الهجرة الى طريق التنمية
9-تموز-2023
واثق الجابري
اعتادت البشرية بالتجمع قرب مصادر المياه، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود تجمعات بشرية قرب الطرق، مع توفير مصادر الحصول على المياه، ومتطلبات العيش الاخرى، يقول علماء الاقتصاد: إن التجمعات البشرية تكون حول موارد الاقتصاد، وفي السابق كانت الانهار، وما تزال مدن العراق كلها تعيش على ضفاف نهري دجلة والفرات وتفرعاتهما، إلاّ أن العالم تطور ولم يعد يعتمد على الانهار فحسب، ولا الزراعة لوحدها، وبذلك أصبحت الطرق أكثر أهمية، مع وجود أدوات إيصال المياه الى أبعد بقعة في العالم.
تختلف بقيمتها ومواردها الاقتصادية بحسب طرقها، وفي المدينة والحي تختلف قيمة زقاق عن آخر حسب قربه من الشارع الرئيس، ويترتب على ذلك فرص العمل والمحال التجارية وغلاء العقارات، وفي هذا الشارع الرئيس تشابك للمصالح والعلاقات الاجتماعية، وتتعمق أكثر كلما زادت الموارد الاقتصادية، ويصبح لدى جميع السكان حرص على المحافظة على هذا الطريق، الذي يصبح لكل مواطن من الحي جزءٌ من الشراكة والمسؤولية يتحملها المواطنون جميعهم.
لو جعلنا العراق مدينة في عالم التكنولوجيا والاجهزة المحمولة، لوجدنا أنه أشبه بالمدينة التي تحتاج الى طريق حيوي استراتيجي يربط أحياءها، وفي كل حي شارع رئيس وشوارع فرعية، يلتقي فيها السكان كل حسب عمله ونشاطه الاقتصادي والاجتماعي، وفي هذا المكان مناطق تسوق كبيرة وفنادق وحركة تجارية، وسياحة بأماكن ترفيه، وكما العادة ترفع صور مرشحي الانتخابات، وكل يتباهى بإساهاماته بهذا الشارع الحيوي، حتى يبادر بعضهم لوضع شواهد عمله أمام الناس، ويحصل على مكسب اجتماعي وسياسي.
إن طريق التنمية، سيكون الشارع الرئيس الذي يربط مدن العراق، وأحيائها ببعضها، والعراق والعالم، ولن يكون ملتقى لسكان العراق ومصدر مواردهم الاقتصادية، بل كأنه سوق كبيرة فيها الفنادق والمطاعم والعمارات السكنية والمصانع والخدمات الاخرى التي يحتاجها الطريق، وهذه الحال قرب محطات وقوف القطارات في 13 محطة، بينما على الطرق السريعة للسيارات، فمن المؤكد ستكون محطات تزويد الطاقة ودور استراحة وخدمات طريق من مطاعم وصيانة، وسوف تزداد هجرة السكان باتجاه التجمع حول هذه الطرق، التي ستكون مصادر دخل اقتصادي أكثر فائدة كلما اقتربنا من الطريق.
من ذكاء احد المستثمرين، أنه بحث عن خرائط طريق التنمية لشراء أراضٍ، قبل ان ترتفع اسعارها، وهو على اعتقاد تام أن الحياة الاقتصادية المستقبلية للعراق ستكون حول الطرق، وبوجود طرق تربط كل المدن العراقية بطريق التنمية، وتكون الهجرة بدلًا من أطراف المدن الى مراكزها، وبعد انطلاق المشروع ضمن سقوفه المحددة، ستكون الهجرة باتجاه طريق التنمية، الذي سيحول موارد الاقتصاد من الانهار الى الطرق.