بغداد ـ العالم
في الثامن عشر من شهر كانون أول من كل عام يحتفي العالم ويحتفل بيوم اللغة العربية... ففي مثل هذا اليوم من عام 1973 اعتمدت الأمم المتحدة اللغة العربية كلغة رسمية في المنظمة العالمية... لتصبح لغة عالمية إلى جانب اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والصينية. ويرمي اليوم العالمي للغة العربية إلى إبراز الإسهام المعرفي والفكري والعلمي لهذه اللغة وأعلامها في مختلف مناحي المعرفة البشرية عبر التاريخ، فالحضارة العربية الإسلامية لها إسهامات مشهودة في مختلف مناحي العلوم والمعرفة والآداب والفنون.
ويتحدث باللسان العربي أكثر من 550 مليون نسمة حول العالم، نحو 300 مليون منهم تعد العربية لغتهم الأم ونحو 250 مليونا يتخذونها لغة ثانية، وهي بهذا تحتل المرتبة الرابعة بين لغات العالم في عدد المتحدثين بعد الصينية والإنجليزية والإسبانية.
تقول اليونسكو إن اللغة العربية تتمتع بفرص جيدة للانتشار، بسبب اهتمام عدد كبير من سكان العالم بها باعتبارها لغة دين لما يزيد على ملياري مسلم منتشرين في مختلف أنحاء العالم، مما يكسبها أيضا قدرة على مقاومة الانحسار مع تعرض لغات كثيرة لخطر الاندثار، حيث تتوقع اليونسكو اختفاء نصف لغات العالم المنطوقة مع نهاية القرن الـ21.
تنتمي العربية إلى ما سمي بفصيلة اللغات السامية، وهو مصطلح أطلقه عالم اللاهوت الألماني النمساوي شلوتزر في أواخر القرن الـ18 الميلادي، وتحديدا في أبحاثه وتحقيقاته عن الأمم الغابرة عام 1781م، والتي اهتمت بالشعوب الآرامية والكنعانية والفينيقية والعبرية والعربية واليمنية والبابلية الآشورية، وقد اقتبس المصطلح من سفر التكوين، أول أسفار التوراة الخمسة.
وإذا أردنا أن نتتبع تاريخ العربية فان هناك عدة مراحل اللغة العربية مرت بها اللغة وكما يلي:
المرحلة الأولى: نشأة اللغة العربية في أقدم مواطن الساميين، وهي بلاد الحجاز واليمن، ولكن المعضلة في هذا أن مراجعة أقدم الآثار تشير إلى أن آثار الأكدية تعود إلى ما قبل القرن الـ20 قبل الميلاد.
المرحلة الثانية: حقبة العربية البائدة أو عربية النقوش، وهي لهجات كانت تتكلم بها عشائر عربية كانت تسكن في شمال الحجاز على جوار مع الآراميين، وقد صبغت هذه اللهجات بصبغة الآرامية، وبادت قبل الإسلام.
المرحلة الثالثة: حقبة العربية الباقية، وهي التي نعرفها الآن باللغة العربية الفصحى، وقد نشأت في الحجاز ونجد، وانتشرت في المناطق التي عاشت فيها أخواتها السامية، ولا يعرف لهذه اللغة تاريخ نشأة ولا مرحلة طفولة، وما وصل إلينا منها يشير إلى مرحلة النضج والاكتمال، ومن ذلك الأدب الجاهلي، وأقدم ما وصل إلينا منه يعود إلى القرن الخامس الميلادي.
المرحلة الرابعة: وهي حقبة اللغة الفصحى، فحتى القرن السادس الميلادي كانت للعرب في لغتهم لهجات تتباين في جوانب شتى، أهمها الأصوات ودلالات الألفاظ، وكانت مليئة بالوحشي والغريب. المرحلة الخامسة: حقبة الانتشار والعالمية، فمع الفتوحات الإسلامية ودخول الناس في الإسلام انتشرت القبائل العربية في المدن والأمصار حيث انتشرت معها اللغة العربية.
المرحلة السادسة: مرحلة الجمع والتدوين، فحتى القرن الثاني الهجري كان العرب يعولون في نقل آدابهم على الرواية الشفوية، فلما انتشر الإسلام، ونشأت بواعث لدى أهل العلم والأدب في حفظ اللغة، وشرح معاني القرآن تولدت لديهم الرغبة في الصناعة المعجمية وجمع اللغة وتدوينها، للحفاظ على الصورة التي وصلت إليها العربية مع نزول القرآن بما يساعد في فهمه وتلقينه.