بغداد - العالم
في ظل احتواء المتاحف الفرنسية على عشرات الآلاف من الأعمال الفنية الأفريقية، يواجه أمناؤها مهمة صعبة لمحاولة تحديد القطع التي نُهبت خلال الحكم الاستعماري في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي ينبغي إعادتها إلى بلدانها الأصلية.
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة إلى بوركينا فاسو عام 2017، بإعادة "التراث الأفريقي إلى أفريقيا" في غضون خمس سنوات، ما دفع القوى الاستعمارية السابقة الأخرى بينها بلجيكا وألمانيا، إلى إطلاق مبادرات مماثلة.
وفي العام 2021، أعادت فرنسا 26 من الكنوز الملكية التي نهبها جنودها من بنين خلال الحكم الاستعماري. لكنّ الجهود قد تعثرت، وأجّلت الحكومة في مارس إلى أجل غير مسمى مشروع قانون يتيح إعادة القطع الأثرية الأفريقية وغيرها من التحف الثقافية، بعد معارضة اليمين في مجلس الشيوخ.
وتبحث المتاحف الفرنسية في أصول حوالي 90 ألف قطعة أفريقية في أرشيفاتها. ومعظم هذه القطع (79 ألفا) موجود في متحف كيه برانلي في باريس المخصص لفن السكان الأصليين في أفريقيا وآسيا وأوقيانيا وأميركا. وأشارت إميلي سالابيري، رئيسة متحف أنغوليم الذي يضم حوالي 5 آلاف قطعة أثرية أفريقية، إلى أن المهمة "ضخمة وتثير الحماسة". وقالت لوكالة فرانس برس "لقد تغيرت بصورة جذرية طريقة فهمنا لمجموعاتنا".
وبات تحديد مصدر القطعة الأثرية أمرا أساسيا ضمن عمل المتحف، لكنّ تعقب المعلومات الضرورية مسألة صعبة وتستغرق وقتا طويلا. وبدأ متحف الجيش الفرنسي عمليات الجرد سنة 2012، لكنه لم يتمكن إلا من دراسة حوالي ربع القطع الأفريقية البالغ عددها 2248 قطعة.
وفي حين أشار إلى وجود “فرضية منطقية” مفادها أن عددا كبيرا من القطع يمثل غنائم حرب، يسعى جاهدا للتوصل إلى استنتاجات نهائية. وأوضح ناطق باسم المتحف لوكالة فرانس برس أن "الصعوبة الرئيسية تكمن في النقص النسبي في المصادر". وأفادت إميلي جيرو، رئيسة "إكوم فرنسا" التي تشرف على 600 متحف، "إنه عمل استقصائي فعليّ يتطلب التحقق من الأدلة وإيجاد مصادر قد تكون مشتتة، في الخارج أحيانا، أو قد لا تكون موجودة من الأساس".
ومن المرجو أن تصبح المهمة أسهل عندما يصبح هذا النوع من الأبحاث شائعا. وقدمت جامعة باري - نانتير دورة تدريبية مخصصة لموضوع أصول القطع الأثرية في العام 2022، فيما حذت حذوها مدرسة اللوفر في قلب المتحف الشهير سنة 2023. وأطلقت ألمانيا وفرنسا في يناير صندوقا لثلاث سنوات بقيمة 2.1 مليون يورو (2.2 مليون دولار) مخصصا للأبحاث المتمحورة على موضوع مصدر الآثار.
وقالت كاتيا كوكاوكا، كبيرة أمناء متحف أكيتين “علينا أن نكون شفّافين في كل التفاصيل، كأوجه القصور في كتالوغاتنا وتاريخنا وتصنيفاتنا”، واصفة هذه المهمة بأنها “ضرورة أخلاقية”. ولتخفيف عبء التكلفة، يقوم متحف أكيتين الذي يضم 2500 قطعة أثرية أفريقية، بتجميع الموارد مع جهات أخرى، بينها المتاحف في غابون وكاميرون.
ولكن من دون القانون المقترح تبقى المعايير التي تحدد متى يجب إعادة القطعة إلى أفريقيا ملتبسة. وأوضحت سالابيري من متحف أنغوليم، "في حال تم الحصول على القطع بشكل غير قانوني، فيكون ذلك كافيا، لكنّ الافتقار إلى سجلات تاريخية واضحة سيواصل إحباط جهود إعادة الآثار"، مضيفة "سيكون هناك عدد هائل من القطع التي لا يمكن استيضاح وضعها مطلقا".
وقد تكون القروض والضمانات طويلة الأمد بديلاً للتعويض الكامل، على غرار ما فعلته بريطانيا أخيرا مع قطع تابعة للعائلة الملكية في غانا. لكنّ هذه الخطوة لم تثر إعجاب الجميع. وقالت المستشارة الثقافية لحكومة غانا نانا أوفورياتا أييم، في حديث مع "بي بي سي"، "يأتي شخص ما إلى منزلك ويسرق أحد أغراضك ثم يحتفظ به داخل بيته. وبعد سنوات يقول لك سأعيرك إياه. هذا ليس منطقيا ولا معنى له".بغداد - العالم
في ظل احتواء المتاحف الفرنسية على عشرات الآلاف من الأعمال الفنية الأفريقية، يواجه أمناؤها مهمة صعبة لمحاولة تحديد القطع التي نُهبت خلال الحكم الاستعماري في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي ينبغي إعادتها إلى بلدانها الأصلية.
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة إلى بوركينا فاسو عام 2017، بإعادة "التراث الأفريقي إلى أفريقيا" في غضون خمس سنوات، ما دفع القوى الاستعمارية السابقة الأخرى بينها بلجيكا وألمانيا، إلى إطلاق مبادرات مماثلة.
وفي العام 2021، أعادت فرنسا 26 من الكنوز الملكية التي نهبها جنودها من بنين خلال الحكم الاستعماري. لكنّ الجهود قد تعثرت، وأجّلت الحكومة في مارس إلى أجل غير مسمى مشروع قانون يتيح إعادة القطع الأثرية الأفريقية وغيرها من التحف الثقافية، بعد معارضة اليمين في مجلس الشيوخ.
وتبحث المتاحف الفرنسية في أصول حوالي 90 ألف قطعة أفريقية في أرشيفاتها. ومعظم هذه القطع (79 ألفا) موجود في متحف كيه برانلي في باريس المخصص لفن السكان الأصليين في أفريقيا وآسيا وأوقيانيا وأميركا. وأشارت إميلي سالابيري، رئيسة متحف أنغوليم الذي يضم حوالي 5 آلاف قطعة أثرية أفريقية، إلى أن المهمة "ضخمة وتثير الحماسة". وقالت لوكالة فرانس برس "لقد تغيرت بصورة جذرية طريقة فهمنا لمجموعاتنا".
وبات تحديد مصدر القطعة الأثرية أمرا أساسيا ضمن عمل المتحف، لكنّ تعقب المعلومات الضرورية مسألة صعبة وتستغرق وقتا طويلا. وبدأ متحف الجيش الفرنسي عمليات الجرد سنة 2012، لكنه لم يتمكن إلا من دراسة حوالي ربع القطع الأفريقية البالغ عددها 2248 قطعة.
وفي حين أشار إلى وجود “فرضية منطقية” مفادها أن عددا كبيرا من القطع يمثل غنائم حرب، يسعى جاهدا للتوصل إلى استنتاجات نهائية. وأوضح ناطق باسم المتحف لوكالة فرانس برس أن "الصعوبة الرئيسية تكمن في النقص النسبي في المصادر". وأفادت إميلي جيرو، رئيسة "إكوم فرنسا" التي تشرف على 600 متحف، "إنه عمل استقصائي فعليّ يتطلب التحقق من الأدلة وإيجاد مصادر قد تكون مشتتة، في الخارج أحيانا، أو قد لا تكون موجودة من الأساس".
ومن المرجو أن تصبح المهمة أسهل عندما يصبح هذا النوع من الأبحاث شائعا. وقدمت جامعة باري - نانتير دورة تدريبية مخصصة لموضوع أصول القطع الأثرية في العام 2022، فيما حذت حذوها مدرسة اللوفر في قلب المتحف الشهير سنة 2023. وأطلقت ألمانيا وفرنسا في يناير صندوقا لثلاث سنوات بقيمة 2.1 مليون يورو (2.2 مليون دولار) مخصصا للأبحاث المتمحورة على موضوع مصدر الآثار.
وقالت كاتيا كوكاوكا، كبيرة أمناء متحف أكيتين “علينا أن نكون شفّافين في كل التفاصيل، كأوجه القصور في كتالوغاتنا وتاريخنا وتصنيفاتنا”، واصفة هذه المهمة بأنها “ضرورة أخلاقية”. ولتخفيف عبء التكلفة، يقوم متحف أكيتين الذي يضم 2500 قطعة أثرية أفريقية، بتجميع الموارد مع جهات أخرى، بينها المتاحف في غابون وكاميرون.
ولكن من دون القانون المقترح تبقى المعايير التي تحدد متى يجب إعادة القطعة إلى أفريقيا ملتبسة. وأوضحت سالابيري من متحف أنغوليم، "في حال تم الحصول على القطع بشكل غير قانوني، فيكون ذلك كافيا، لكنّ الافتقار إلى سجلات تاريخية واضحة سيواصل إحباط جهود إعادة الآثار"، مضيفة "سيكون هناك عدد هائل من القطع التي لا يمكن استيضاح وضعها مطلقا".
وقد تكون القروض والضمانات طويلة الأمد بديلاً للتعويض الكامل، على غرار ما فعلته بريطانيا أخيرا مع قطع تابعة للعائلة الملكية في غانا. لكنّ هذه الخطوة لم تثر إعجاب الجميع. وقالت المستشارة الثقافية لحكومة غانا نانا أوفورياتا أييم، في حديث مع "بي بي سي"، "يأتي شخص ما إلى منزلك ويسرق أحد أغراضك ثم يحتفظ به داخل بيته. وبعد سنوات يقول لك سأعيرك إياه. هذا ليس منطقيا ولا معنى له".