بغداد ـ العالم
يشهد عدد الصابئة في العراق انخفاضاً كبيراً، وذلك لعدة أسباب، منها تعرضهم لتهديدات أو ضغوطات، في ظل أجواء بعيدة عن حياة المدنية التي يحبذونها، حيث انخفض عدد الصابئة في البلاد الى أقل من 8 آلاف شخص، بعد أن كانوا أضعاف هذا العدد في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
تعد الطائفة المندائية أو الصابئية من أقدم الأديان في العراق، حيث تمتد بجذورها لأكثر من ألفي عام داخل بلاد الرافدين، وكلمة الصابئة مشتقة من "صبا" بمعنى انغمس أو غطس، فيما تفسر المندائي أو "مندا" بالمعرفة، فيطلق عليهم اسم العارفين بدين الحق أو المتعمدين، وبسبب قدم تاريخهم وتعرضهم لنكبات عديدة على امتداد المراحل الزمنية لا يملك المندائيون تاريخاً مدوناً للحديث عن ماضيهم، حيث تم إتلاف وحرق مدوناتهم بمرور السنين.
المخطوطات المندائية القديمة تشير إلى وجود أكثر من 400 معبد للطائفة، كانت موزعة على عموم العراق وغالبيتها في جنوب البلاد قبل العهد الساساني في بلاد النهرين، ثم تقلصت بعده إلى 170 معبداً بسبب سياسات مختلفة.
السياسي الصابئي وعضو مجلس النواب السابق نوفل شريف، يقول إن "عدد الصابئة في العراق انخفض الى اقل من 8 آلاف شخص، والعدد الأكبر منهم بدأوا يهاجرون بشكل طوعي"، مردفاً: "اذا سألنا أي صابئي هل تفضل الوطن أم الغربة؟ سيجيب بأنه يفضل الغربة".
ويضيف نوفل شريف انه "على سبيل المثال في منطقة القادسية بالعاصمة بغداد كنا 50 أسرة صابئية، والآن انخفض العدد الى 5 أسر فقط"، لافتاً الى أن "أكثر الأسر الصابئية كانت في البصرة وميسان وذي قار، لكن الكفة الآن في اقليم كوردستان مساوية للمحافظات الجنوبية من حيث أعداد الصابئة المندائيين، بسبب الأمان والتنوع والحياة المدنية في اقليم كوردستان".
ويشدد نوفل شريف على أن "الصابئة لا يحبذون الحياة العشائرية، وهنالك محاربة لهم بسبب المشروبات الكحولية وغيرها من الأمور"، منوهاً الى أن "أغلب الموجودين في جنوب العراق يمتهنون الصياغة، وهنالك موظفين، بينما القسم الاخر يمتهنون الأعمال الحرة أو عاطلين عن العمل".
ويتبع الصابئة المندائيون كتاب "كنزا ربا" أو الكنز الكبير، والذي يحوي صحف آدم الأولى وتعاليمه باللغة الآرامية الشرقية التي تعتبر لغة الصابئة، ويحوي الكتاب جزأين، الأول خاص بالأمور الدنيوية من وصايا وحكم ومفاهيم، والجزء الثاني خاص بالنفس بعد وفاتها ورحلتها من الجسد الفاني إلى أصلها، وهو عالم النور.
ويوضح نوفل شريف أن "عدد الصابئة في البصرة (جنوبي العراق) انخفض الى 1600 أسرة، بعد ان كانوا أكثر من 5000 أسرة، وفي محافظة الديوانية بقيت 20 أسرة صابئية فقط بعد أن كانوا 300 أسرة قبل عام 2003، أما في بابل فقد بقيت 10 أسر فقط، وفي الانبار 10 أسر أيضاً بعد أن كان عددهم يتجاوز المائة أسرة في كل من هاتين المحافظتين".
أما بخصوص هجرة الصابئة المندائيين الى خارج العراق، فيشير نوفل شريف الى أنه "في حقبة التسعينيات هاجروا الصابئة كعوائل، بينما الان يهاجر شبابهم، وأكبر دولة استضافت الصابئة المندائيين هي استراليا، حيث يوجد 17 ألف صابئي مهاجر، ومن ثم أميركا وأوروبا، ودول أخرى كنيوزيلندا والبرازيل، التي فيها نحو 60-70 عائلة صابئية من أصول عراقية، والمكسيك وتشيلي وغيرها".
ويؤكد نوفل شريف أن "في السابق كان العراق أكبر بلد يضم الصابئة المندائيين، بينما الآن باتت ايران تحتل المركز الاول بعدد الصابئة، والتي فيها نحو 40 ألف صابئي مندائي".