عامر بدر حسون
يذكرني بعض المتطرفين بـ "اناقة" و "حداثة" افكارهم ومواقفهم، بوجود نوعين من العبيد:
نوع يعيش حرا بعد تخلصه من العبودية ويحاول ان يساعد في تحرير غيره، لأنه ذاق طعم العبودية المهين.
ونوع يحاول ان يكون "سيدا" بتقليد السيد القديم واستعباد من هو اضعف منه.
اتذكر هذا وانا اقرا افكار عراقيين داخل العراق وخارجه عن القضية الفلسطينية هذه الايام.
فالسادة – العبيد يميلون الى اختصار محنة وقضية الشعب الفلسطيني بالمنظمات الاسلامية الفلسطينية.. ويربطون هذا الشعب برمته بأفعال قامت بها حماس.. متناسين عن عمد ان ليس لهم في بلدانهم ومجتمعاتهم، وفي فلسطين قوى فاعلة ومؤثرة غير القوى الاسلامية المسلحة وغير المسلحة.
وهم لفرط تحضرهم او رغبتهم في الظهور بمظهر السادة المتحضرين الاجانب.. يزايدون على هذا السيد الاجنبي، فيرفضون حتى وجود وقرارات الامم المتحدة! وهي منظمة من ارقى ما توصلت له البشرية.. ولها فضائل لا تخفى على احد في رفضها وتحريمها للعنصرية والاحتلال ورفضها فكرة استعباد الافراد او الشعوب.
وهؤلاء لا يقيمون في الخارج بالضرورة، بل لهم اشباه من السادة العبيد داخل العراق والبلدان العربية.
فهم يرون التحضر والاناقة الفكرية والانسانية في الدفاع عن القوي، المتحضر بغض النظر عن جوهر او تفاصيل القضية.
وهم حقا ضد الدولة الدينية وضد الاحزاب الدينية سوى انهم ينسون ان اسرائيل دولة قامت واستمرت على اسس دينية بالدرجة الاولى. لكنهم لا يعرفون، لا يريدون ان يعرفوا، ان اسرائيل منذ اعلانها كدولة قبل 75 سنة وحتى الان تعيش دون دستور! والسبب في هذا ان الاسرائيليين انفسهم لم يحسموا خلافهم على هوية دولتهم هل هي دينية ام ديمقراطية؟
وتقف الاحزاب الدينية عندهم ضد اقرار دستور لا يقر بدينية الدولة وفق الشريعة اليهودية. لكن هؤلاء السادة العبيد في الوقت نفسه يقفون ضد ايران لأنها دولة دينية رغم وجود دستور عندها واتباعها اجراءات واليات ديمقراطية في حياتها السياسية. وهم يقفون ضد، او يعيبون على، العراق انه دولة شبه دينية رغم ان لديه دستورا ويخضع في حياته السياسية لآليات الديمقراطية. والحال ان منطقتنا التي تعيش من كل جهاتها وتوجهاتها في ظل احزاب دينية، ولا تحديات او خيارات امامنا سوى التي تحددها هذه القوى.
وبدلا من مواجهة هذا التحدي بوسائل وانماط تفكير تسمح للمجتمعات ان تخرج من هذه الوحدانية الخطيرة في السياسة، يتم الوقوف ضد طرف لأنه ديني ويتم التغاضي عن طرف اخر رغم انه ديني حتى النخاع.
ويقوم هؤلاء السادة العبيد بالتركيز على دينية الاحزاب الفلسطينية ويتغاضون عن الطابع الديني القح لإسرائيل.
وليت الامر اقتصر على الوقوف ضد هذه الاحزاب والمنظمات الدينية عند هؤلاء السادة العبيد..
لكن ما حصل انهم أخذوا الشعب الفلسطيني بأكمله بجريرة هذا الحزب او تلك.
بل وزادوا على ذلك بإنكار عدالة قضيته وحقه في الوجود ورفض القرارات التي اصدرتها ارقى المنظمات البشرية مثل الامم المتحدة وما يتبع لها من تشكيلات والتي اعترفت واقرت هذا الحق.
لقد تم تحرير هؤلاء السادة العبيد لكنهم يقفون اليوم ضد أي تحرير لغيرهم من العبودية.