المرأة في الإعلام العراقي .. صورتان مشرقة أو مشوهة!
4-حزيران-2023
بغداد ـ تغريد العزاوي
اختلفت صورة المرأة الإعلامية العراقية اليوم، اختلافا واضحا عما كانت عليه في الأمس؛ فاليوم مع تطور حداثة التكنولوجيا وانتشار وسائل الإعلام المتعددة، واهتمام الجمهور السوشيال ميديا، وانفتاح البلد على العالم الخارجي للبلدان، أخذت البعض من الإعلاميات العراقيات تتنافس في ما بينهن بطرق ووسائل مختلفة، لتحقيق انتشار واسع محليا، وأصبح هدف المرأة الإعلامية لا يقع على المضمون والمحتوى الذي تقدمه، بقدر ما أصبح هاجسها الأكبر تحقيق متابعات عالية في مواقع التواصل الاجتماعي، والحصول على مشاهدات أكثر لذاتها وشكلها. وقد أخذ البعض منهن تعتمد على الطرح البذيء، واستخدام وسائل التعري واستعراض الأجساد، وتقديم الإغراءات، بهدف كسب الجمهور.
ومع دخول الكثير من النساء إلى مجال العمل الصحفي والإعلامي في العراق، واللائي تجاوز عددهن المئات في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، إلا أننا اليوم لا نجد سوى القلة القليلة من الإعلاميات اللواتي اثبتن جدارة فعلية في المهنة الإعلامية، وحققن نجاحا مهنيا واضحا وملموسا، وحرصن على إعطاء صورة مشرقة ومبهرة، للمرأة العاملة في مجال الإعلام.
* دور هيئة الإعلام والاتصالات
يقول رئيس هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، الدكتور علي المؤيد: إن وجود المئات من المؤسسات الإعلامية الأهلية في العراق، يعد انتقالة نوعية فسحت المجال لعدد كبير من الزملاء الإعلاميين للعمل بحرية أكبر في ميدان العمل الإعلامي، ولا شك أن العدد الكبير لوسائل الإعلام المحلية مع فوائده الجمة، فقد صاحبه إشكاليات طبيعية بحاجة إلى معالجات موضوعية، ومنها حداثة التجربة، وعدم وجود أطر ناظمة، وحدوث نوع من الفوضى، وكذلك تداخل مجموعة من الأجندات الإعلامية، واليوم أصبح الإعلاميون العراقيون غير مقيدين في عملهم، ولا يتم تحديدهم من قبل زاوية الحكومة الأحادية، كما كان قبل عام ٢٠٠٣، ولم يعد الإعلام العراقي محصورا بالتوجه الحكومي .
وقد تحفظ الدكتور علي المؤيد على الإجابة بشأن سؤالنا الذي طرحناه عليه حول: لم نجد دورا واضحا لهيئة الإعلام والاتصالات العراقية بمراقبة أداء وسلوك الإعلاميين العراقيين، ومحاسبة أولئك الذين أساءوا للمهنة الإعلامية؟ ولم يعط المؤيد أي تصريح حول ذلك!
* دور نقابة الصحفيين العراقيين
من جانبه، يقول رئيس لجنة الانضباط في نقابة الصحفيين العراقيين، فراس الحمداني: للأسف إن المرأة وحقوق الإنسان في العراق بقدر تعلق الأمر بهما، فهما يعانيان من الفوقية ومن المشكلات المختلفة، وعدم منح الفرص الكاملة لها، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة على مستوى السياسة والإعلام والمنظمات، وأن نقابة الصحفيين العراقيين تقوم بدورها الكامل حيال ذلك، من خلال اعتماد طرق التنسيق المباشر والتثقيف والتنوير، ومحاولة تخفيف المعاناة التي تؤخر تقدم المرأة في مجال الصحافة والإعلام.
وعن دور لجنة الانضباط في نقابة الصحفيين العراقيين، ومدى محاسبتها لبعض الإعلاميين والإعلاميات الذين أساءوا للمهنة الإعلامية والصحفية في العراق، يبيّن الحمداني: أن نقابة الصحفيين العراقيين حريصة على أن تقوم الدولة العراقية بواجباتها كاملة، وأن يطبق القانون على الجميع دون استثناء، وأننا كنقابة لا نريد أخذ دور الدولة وتوهين تلك الثقة بها، بل أننا نعزز ثقة المجتمع بها دون إغفال دورنا النقابي، ونسعى على الدوام في نقابة الصحفيين العراقيين الى توضيح صورة ما يجري دائما، ونعمل على منع أي سلوك مخالف للقانون، ونتواصل في سبيل ذلك مع الجميع .
* قانون المحتوى الهابط .
أما الإعلامي العراقي ستيفن نبيل فيوضح: إن المرأة الإعلامية العراقية منذ بداية حركة الإذاعة في منطقة الشرق الأوسط ومنذ عقود طويلة جدا، دخلت مجال الإعلام بقوة وأظهرت نسخة جميلة ورائعة، ونسخة أكاديمية ومثقفة عن مقدرات المرأة العراقية في مجال الإعلام، وتمثيل المجتمع بصورة جيدة، حيث استطاعت الوصول إلى أعلى المستويات المهنية، وقد شاهدنا العديد من الإعلاميات العراقيات أبدعن في شاشات التلفاز العراقية والخليجية، وأنا برأيي أن المرأة الإعلامية العراقية سباقة دوما في الظهور الإعلامي للجانب المحلي والعربي، وحتى الأجنبي أيضا . وبشأن سؤالنا هل أنت مع شمول بعض الإعلاميات العراقيات بقانون مكافحة المحتوى الهابط ومحاسبتهن قانونيا، فقد أجاب نبيل قائلا: يجب أولا أن تسن قوانين صريحة حول ذلك، وتحدد من قبل لجان أكاديمية علمية مختصة في مجال الإعلام، وبدورها تحدد ما يسيء إلى المجتمع العراقي على المستوى البعيد، ويجب ألا تستخدم هذه اللجان لمحاربة الرأي ومحاولة تكميم الأفواه، واستخدام وسائل التخويف للإعلاميين والإعلاميات في العراق، كما يجب أن نكون واضحين قانونيا بهذا القانون ( المحتوى الهابط )، وأن نوعي الآخرين حوله بشرط عدم الإساءة إلى المجتمع العراقي بصورة واضحة، وأنا ضد تطبيق مفهومه في معاقبة الإعلاميات والإعلاميين العراقيين .
* طارئات على الإعلام !.
من جهتها، تعتبر الإعلامية ومقدمة البرامج في قناة الشرقية، شيماء عماد إن: دخول الطارئات إلى المهنة الإعلامية من بعض الفانشستات والبلوكرات وعارضات الأزياء ومروجات البضائع، قد أساء للمهنة ولرصانة المحتوى الإعلامي، وإن الإعلاميات الرصينات والمهنيات أصبحن يعانين الكثير من دخول تلك الطارئات، بسبب إهتمام القنوات الفضائية العراقية بتلك الفانشستات والبلوكرات، وانسحاب القنوات الفضائية عن البحث على رصانة المحتوى الإعلامي، وتركيزها على موضوع نسبة عدد المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الشخصيات الإعلانية، بمعزل عن الإهتمام بالثقافة والفكر للمرأة الإعلامية، وعن ما تمتلكه من مقومات للسيطرة على إدارة الحوارات الإعلامية داخل شاشة الفضائيات العراقية .
وعن أسباب عدم وصول الإعلامية العراقية إلى العربية وتحقيق النجاح على الصعيد العربي، تقول عماد: إن السبب يعود إلى مؤسساتنا الإعلامية العراقية لأن إعلامنا مغلق على نفسه، ولأننا بلد عانى من الحصار والإرهاب ومختلف الظروف، وكذلك لأن الطرح الإعلامي العراقي يعد مادة غير ملفتة للنظر بالنسبة للقنوات العربية، بحكم نوع ورتابة الموضوعات المتداولة، ولهذا فإن القنوات العربية لم تنتبه إلى صورة الإعلاميات العراقيات كي تتعاقد مع أي شخصية منهن، بالإضافة إلى ضعف مستوى الإنتاج والترويج والتسويق لبرامجنا في قنواتنا التلفزيونية المحلية، مقارنة بالمستويات العالية للإنتاج والترويج والتسويق للبرامج الموجودة في القنوات العربية، فالمشكلة تكمن بقنواتنا المحلية، وبنهج القنوات وأسلوب الصرف المالي فيها، وفي طريقة إدارة البرامج وابتكار أفكار جديدة لها، وعدم التقليد، وهذه من أبرز الأسباب التي جعلت الإعلامية العراقية لم تصل إلى مستوى العربية.
• حضور ضور مميز ولافت
بالمقابل ترى الإعلامية ومقدمة البرامج في قناة العراقية، الدكتورة صابرين الشيخ: إن واقع عمل المرأة الإعلامية في العراق يختلف بين الأمس واليوم كثيرا، إذ تقول لا يمكن مقارنة الإعلام العراقي وعمل المرأة الإعلامية في أيام زمان بما هو موجود عليه الآن، وذلك لإختلاف الوقت واختلاف الإمكانيات التكنلوجية والفنية والبشرية، فضلا عن تعدد المنافذ الإعلامية المتاحة حاليا، واستحداث الكثير من القنوات الفضائية التي أتاحت فرص العمل للكثير، إذ لم تك في السابق موجودة تلك المنافذ، وكان للدولة منفذا إعلاميا واحدا أو اثنين فقط، أي قناة واحدة أو قناتين، ولذلك صعب المقارنة .
وتضيف الشيخ، إن الإعلامية العراقية في الوقت الحاضر أخذت تسجل حضورا مميزا ولافتا، من خلال سعي البعض منهن إلى صقل موهبتهن الإعلامية في الدراسة الأكاديمية، ومواصلة الدراسات العلمية العليا، فلم تكتف الإعلامية العراقية اليوم بشهادة البكالوريوس، بل أخذت تتواصل في الدراسة نحو الماجستير والدكتوراه، مما أزداد من إبداع المرأة الإعلامية العراقية في وسائل الإعلام العراقية المختلفة ( المرئية، والمسموعة، والمقروءة ) .
* انتحال لقب الإعلامية!
بدورها تؤكد الإعلامية ومذيعة الأخبار في قناة آي نيوز، ضحى الطائي: في الحقيقة لقد برزت لدينا في الآونة الأخيرة أسماء كثيرة لمعت في سماء الإعلام العراقي، من الإعلاميات المحترمات اللاتي سعين إلى تقديم عمل إعلامي مميز وبشكل متفاعل، ومن بين تلك الأسماء الإعلامية ختام الغراوي، والإعلامية بتول الحسن، والإعلامية سؤدد طارق، ولا يكتفي العدد عليهن فقط، بل هناك الكثير غيرهن ممن أوصلن الرسالة الإعلامية بحرفية، ورفعن شعار أنا صوت من لا صوت له .
وتتابع الطائي، إن الإعلامية يجب أن تتميز بجمال العقل قبل جمال الجسد، أي أن تزين عقلها وتشبعه بالمعلومات وبالإطلاع الكامل على مجريات الأمور والأحداث، وأن تتحلى بالثقافة الغزيرة، كي يطلق عليها لقب (الإعلامية)، ولذا فأنا شخصيا لا أطلق على (الفتيات )، من صاحبات الجسد الجميل والوجه الحسن بلقب إعلاميات، لأنهن لسن إعلاميات وللأسف البعض منهن يحاولن جذب الجمهور تحت مسمى إعلامية، عبر وسيلة خلع الملابس واستخدام الحركات المنبوذة في المجتمع، والتي لا تصل للمرأة الإعلامية المحترمة بصلة تذكر، وهذه إحدى الأمور التي أثرت علينا بشكل عام في نظرة المجتمع لنا، والتي غالبا ما تأثرت عبر تصرفات بعضهن اللاتي أسئن لمهنة الإعلام، كما وقد أصبح هاجس البعض منهن هو الحصول على أكبر عدد من اللايكات والمتابعات، بسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، في حين إن المرأة الإعلامية يجب أن تكون مثالا يحتذى به للمرأة العراقية في المجتمع .