انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب يهدد الأمن الغذائي في شرق أفريقيا
19-تموز-2023
بغداد ـ العالم
في 17 يونيو (حزيران)، زار وفد من رؤساء الدول الأفريقية روسيا، وناشدوا الرئيس فلاديمير بوتين إنهاء الحرب في أوكرانيا، والحفاظ على اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية التي هددت موسكو في حينها بالانسحاب منها.
ودافعت رئاسة جنوب أفريقيا بشكل ملحوظ، من خلال صوت المتحدث الرسمي باسمها، عن "أهمية إيصال الحبوب إلى أفريقيا للتخفيف من انعدام الأمن الغذائي". وتقول صحيفة "لوموند" الفرنسية إن النداء لم يسمع، إذ أعلن الكرملين، الإثنين الماضي، انسحابه من الاتفاقية الموقعة في يوليو (تموز) 2022.
تستورد البلدان الأفريقية، التي يواجه العديد منها تضخماً وصعوبة متزايدة في إطعام سكانها، الكثير من حبوبها من خارج القارة. وتعتبر أوكرانيا وروسيا من بين المصدرين العالميين الرئيسيين للقمح أو الشعير أو الذرة.
وقدر بنك التنمية الأفريقي (AfDB) أن 15 من أصل 54 دولة أفريقية اشترت عام 2020 أكثر من نصف قمحها من أحد هذين البلدين.
ويقول رئيس بنك التنمية الأفريقي أكينوومي أديسينا إن شرق أفريقيا يمثل مصدر قلق خاصاً. روسيا وأوكرانيا توفران غالبية الحبوب في هذه المنطقة.
وتأثرت كينيا وإثيوبيا والصومال بجفاف قياسي هدد 13 مليون شخص بالمجاعة. وبعد اتفاقية الحبوب، اعتبر مبعوث الولايات المتحدة الخاص للأمن الغذائي العالمي، كاري فاولر وصول أول سفينة من القمح الأوكراني إلى المنطقة في أغسطس (آب) 2022 أنه "إغاثة".
33 مليون طن
ولفتت "لوموند" إلى أن الاتفاقية، التي أتاحت تصدير 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية (التي تعود بالفائدة على تركيا والصين، وكذلك برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة)، سوف تؤثر أولاً على المصدرين الأوكرانيين. ولكن التأثير على المبيعات الروسية غير مؤكد، رغم أن العقوبات الدولية لا تنطبق على المنتجات الزراعية.
مصر والسنغال
يقول الخبير الاقتصادي تشارلي روبرتسون إن شمال أفريقيا، وتحديداً مصر، ستعاني أكثر من غيرها من انسحاب روسيا من الاتفاقية.
ويوضح كبير الاقتصاديين السابق في "رينيسانس كابيتال"، الذي تم تحويله إلى صندوق FIM Partners، أن "غالبية واردات مصر من الحبوب تأتي من روسيا وأوكرانيا، لذا فإن كل تهديد لهذه التجارة، وكل ما يمكن أن يجعلها أكثر كلفة، يمثل معاناة مباشرة".
ويلفت إلى أنه في بلد يعاني تضخماً بنسبة 30%، فإن ارتفاعاً في "أسعار المواد الغذائية يضر بالمواطن".
وتفيد "رويترز" أن مصر خفضت اعتمادها على القمح الأوكراني من 28% إلى 9% من الواردات بين عامي 2021 و2022 لصالح القمح الروسي (من 50% إلى 57%).
ويضيف تقرير "لوموند" أن الدول الأفريقية الأخرى معرضة أقل لـ"قمح البحر الأسود". فالسنغال لم تعد تستورد القمح الأوكراني والروسي منذ بداية الحرب.
يوضح نائب المدير العام لشركة Grands Moulins de Dakar فرانك بافارد: "أعدنا توجيه أنفسنا إلى أوروبا، ولا سيما ليتوانيا ولاتفيا.. لذلك لا قلق لدينا في الأسابيع المقبلة"، مضيفاً أن السنغال طبقت نظام دعم عندما ارتفعت أسعار القمح في بداية الحرب.
إلى جانب مشكلة العرض، يمكن أن تتأثر البلدان الأفريقية بارتفاع الأسعار التي كانت انفجرت في بداية عام 2022، قبل أن تتراجع مرة أخرى بفضل اتفاقية الحبوب.
ففي السنغال، تراجع سعر القمح من 450 دولاراً (حوالي 400 يورو) للطن، عام 2022، إلى حوالي 280 دولاراً حالياً.
ويقول روبرتسون إنه لا يتوقع زيادة دائمة في الأسعار، لا سيما بسبب ارتفاع المخزونات مقارنة بعام 2022.
ويتساءل الخبير الاقتصادي عن التوقيت "المذهل" للقرار الروسي، الذي يأتي قبل أيام فقط من استقبال فلاديمير بوتين للقادة الأفارقة، في إطار قمة روسية أفريقية، مقررة يومي 27 و28 يوليو (تموز) في سان بطرسبرغ.
ومع ذلك، مهد سيد الكرملين الأرضية لهذا الإعلان، إذ كان تعهد في مارس (آذار) بأنه، في حال عدم تجديد الاتفاقية سيسلم القمح الروسي مجاناً للدول الأكثر احتياجاً في أفريقيا.