تصف الأدوار التكوينية التي لعبها أجدادها في الحركة الصهيونية في أوروبا، وفي الأيام الأولى لدولة إسرائيل. يبدأ كتابها بتعزيز الروابط الكتابية والدينية للشعب اليهودي مع "قطعة صغيرة من أرض أجداده"، ثم يسرد بالتفصيل معاداة السامية في أوروبا.
وأكدت الصحيفة أنه "في هذا الكتاب، كانت فلسطين الانتدابية "فارغة في الغالب" وكان العرب يحاولون دائما "محو الدولة اليهودية الجديدة من الخريطة". إنها تنفق مساحة أكبر في انتقاد الأمم المتحدة، وعملها في مجال إغاثة اللاجئين للفلسطينيين أكثر من فهم كيف ولماذا شردت إسرائيل الفلسطينيين".
وتابعت: "فقط في نهاية كتابها يصبح هدف تشيبي واضحا: هذا دليل لمواجهة حركة المقاطعة الفلسطينية وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) وتضخم وجهات النظر المعادية للصهيونية في حرم الجامعات الأمريكية - كل ذلك بصوت كاري برادشو، وهي شخصية في مسلسل أمريكي".
وأضاف التقرير نفسه، أنه "في الواقع، هذا هو نوع الاكتساح التاريخي الذي يقدمه الخالدي، للصهيونية، كمشروع استعماري، تم تمكينه أولا من قبل بريطانيا ثم أمريكا، الذي ترد عليه تيشبي". مضيفا أنه "بينما تقول تشبي إن ادعاءات الفلسطينيين بأنهم مواطنون أصليون ليست واقعية وأن المشروع الصهيوني لا علاقة له بالاستعمار؛ يعود الخالدي إلى أقوال وأفعال مؤسسي إسرائيل لكي يحدد تاريخ الفلسطينيين، الذي لم يدرسه معظم الأميركيين، والذي حتى وقوع الحرب الأخيرة كان غائبا إلى حد كبير عن وسائل الإعلام الأمريكية".
وتقول نوعا تشبي، إن "صحوتها جاءت خلال أسطول الحرية لغزة عام 2010، عندما أبحر النشطاء من تركيا لكسر الحصار على غزة بمواد إنسانية، وصعدت القوات الإسرائيلية على متن القوارب وقتلت تسعة أشخاص. في ذلك الوقت، لم تكن الحكومة الإسرائيلية قد أدركت بعد قوة وسائل التواصل الاجتماعي اللامركزية وحقيقة تغيير التصورات العالمية حول احتلالها". وكتبت: "كانت مشاكل العلاقات العامة في إسرائيل على وشك التحول إلى تهديد وجودي". وسرعان ما قامت بإطلاع الجيش الإسرائيلي على الإستراتيجية الرقمية، وأصبحت سفيرة غير رسمية. وتبرز أن الكتاب هو "دليل لمواجهة نشاط حركة المقاطعة وتضخم وجهات النظر المعادية للصهيونية في حرم الجامعات الأمريكية - كله بصوت كاري برادشو"؛ وهي تؤكد للقراء أنها "ليبرالية ووسطية/ يسارية ونسوية، لكنها بالرغم من لهجتها الألفية العفوية تستخدم صورا نمطية مستهلكة للفلسطينيين والعرب، رافضة إن لم تكن عنصرية إلى حد ما". وبحسب الصحيفة، فإن تيشبي، "تكرر دون سياق إنكار غولدا مائير، السيئ السمعة، لوجود الفلسطينيين"، وتشير إلى أنه "لم تكن هناك قط هوية وطنية أو دينية أو سياسية فلسطينية متماسكة". مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة "بدت وكأنها دولة عربية معادية" بالنسبة لها عندما كانت جندية شابة تتسكع هناك مع أييليت شاكيد، قبل أن تصبح الأخيرة وزيرة يمينية.
تكرر تيشبي أن إسرائيل ليست دولة مثالية، لكنها ترى أن إسرائيل ديمقراطية شاملة للجميع، وأخطائها ليست منهجية أو متعمدة ولكنها تخضع ببساطة إلى الكثير من التدقيق الدولي. بالنسبة للعديد من الجماهير، وخاصة أولئك الذين لم يتلقوا هذه الرسائل المؤيدة لإسرائيل من خلال المدرسة العبرية أو في رحلة بيرثرايت، من المفيد رؤية دليل دعاية محدثا للقرن الحادي والعشرين، والخرائط والنقاط والجداول الزمنية المختصرة للغاية توضح كيف إسرائيل ترى نفسها في العالم.