بغداد – العالم
أثار رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني حفيظة القوى السياسية الشيعية بعد تخفيض مخصصات المحافظات في مشروع موازنة العام 2024 الجديدة. حيث انخفضت الموازنة المخصصة للمحافظات بشكل ملحوظ مقارنة بالتوقعات السابقة.
وكانت القوى الشيعية تعول على زيادة المخصصات المالية للمحافظات الوسطى والجنوبية لكسب تأييد الجماهير هناك في الانتخابات المحلية القادمة، لكن السوداني منع زيادة في الموازنة الجديدة بنحو 20 تريليون دينار على الأقل، والتي كانت مخططة لدعم المحافظين الجدد، وكسب جمهور محافظات الوسط والجنوب.
وبرر السوداني التخفيضات بضرورة ضبط النفقات لتقليل العجز المالي المتوقع الذي كان يمكن أن يتجاوز 63 تريليون دينار في مشروع الموازنة البالغ أكثر من 210 تريليون دينار. وعبرت بعض أطراف الإطار التنسيقي الشيعي عن مخاوفها من تمرير الموازنة بسبب تخفيض مخصصات المحافظات، خاصة حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي الذي كان الأكثر تشككًا في نوايا السوداني. وتكشف هذه الواقعة الخلافات السياسية الحادة داخل الكتلة الشيعية في العراق حول إدارة الموارد المالية والمصالح الانتخابية، حيث تسعى القوى الشيعية لكسب ود الناخبين في المحافظات الجنوبية عبر زيادة المخصصات المالية لها، في حين يحاول رئيس الوزراء ضبط النفقات لتقليل العجز المالي. تبرز هذه الأزمة أيضًا التحديات التي تواجهها الحكومة العراقية في إدارة الموازنة العامة وتوزيع الموارد بشكل عادل بين المحافظات، خاصة في ظل الضغوط السياسية والانتخابية.
كما تلقي الضوء على الخلافات المستمرة بين رئيس الوزراء والقوى السياسية الأخرى، والتي قد تعرقل جهود الإصلاح الاقتصادي والإداري في البلاد.
التلويح بالاحتجاجات السلمية وقطع الطرق العامة المؤدية الى المؤسسات والمواقع النفطية والموانئ، هكذا يبدوا المشهد في البصرة وعدد من المحافظات الجنوبية، بعد إعلان أرقام الموازنات المخصصة لهم للعام 2024.
وواجهت منظمات المجتمع المدني في عدد من محافظات الجنوب والفرات الأوسط، قرار تخفيض موازناتهم بنسبة وصلت بعضها إلى 70 بالمائة عن العام السابق، بالإشارة إلى إمكانية إعادة الاحتجاجات وقطع الطرق المؤدية إلى المؤسسات الحكومية، كتعبير عن غضبهم، من هذه التخصيصات، التي ستكون ذات مردود سلبي على مناطقهم، حسب قولهم.
ولم يستبعد أحد الناشطين، أن يكون قرار تخفيض حصة المحافظات الجنوبية في الموازنة يأتي من باب السباق السياسي الذي يسعى في غايته الأولى الى تحقيق الأصوات الأعلى من خلال تنفيذ المشاريع الاستراتيجية وتحجيم دور المحافظين باتجاه الارتقاء بمستوى المشاريع الخدمية التي باتت مصدر رضا للمواطن.
ويرى مراقبون أن المبالغ المخصصة للمحافظات، لا تكفي لسد ديون المشاريع المنفذة على أرض الواقع حالياً، ما يعني أنها ستكون مهدده خلال الفترة المقبلة بالاندثار والتوقف مالم يعاد النظر في التخصيصات المالية التي ستكفل الاستمرار لها والنجاح، فيما طالبوا أعضاء مجلس النواب بوقفة حقيقة إزاء الامر.
في المقابل، رأى عدد من أعضاء مجلس النواب، أن تخفيض التخصيصات المالية للمحافظات في موازنة 2024 سوف تؤثر على مستوى تقديم الخدمات وعلى نسب إنجاز المشاريع، كما ستلقي بظلالها على قطاعات مختلفة، لذلك لن تمضي بشكلها الحالي لما تتضمن من غبن للمحافظات، وهو ما ينذر بعرقلة حسم جداول الموازنة المتأخرة في الأساس لقرابة نصف سنة.
وبعد انقضاء 6 أشهر تقريباً من العام الحالي وصلت موازنة 2024 أخيراً إلى مجلس النواب، لكن تعالت معها حالات الشجب لجداولها خاصة فيما يتعلق بالتخصيصات المالية للمحافظات، وسط مطالبات بإجراء تعديلات عليها لضمان التوزيع العادل في التخصيصات الاستثمارية بين المحافظات.
وصوت مجلس الوزراء، الأحد الماضي، في جلسة استثنائية على جداول الموازنة العامة الاتحادية لعام 2024 واحالها إلى مجلس النواب لإقرارها.