الكاظمي.. عاما النجاح والتعثر
12-تشرين الأول-2022
علي البيدر

مرّ عامان وأكثر على تولي رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي مسؤولية ادارة البلاد بعد موجة احداث عنيفة، كادت ان تودي بالنظام السياسي وتجعل التجربة الديمقراطية في خبر كان، قبل ان تقدم المنظومة الحاكمة على مناورة نجحت في إيقاف موجة الاحتجاجات وامتصت غضب الشارع عبر تقديم رئيس جهاز المخابرات كممثل عنها في هرم السلطة بعد ان البسته عباءة تشرين.
خطوة تحسب لتلك المنظومة التي حافظت على توازنها داخل المشهد واطالت من عمر وجودها في تصدره سيما انها وصلت الى درجة الطغيان السياسي، ولم تعد تكترث لكل ما يقال او يعرف عنها. الكاظمي وبعد اكثر من عامين على تربعه فوق مقعد الوزير الاول في البلاد، قدم نجاحات تحسب له ولحكومته وللفريق الذي يعمل معه وإخفاقات تحسب عليه. في مقدمة تلك النجاحات، تمكن الكاظمي من انتشال الدولة العراقية من الإنهيار امام موجات الاحتجاجات التي جعلت الاحزاب الحاكمة تعيد التفكير جيدًا بموقعها الذي تلقى اهتزازات حادة بفضل تشرين وما تلالها. اما النجاح الثاني الذي يمكن ان يستعرض به الكاظمي وهو الافضل بالنسبة للعراقيين كشعب وللعراق كدولة فيتمثل بحفاظه على الوجه المدني للدولة العراقية الذي شوهته سنوات حكم الاحزاب الراديكالية، وهذا بحد ذاته مؤشر على تطلع الكاظمي للحاق بركب العالم واقتباس تجارب مميزة تساهم في معالجة "المعضلة" العراقية.
النجاح الاضافي الذي سيبقى الكاظمي يتحدث فيه طويلاً هو قدرته على إعادة العراق إلى مكانته الدولية عبر خلق توازن في السياسة الخارجية والانتقال من حالة الفعل وردة الفعل التي كان تعيشها البلاد طيلة المراحل السابقة الى حالة المبادرة، وهذا ما يعد سابقة في تأريخ التجربة الديمقراطية منذ العام 2003 والتي مثلت تحدياً وحلماً للحكومات السابقة بأن ترى العراق يلعب دوراً محورياً لتقريب وجهات النظر بين اقطاب المنطقة متكئاً على ما يمتلك من امكانيات تعزز ذلك وتصنع منه جسراً يعبر من خلاله المتخاصمون صوب بغداد واحة السلام التي عزز الكاظمي فيها تلك الصفة الغائبة خلال المرحال السابقة، مبتعداً عن سياسية المحاور التي اضرت بالعراق كثيراً وجعلته محط استهداف مستمر من قبل اطراف حاولت تحويل اراضيه الى حلبة نزال لتصفية حاسباتها اكثر.
الحسنة الاكبر التي تحسب للكاظمي تتمثل بحرية التعبير والنقد وطرح وجهات النظر التي منحها للجميع دون قيد او شرط حتى اصبحت هناك فوضى في الانتقاد، لكن المعارض والصحفي السابق يدرك جيداً اهمية التنفيس عن ما يجول في خواطر العراقيين وعدم كبته تماشياً مع التجربة الديمقراطية الاحدث في الشرق الاوسط.
ما ذكر سابقاً يمثل انجازات تحسب لرئيس وزراء حكومة تصريف الاعمال الذي مايزال يضع الدولة نصب عينيه ويعمل لتقويم اداء مؤسساتها برغم انه يعيش ايامه الاخيرة في السلطة.
نقيض ما ذكر، فأن الكاظمي وخلال مسيرة حكومته التي امتدت لقرابة العامين والنصف لم تنجح بمكافحة السلاح المنفلت الذي اصبح ظاهرة متفشية يعيق عمل مؤسسات الدولة سيما الامنية منها، بل ذهب إلى ابعد من ذلك عبر تنفيذه هجمات "ارهابية" تستهدف إقليم كوردستان مرعباً مواطني الإقليم، وكذلك استهداف القواعد الاجنبية في البلاد التي تتواجد تحت غطاء القانون. كما عمل السلاح على فرض واقع جديد داخل المشهد السياسي مكنه من توفير الغطاء لبعض تحركاته على الارض.
وبعيداً عن السلاح وتأثيره على العراق كدولة والعراقيين كشعب، فإن توجه الكاظمي اقتصادياً لم يكن بالمستوى الذي ينتظره الشعب في طول البلاد وعرضها والذي يعيش فترة وصفت بأنها الاسوأ في تاريخ الدولة منذ تأسيسها، سيما في الجانب الاقتصادي الذي انحدر برغم تقديم ما يعرف بالورقة البيضاء لمعالجة اقتصاد البلاد على المستوى الستراتيجي. وبدل من ان تشهد فترة الكاظمي رخاء اقتصادياً بسبب امتلاك البلاد لفائض نقدي تجاوز حاجز الـ 80 مليار دولار وهذا ما يفترض ان يتواجد الدينار العراق ضمن مصاف العملات المزدهرة، لكن الخطوة التي حصلت هي العكس، اذ جرى رفع سعر صرف الدينار امام الدولار "داخلياً" لتحقيق سيولة مالية ومنع تهريب العملة الصعبة من البلاد، تلك الخطوة رفعت معها نسبة الفقر في البلاد الى قرابة الـ 30% وهذا ما يعني وجود حوالي 15 مليون مواطن عراقي تحت خط الفقر في بلد تفوق موزناته حاجز الـ 100 مليار دولار واكثر مع وصول اعداد العاطلين عن العمل الى قرابة 2 مليون شاب وشابة يواصلون مسيرة البحث عن فرص مفقودة للعمل والعيش بكرامة.
المثلبة الاخيرة التي يمكن ان تحسب على طريقة اداء الكاظمي في الحكم هي عدم قدرته على محاربة الفساد برغم محاولاته الجادة التي اصطدمت بهجمة سياسية وإعلامية منظمة جعلته يستسلم لارادة الفاسدين الذين اصبحوا اكثر امكانية من جميع المسميات في البلاد بعد ان تحول الفساد إلى ظاهرة يتقبلها المجتمع برحابة صدر قبل ان تغض المؤسسات الرقابية الطرف عنها خوفاً من سلاح الفاسدين او طمعاً بما يسرقون .
ختاماً ما ذكر يمثل ابرز ما يمكن استعراضه حول اهم محطات التميز والاخفاق في مسيرة رجل قاد البلاد في اصعب ظرف عاشته ضمن تجربتها الديمقراطية. ومثل غيره اصاب فصفقنا له وأخطأ فانتقدناه بطريقة الباحثين عن الإصلاح لا اللاهثين خلف الاخطاء.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech