بغداد ـ العالم
لم يتمكن القطاع المصرفي العراقي طوال عقدين من جذب ودائع العراقيين الذين يفضلون "اكتنازها" في منازلهم، كونهم مؤمنين بأن تلك الخزائن ـ الحكومية والأهلية ـ غير آمنة، وهذا ما تعززه المشاهد المبكية في قاعات المصارف، التي تشهد اكتظاظا وخزما بالمراجعين من أصحاب الأموال المودعة في البنوك، التي ترفض إداراتها تسليمها اليهم، عدا نسب قليلة، لا تلبي حاجاتهم وتعاملاتهم التجارية وغيرها.
وقال مراسل "العالم" أن إدارات مصارف الرشيد والرافدين والـ تي بي آي، لم تتمكن من امتصاص زخم المراجعين وتلبية طلباتهم، فبينما تحجج بعضها بتوقف وعطل الأنظمة الإلكترونية، قامت أخرى بطرد المراجعين وإغلاق أبواب المصارف بوجوههم، بعد فقدان السيطرة على تنظيم مراجعاتهم.
حاول القطاع المصرفي خلال 20 عاما إعادة تنظيم نفسه، لكنه لم ينجح.
والشهر الماضي، حذر البنك المركزي، المصارف كافة من عدم تسليم الدولار إلى المواطنين، تحت ذريعة تطبيق قرارات البنك التي ستدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل.
وجاء في كتاب صادر عن البنك المركزي، موجه إلى المصارف، "تأكيداً لما جاء بإعمامنا المرقم 180/3/9 في 2020/6/30 والإعمامات اللاحقة حول مراكز النقد الأجنبي وآخرها إعمامنا المرقم 204/2/9 في 2023/3/30 ، يتوجب على مصارفكم مراعاة مراكز النقد الأجنبي المسموح بها وفقاً للإعمامات أعلاه لتلافي العجز عن تلبية طلبات زبائنكم لسحب الدولار المودع نقداً في حساباتهم المفتوحة لديكم".
وأضاف كتاب المركزي، أن "شكاوى عدة وردت بخصوص عدم تلبية تلك السحوبات بذريعة وجود تعليمات صادرة من البنك المركزي تمنع ذلك"، مؤكداً أن "البنك المركزي، سيأخذ في عين الاعتبار الشكاوى الواردة اليه من الزبائن وسيتخذ الإجراءات اللازمة بحق المصارف الممتنعة".
ويؤكد البنك المركزي، ضمان ودائع الدولار وللمواطن الذي أودع أمواله بالدولار لدى أي مصرف عراقي سابقاً أو بحلول عام 2024 حق أصيل في استلام هذه المبالغ نقداً بالدولار الأمريكي.
أحد المراجعين أخبر مراسل "العالم" بأنه حاول ان يسحب مبلغا من حسابه في المصرف العراقي للتجارة/ فرع المسبح، لكن الادارة ردت عليه ببرود: السيستم عاطل. ويبدو أن إدارة البنك التي تستعد لمواجهة "طوفان" حكومي، تمارس عملية تمويه على العراقيين، لأن موظفي المصارف يؤكدون للمودعين أن البنك بلغهم بعدم إطلاق أكثر من 10 بالمئة من ودائع المواطنين.
وكان المركزي قد أشار إلى أن الإصلاحات التي يقوم بها تستهدف تحقيق امتثال البنك والنظام المصرفي العراقي عموماً، لمعايير الامتثال الدولية، وبما يحول دون وصول الدولار الى جهات ممنوعة من الحصول عليه او المضاربة به.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي أنباء عن تحرك حكومي لتغيير إدارة البنك المركزي العراقي، ولم يحدد البديل حتى، بعد ان فشل علي العلاق في معالجة أزمة الدولار. لكن اللجنة المالية النيابية نفت أمس الثلاثاء، وجود حراك من قبل البرلمان لإقالة محافظ البنك المركزي علي العلاق. وقال رئيس اللجنة عطوان العطواني، في بيان ورد لـ"العالم"، "ننفي نفياً قاطعاً الأنباء المتداولة بشأن عزم اللجنة المالية النيابية على إقالة محافظ البنك المركزي العراقي".
ودعا العطواني وسائل الإعلام إلى اعتماد الأخبار الرسمية التي تصدر عن رئاسة اللجنة، مؤكداً "دعم اللجنة الكامل لإجراءات البنك المركزي العراقي لإعادة الاستقرار إلى السوق والسيطرة على سعر الصرف، وإننا على تواصل دائم وتنسيق مستمر بغية معالجة الأسباب والمعوقات بهدف إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح".