المخرج المصري يوسف طارق يعيد فتح نوافذ سينما الزمن الجميل
17-كانون الثاني-2024

عبد الرحمن الشافعي
اختار المخرج المصري يوسف طارق سينما الأبيض والأسود ليعيدنا بها إلى الزمن الجميل الذي يقول إنه زمن يمثل بالنسبة إلى الكثيرين لحظات جميلة يودون استعادتها، والتعرف إليها وإلى تاريخ المدن التي يسكنونها، انطلاقا من قصص واقعية، تهتم هذه المرة بمدى خطورة الأخطاء الطبية.
تعد السينما وسيلة استرجاع رائعة يمتزج فيها الفن والتاريخ لإعادة إحياء لحظات جميلة من الماضي، ويمكنها أن تفتح الستار على صور مشرقة غابت عن ذاكرتنا الزمنية، حيث يعمل بعض السينمائيين على تقديم أعمال فنية تستند إلى الأفكار الإنسانية الجميلة والتجارب الحياتية القيمة، مما يتيح للمشاهدين فرصة فريدة لاستحضار ذكرياتهم وتجديد الروابط مع فترات زمنية جميلة مضت.
وبفضل اللقطات الكلاسيكية والأفلام القديمة، يمكن للجمهور أن يستمتع بالجمال الفني لحقب زمنية بعينها، حيث تأتي الصور بالأبيض والأسود لتضفي المزيد من السحر والعمق على تلك اللحظات المميزة.
وكانت لها رحلة في هذه الأجواء من خلال حوار مع المخرج المصري يوسف طارق الذي أعاد إحياء زوايا قرية أبيدوس في محافظة سوهاج خلال الأربعينات من القرن الماضي في فيلمه “يونس: لا أستطيع العيش بدونك”.
الفيلم هو روائي قصير إنتاج العام 2023، تدور أحداثه في قرية أبيدوس بمحافظة سوهاج عام 1945، حيث يتعرض البطل يونس لغيبوبة سكر، ويتم تشخيص مرضه على أنه وباء، وبسبب التشخيص الخاطئ تم الإعلان عن وفاته.
يعرض الفيلم في عدة مهرجانات متنوعة تتيح له فرصة التألق والفوز بجوائز قيمة تضيف إليه مكانة مميزة في عالم السينما.
المخرج أعاد إحياء قرية أبيدوس في محافظة سوهاج خلال الأربعينات من القرن الماضي في فيلمه "يونس: لا أستطيع العيش بدونك"
المخرج أعاد إحياء قرية أبيدوس في محافظة سوهاج خلال الأربعينات من القرن الماضي في فيلمه "يونس: لا أستطيع العيش بدونك"
وفي حواره مع “العرب” يقول المخرج يوسف طارق عن أصل العمل “جاءت فكرة قصة الفيلم من حكاية حقيقية لشاب عاش تجربة فريدة من نوعها، تم تشخيصه بشكل خاطئ وأعلن عن وفاته، لكن عندما كانوا يقومون بغسل جثته عاد إلى الحياة”.
ويضيف “يستلهم الفيلم أحداثه من قصة وقعت في نفس القرية التي شهدت الحادثة الحقيقية، وتم اختيار هذا المكان ليكون موقعا ملهما للأحداث، حيث يبرز تناقض بين التقنيات الطبية في ذلك الوقت والتقدم الذي نشهده اليوم، وتمثل القرية بمحيطها وحياتها اليومية جوا مثاليا لسرد هذه القصة الفريدة والملهمة”.
واجه المخرج يوسف طارق مجموعة من التحديات في تصوير الأحداث التي تقع في قرية أبيدوس بمحافظة سوهاج في عام 1945 بروح إيجابية على حد قوله، حيث يعتبر أن “هذه التجربة ممتعة مع فريق العمل، إذ استمرت عملية التصوير ثلاثة أيام كانت خلالها الأجواء بسيطة ومريحة، ربما لأنني نشأت في قرية أبيدوس بمحافظة سوهاج، ويعكس هذا الاختيار الشخصي تأثيرا إيجابيا على عملية التصوير ويتيح للفريق تحقيق جو أكثر أصالة في إعدادات الفيلم”.
ويصف المخرج تقنيات تعامله مع تصوير المشاهد التي تظهر البطل يونس وهو في حالة غيبوبة سكر، بأنها كانت تحديا صعبا خاصة مع الاستعداد للمشاهد التي استغرقت وقتا طويلا، ويشير إلى أن تحضير الممثلين كان يتطلب عناية فائقة، خاصة أنهم كانوا يخوضون تجربة التمثيل للمرة الأولى.
وتعكس هذه التفاصيل على حد قوله التحديات التي واجهها في إعداد وتصوير المشاهد، وكيف كان من المهم التركيز على إعداد الممثلين الجدد للأدوار التي قد تكون بحاجة إلى تفاصيل دقيقة. كما يبرز يوسف أهمية تكوين جو مريح وداعم أثناء فترة التصوير، مما يسهم في تحقيق أداء مميز من قبل الممثلين وضمان نجاح النتيجة النهائية.
وينوه قائلا “نجحت في التعبير عن البيئة والثقافة المحليتيْن في القرية بفضل استخدام العديد من العناصر البصرية والتصويرية، وقدمت صورا للبيوت القديمة جدا والقصور التي يمتد تاريخها إلى أيام الملوك، وهذا يعكس جوانب من ثراء التراث والتاريخ في المنطقة”.
ويضيف “أظهرت الأراضي الزراعية والجلباب الصعيدي الشهير في المشاهد تفاصيل حية للحياة اليومية والتقاليد المحلية، مما أضاف إلى الفيلم لمسة من الجمال والأصالة، وقد استخدمت المشاهد بالأبيض والأسود لإبراز جمال الرونق الثقافي للمكان وأظهرت العناية بالتفاصيل في تصوير البيئة المحلية. وبهذه الطريقة أعطت المشاهد البصرية عمقا إضافيا للفيلم وساهمت في نقل تجربة غنية من الثقافة والتاريخ المحلييْن، مما جعله ليس فقط قصة درامية بل أيضا رحلة إلى الجمال والتراث الفريد لتلك القرية”.
وفي حديثه عن رسالة العمل التي تحمل في طياتها تحذيرا قويا حول الاندفاع في تشخيص حالات البشر يقول “تقدم قصة يونس وتشخيصه الخاطئ تنبيها حيال إمكانية الخطأ في التقييم الطبي لحالات الأفراد، كما تتناول مسألة أهمية عدم الاستناد الكامل إلى التشخيص الأولي وتسلط الضوء على أن الإنسان قد يكون على قيد الحياة رغم التشخيص السابق. وتعكس الرسالة أهمية إعادة التفكير وإعادة التشخيص قبل اتخاذ أي إجراء، وتشدد على أن الحقائق قد تكون متغيرة وأن هناك فحصا دقيقا يجب أن يسبق أي قرار طبي أو تشخيص، وتؤكد على الحاجة الملحة إلى التفكير العميق والتحقق من الحقائق قبل اتخاذ أي إجراء يمكن أن يؤثر على حياة الأفراد”.
ويعبر المخرج الشاب عن حنينه إلى الماضي قائلا “تتشابه هذه القصة مع الحكايات الشعبية القديمة التي تحمل دروسا حياتية قيمة، مما يبرز تعقيد الطبيعة البشرية ويسلط الضوء على الأهمية الدائمة للتفكير الحذر والتفحص الدقيق للوضع قبل اتخاذ أي خطوة”.
ويوضح طارق نقاط قوة التأثير في بعض المشاهد قائلا “استخدمت مزيجا من العناصر التقنية والفنية، وقامت الموسيقى بدور هام في تعزيز الأحداث ونقل العواطف، حيث تم توظيفها بشكل رائع لتكمل المشاهد وتؤثر في مشاعر الجمهور وتحقق التناغم الجيد بين الموسيقى والصور من أجل تحقيق تجربة غنية ومؤثرة في المشاهدين”.
عودة إلى زمن السينما الكلاسيكية
ويعلق على تجربة المشاركة في المهرجانات السينمائية بالقول “كانت تجربة لا تقدر بثمن وتعكس نجاح الفيلم، فقد فاز بجائزة أفضل فيلم قصير في سينما الموبايل خلال دورة المهرجان المصري – الأميركي للسينما والفنون في نيويورك عام 2023، وهو إنجاز يعكس قوة القصة وجاذبيتها والتأثير العاطفي الذي نجح في نقله إلى الجمهور، والردود الإيجابية من قبل الحضور. كما يعكس الفوز بالجائزة تأثير العمل واستقباله الإيجابي في المشهد السينمائي”.
ويضيف أن الردود الإيجابية والفوز بالجوائز يعكسان قدرة الفيلم على التأثير وإيصال رسالة فنية وثقافية، ويظهر هذا النجاح كيف يمكن للسينما أن تكون وسيلة فعالة لتسليط الأضواء على قضايا مهمة وإثارة التفاعل والتأمل في أوساط عالمية.
ويوضح المخرج “حين أستعدّ للمشاركة في المهرجانات أقوم بإعداد خطة تحضير مخصصة لتلبية احتياجات كل مهرجان بشكل فعال مع دراسة شروط المشاركة والمعايير المطلوبة بعناية لضمان توافق فيلمي مع توقعات المهرجان، ومن ثم أبدأ في تجهيز المواد المطلوبة للتقديم، مثل السينوبسيس والبوستر والمعلومات الفنية، وأبذل جهدا كبيرا في تحضير عرض تقديمي جذاب يبرز جوانب فنية وقصصية في فيلمي. كما أنني أعتني بالتفاعل مع لجنة التحكيم أو المنظمين إذا كانت هناك فرصة للتواصل معهم قبل أو أثناء المهرجان، هذا يمكن أن يساعد في فهم أفضل لتوقعاتهم ويعزز فرص نجاح فيلمي”.
وفي حديثه عن الجمهور ينوه يوسف طارق بأن استقبال الجمهور العالمي لقصة فيلمه القصير في مختلف المهرجانات كان “رائعا ومشجعا بشكل كبير، حظيت اللقطات التي تصف المناظر والأماكن في قرية أبيدوس بإعجاب الجمهور، حيث قدمت صورا جمالية فريدة وأظهرت جمال البيئة بطريقة ملهمة، وتم استقبال هذا التميز بإيجابية من الجمهور العالمي، الذي ابتهج بتجربة جديدة ومختلفة”.
ويختم المخرج الحوار بطموح ورؤية مستقبلية حيث عبر عن ذلك بقوله “نعتزم الاستمرار في تناول قضايا اجتماعية أو تاريخية في أعمالنا السينمائية القادمة، ونؤمن بأن الفن يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتعبير عن قضايا مهمة ونقل رسائل قوية، ومن خلال السينما نسعى إلى تحفيز التفكير وتشجيع الحوار حول المواضيع الهامة. ونحن الآن في مرحلة التحضير لفكرة فيلم قصير جديد خلال الفترة القادمة، وفريق العمل الذي يشاركني في هذا المشروع يلتزم بتقديم عمل فني يحمل رسالة قوية ويسلط الضوء على جوانب مهمة من المجتمع أو التاريخ، ونطمح إلى خلق تجربة سينمائية فريدة وملهمة تترك أثرا إيجابيا على الجمهور وتساهم في نقل قصص ذات أهمية”.

النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech