المواطن يهدر 30 بالمائة من الماء الصافي ودعوات للاستفادة من «الصرف الصحي»
29-أيار-2023
بغداد ـ العالم
يهدر المواطن العراقي 30 بالمائة من الماء الصافي المنتج البالغ 4 ملايين متر مكعب يومياً، بسبب التجاوزات والاستعمال الخاطئ له، بحسب معلومات حصلت عليها شفق نيوز من أمانة بغداد، التي اشارت إلى أن حصة المواطن من المياه تبلغ 400 لتر يومياً، وتعد الأكثر بين دول العالم.
ويؤكد مختصون أن البلاد تعاني من أزمة مائية حقيقية تصل إلى مستوى الجائحة، في وقت لا يشعر الفرد العراقي بالتراجع الخطير للمياه وتداعياته السلبية على حياته اليومية، حيث لا يزال يُصرف مليار ونصف المليار متر مكعب شهرياً من المياه، رغم أن كل المتوفر في الخزانات حالياً لا يتعدى 7 مليارات متر مكعب.
ويشير المختصون إلى أن العراق البلد الوحيد في العالم الذي يستخدم المياه الصالحة للشرب في غسل السيارات والشوارع رغم وجود الفقر المائي، فضلاً عن كثرة الاستهلاك في الاستخدامات الأخرى، ما يستوجب اتخاذ إجراءات للموازنة ما بين الطلب ومحدودية المياه المتوفرة.
حسب معايير منظمة الصحة العالمية، لا يتجاوز الاستهلاك اليومي من المياه الـ100 لتر في الحالة الطبيعية، بينما تشير الدراسات إلى أن الفرد العراقي يستهلك ما بين 500 إلى 800 لتر يومياً، مما يشكل هدراً كبيراً لمستوى وحجم المياه المتداول في ظل الأزمة المائية الراهنة، وفق الباحث العراقي أحمد عيد.
ويعزو عيد خلال حديثه لوكالة شفق نيوز سبب الأزمة الحالية إلى "التغييرات المناخية بالدرجة الأساس، فضلاً عن عجز المفاوض العراقي في حل مشكلة الإطلاقات المائية من البلدان المتشاطئة مع العراق".
ويشدد الباحث على "ضرورة تفعيل دور الإرشاد والرقابة من خلال وسائل الإعلام المتعددة، والجهات ذات العلاقة المسؤولة عن ملف المياه في العراق، بالإضافة إلى تضمين موازنات مالية كافية لتوفير مستلزمات الإرشاد والخزن".
تؤكد عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، زوزان كوجر، أن "البلاد تواجه أزمة مياه حقيقية، بسبب سوء الإدارة وكثرة الاستهلاك والطلب على المياه، خاصة مع حلول فصل الصيف، سواء في الشرب أو الصرف الصحي أو الاستخدامات الأخرى، ما سيكون له مردود سلبي على توفير المياه خصوصاً لسكان الوسط والجنوب في المستقبل".
وتدعو كوجر، إلى أهمية "التوازن ما بين الطلب ومحدودية المياه الموجودة، واتخاذ إجراءات لمنع التجاوز على الحصص المائية والاستخدام السليم للمياه عند الحاجة فقط، والاستفادة من مياه الصرف الصحي للزراعة بعد معالجتها، واطلاق حملات توعية للمواطنين وتشجيعهم على تطبيق الإجراءات الحكومية، بالإضافة إلى فرض قيود لتقليل استخدام المياه بشكل غير سليم من قبل المستهلك".
من جهته، يشير الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، إلى أن "البلاد تفتقر لثقافة المياه، فلا يشعر الفرد العراقي لحد هذه اللحظة، بالتراجع المستمر في المياه التي ربما أصبحت جائحة لخطورتها، إذ لا يزال يُصرف مليار ونصف المليار متر مكعب شهرياً، رغم أن كل ما متوفر في الخزانات حالياً لا يتعدى 7 مليارات متر مكعب".
وينبّه الموسوي إلى أن "أغلب البحيرات جفت، والخزانات شارفت على الجفاف"، لافتاً إلى أن "استخدام المياه الصالحة للشرب في غسل السيارات والشوارع تعد أحد أنواع الهدر"، متفقاً مع ما طرحته زوزان كوجر حول اللجوء إلى إعادة تدوير مياه الصرف الصحي بعد معالجتها ورفع الملوثات عنها واستهلاكها لمثل هكذا استخدامات.
وعن تعزيز ثقافة المياه، كشف الموسوي عن طرح فكرة إدخال عملية استخدام المياه في المناهج التربوية، وإشراك المرأة في عملية ترشيد المياه في الاستخدامات المنزلية.
وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، قد حثت في مطلع الشهر الحالي، دول العالم وخاصة المجاورة منها على مساعدة العراق في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف التي يواجهها.
وتصاعدت أزمة المياه في العراق خلال السنوات الماضية مع تراجع معدلات هطول الأمطار، وقلة مناسيب المياه من دول الجوار التي تمد نهري دجلة والفرات بالمياه، ما أدى إلى تفاقم الجفاف، إلى أن بات العراق البلد "الخامس في العالم" الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، بحسب الأمم المتحدة.